وليد صبري

نجاح كبير للمملكة بقيادة العاهل في رئاسة القمّة العربية
إعلان «مملكة البحرين» عن التعايش السلمي مرجع دولي للتسامح والحوار
البحرين تتخذ دوراً قيادياً بالانضمام للجهود الدولية لتأمين الملاحة
علاقات دبلوماسية وصداقة بين البحرين وألمانيا لأكثر من نصف قرن
إعلان «مملكة البحرين» عن التعايش السلمي مرجع دولي للتسامح والحوار
البحرين تتخذ دوراً قيادياً بالانضمام للجهود الدولية لتأمين الملاحة


أكد سفير جمهورية ألمانيا الاتحادية لدى مملكة البحرين كليمنس أوغستينوس هاتش، أن «مبادرة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظم بشأن الدعوة إلى انعقاد المؤتمر الدولي للسلام ورغبة البحرين في استضافة المؤتمر سوف تؤدي إلى التسوية السلمية للقضية الفلسطينية»، مشيراً إلى «ضرورة العمل في أقرب وقت ممكن على التسوية العادلة التي تمنح الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة بالإضافة إلى توفير الأمن لجميع السكان في المنطقة، بناءً على حل الدولتين»، منوهاً إلى «النجاح الكبير الذي حققته الدبلوماسية البحرينية في استضافة القمّة العربية الـ33 برئاسة جلالة الملك المعظم منتصف الشهر الماضي».
وتحدث السفير كليمنس أوغستينوس هاتش في حوار لـ»الوطن» عن «علاقات دبلوماسية وصداقة قوية تربط بين البحرين وألمانيا لأكثر من نصف قرن»، لافتاً إلى أن «ألمانيا تعتبر واحدة من أكبر شركاء التجارة في أوروبا وأكبرها في عام 2023».
وذكر أن هناك تعاوناً بين البلدين في شتى المجالات وعلى كافة الأصعدة، موضحاً أن «المنتجات الطبية والصيدلانية الألمانية من بين الأفضل عالمياً وتسهم إلى حد كبير في الجودة الممتازة للخدمات الطبية في البحرين».
وأشار إلى أن «البحرين تتخذ دوراً قيادياً من خلال الانضمام للجهود الدولية لتأمين الملاحة حيث يتم الاعتراف بهذا الدور على الصعيد الدولي، وقد تضمّن إعلان البحرين في القمة العربية إدانة قوية جداً لهجمات الحوثيين مع ضرورة الالتزام بحرية الملاحة». وإلى نص الحوار:
ما هي الأفكار والخطط بشأن تطوير العلاقات بين البحرين وألمانيا في المرحلة المقبلة؟ وما هي المجالات الرئيسة للتعاون التي ترغب في تعزيزها وتطوير شراكة مع المملكة؟
- ألمانيا والبحرين تشتركان في علاقات دبلوماسية وصداقة تمتد لأكثر من 50 عاماً، نحن نشترك أيضاً في القيم المشتركة والالتزام القوي بالنظام القائم على القواعد الدولية كما هو منصوص عليه في الوثائق التأسيسية للأمم المتحدة. على سبيل المثال، انضمت بلداننا إلى الأمم المتحدة في وقت مشابه، في بدايات السبعينات، وقد استفدنا كلانا من مبادئ السيادة وحل النزاعات بطريقة سلمية، البحرين عند استقلالها، وألمانيا في لحظة وحدتنا.
تتمتع ألمانيا والبحرين أيضاً بعلاقات قوية بين الشعوب وروابط اقتصادية، حيث يسافر العديد من البحرينيين إلى ألمانيا للغرض الطبي أو التجاري أو السياحي، وتعتبر ألمانيا باستمرار واحدة من أكبر شركاء التجارة في أوروبا وأكبرها في عام 2023. مثل كل علاقة صداقة جيدة، تتطلب العلاقات بين الدول رعاية مستمرة، وهذا لا يحصل فقط من خلال الاستثمار في عمل السفارات، ولكن الأهم من ذلك من خلال التبادلات واللقاءات الدورية على المستوى السياسي والرسمي العالي بين حكوماتنا وبرلماناتنا. نحن أيضاً نسعى إلى تعزيز قدرات المؤسسات التي تشكل أساس تعاوننا حيث ابتداءً من هذا الصيف، ستضم سفارتنا دبلوماسياً إضافياً. كما أعادنا تنشيط جمعية الصداقة البحرينية الألمانية، ونعمل على إنشاء غرفة تجارية أوروبية، ستساهم في تعزيز علاقاتنا التجارية بشكلٍ إضافي.
كيف تنظر إلى التعايش السلمي والتسامح الديني في البحرين؟
- إعلان «مملكة البحرين» عن التعايش السلمي الذي أصدره حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم في يوليو 2017 أصبح مرجعاً دولياً للتسامح الديني والحوار. بالمثل، يعتبر «مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي» له دور قوي دولياً في هذا المجال.
هذا العمل يستند بوضوح إلى تقليد من التفتح والتسامح الذي يتجذر بعمق في تاريخ وثقافة البحرين. نحن نثني ونحترم البحرين لضمانها ممارسة حريتهم الدينية للأجانب والبحرينيين على حد سواء. كاتدرائية «سيدة العرب» في عوالي والبناء المخطط له لمعبد هندوسي جديد في المنامة هما مثالان بارزان فقط على هذه الثقافة.
هل لنا أن نتطرّق إلى مسيرتكم الدبلوماسية؟
- مساري الدبلوماسي على مدى 25 عاماً شهد العمل في حل الأزمات الدولية وعمليات السلام، على سبيل المثال في أفغانستان وسوريا والعراق وكولومبيا وغرب أفريقيا. هذا أعطاني اهتماماً محدداً بقضايا السلام، ولذلك أقدّر بشدة عمل الدبلوماسية البحرينية ونداءاتها للسلام ووقف العنف. لقد أظهرت لي تجربتي أيضاً أن السلام الدائم لا يمكن تحقيقه على أساس العنف والظلم. ويطبق هذا بنفس القدر اليوم على غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة كما هو الحال في أوكرانيا. إن احترام مبادئ القانون الدولي وحقوق تقرير المصير والهوية الوطنية يمكن أن يوفر الشروط للسلام الدائم. في حالة فلسطين وإسرائيل، هو حل الدولتين القائم على حدود عام 1967 بما في ذلك القدس الشرقية. وفي حالة أوكرانيا، إعادة السيادة الكاملة على الحدود السابقة لهجمات روسيا في عام 2014.
ما هي النتائج المترتبة على قرار الاتحاد الأوروبي بمنح تأشيرة شنغن للمواطنين البحرينيين لمدة 5 سنوات؟
- تم اتخاذ هذا القرار في سياق التعاون الاستراتيجي بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي، والآن ينطبق على جميع دول مجلس التعاون الخليجي. إنه شهادة على إرادتنا لتقوية علاقاتنا الثنائية وتعزيز التبادل والتعاون بين بلداننا على جميع المستويات. بالنسبة للأشخاص، يعني ذلك أن تأشيرتك ستكون مرة واحدة فقط كل 5 سنوات، وأنك ستكون قادرا على القيام برحلات متى ما شئت إلى أوروبا، سواء أكان ذلك لحضور مباراة كرة قدم خلال بطولة «يورو 24»، أو مهرجان أكتوبر في ميونيخ، أو مهرجان الميناء في هامبورغ، أو لرؤية أحد أطبائنا الممتازين إذا كنت بحاجة إلى علاج طبي.
تعتبر ألمانيا وجهة للعلاج الطبي، هل فرصة تعزيز التعاون الطبي والصحي متوقعة بين البحرين وألمانيا في مختلف المجالات الطبية؟
- بالفعل، اكتسبت ألمانيا سمعة كوجهة رئيسة للعلاج الطبي، نظراً للمعايير العالية للغاية بأسعار معقولة للغاية. لقد أصبح العديد من البحرينيين يقدّرون ألمانيا ويعرفونها أفضل بسبب العلاج الطبي لأنفسهم أو لأقاربهم. ولكنْ لدينا أيضاً تعاون قوي على المستوى التقني، وتعتبر المنتجات الطبية والصيدلانية الألمانية من بين الأفضل عالمياً وتسهم إلى حد كبير في الجودة الممتازة للخدمات الطبية في البحرين. في ديسمبر الماضي، شهدنا مشاركة ألمانية هامة في منتدى الصحة في المنامة، حيث قدمت العديد من الشركات الألمانية في قطاع الصحة مهاراتها ومنتجاتها، بالإضافة إلى وفد قاده نائب وزير الصحة الألماني البروفيسور د.فرانكه.
ماذا عن جهود السفارة الألمانية في نشر وتعليم اللغة الألمانية في البحرين؟
- سفارة ألمانيا في البحرين قادت دورات في اللغة الألمانية في المملكة لسنوات عديدة. نحن حالياً في مرحلة انتقالية ونأمل أن تقدم جمعية الصداقة البحرينية الألمانية التي نريد تفعيلها أكثر قريباً، دورات في اللغة الألمانية للبحرينيين. إن تعلم اللغة الألمانية التي تتضمن كنزاً عظيماً من الفلسفة والأدب والطب والهندسة والعديد من المجالات، وهي حتماً سوف تفتح باباً إلى ثقافة جديدة تماماً، ويمكن أن تكون أيضاً بوابتك إلى تعليم ثانوي جيد جداً وغير مكلفة للغاية، حيث تكون الجامعات الألمانية في الأساس مجانية وتكاليف المعيشة في ألمانيا معتدلة للغاية.
كيف تقيّمون جهود البحرين في الحفاظ على الملاحة البحرية في المنطقة والتهديدات التي يشكلها الحوثيون على الملاحة البحرية، وما هو الدور الألماني في هذا الأمر؟
- كثيرون لا يدركون أن هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر تؤثر بشكل أكبر على الدول العربية من غيرها. تتأثر مصر بشكل خاص حيث خسرت جزءاً كبيراً من من الإيرادات المعتادة من قناة السويس، وهي واحدة من المصادر الرئيسة للعملة الأجنبية للبلاد. بالإضافة إلى ذلك، تتأثر موانئ جدة والعقبة بشكل كبير، مما أدى إلى تحويل الكثير من حركة المرور إلى موانئ البحرين والدمام وغيرها هنا في الخليج، مما أدى إلى تأخير جدي في وصول البضائع وبالتالي زيادة أسعار المستهلكين.
في هذا السياق، اتخذت البحرين دوراً قيادياً مهماً من خلال الانضمام إلى الجهود الدولية لتأمين حرية الملاحة. لقد تم الاعتراف بهذا الدور على الصعيد الدولي، وقد تضمّن إعلان البحرين في القمة العربية إدانة قوية جداً لهجمات الحوثيين والتزاماً بحرية الملاحة.
نشرت ألمانيا فرقاطة هيسن المتطورة للغاية، كجزء من مهمة بقيادة أوروبية لحماية حرية الملاحة في البحر الأحمر «أسبيدس». وهي مهمة دفاعية بحتة، ترافق السفن التجارية وتحميها من الهجمات الجوية للحوثيين، سواء بطائرات مسيرة أو صاروخية. عادت هيسن حالياً إلى ألمانيا وهناك فرقاطة أخرى على وشك الانضمام مجدداً لدعم هذه المهمة.
هل يمكن التطرّق إلى جهود البحرين وألمانيا لوقف الحرب في غزة؟ برأيك ما هي السُبل لإنهاء هذه الحرب وحماية المدنيين وإيصال المساعدات لغزة؟ هل ستشارك ألمانيا في إعادة إعمار غزة؟
- ما حدث في إسرائيل وغزة، وأيضاً في الأراضي الفلسطينية المحتلة، منذ هجوم حماس في السابع من أكتوبر، هو مأساة فظيعة. لقد عملت كل من بلدينا منذ ذلك الحين نحو نفس الهدف: وقف الدماء، ووقف المعاناة، وتوفير المساعدات الإنسانية الكافية، وتحرير الرهائن، والعمل في أقرب وقت ممكن على تسوية عادلة وعادلة تمنح الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة بالإضافة إلى توفير الأمن لجميع السكان في المنطقة، بناءً على حل الدولتين. نرحب بجهود البحرين في القمة العربية وفي تنفيذ إعلان قمة البحرين، للعمل على خلق الظروف الملائمة لتسوية سلمية، بما في ذلك عرض استضافة مؤتمر سلام في المملكة.
ألمانيا تعتبر تقليدياً واحدة من أكبر داعمي السلطة الفلسطينية و»الأونروا» والشعب الفلسطيني. منذ شهر أكتوبر، قدمت ألمانيا ما يقرب من 300 مليون يورو في مجال المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، ونحن قمنا بنشاط دبلوماسي إنساني قوي لضمان وصول المساعدات الدولية إلى غزة. كما شاركت ألمانيا في إلقاء المساعدات الجوية، مدركة تماماً أن هذه المساعدات يمكن أن توفر جزءاً ضئيلاً مما هو مطلوب ولا يمكن أن تحل محل دخول الشاحنات. يجب أن يتم تضمين أي خطة للإعمار في حل سياسي دائم. إذا توفرت الشروط المناسبة، فسوف تكون ألمانيا بالتأكيد مستعدة لمساعدة أصدقائنا الفلسطينيين في إعادة بناء وطنهم.
هل تعتقد أن هناك نهاية للحرب الروسية الأوكرانية؟ ما هو السبيل لإنهاء الحرب دبلوماسياً؟
- قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها الذي يدين الهجوم الروسي على أوكرانيا بتوضيح من البداية أن الحل يكمن في احترام القانون الدولي، واحترام سيادة وسلامة أراضي أوكرانيا. إذا كانت روسيا على استعداد لقبول هذا المبدأ العالمي للقانون الدولي، فإن الحرب ستنتهي غداً. إذا قامت روسيا بسحب قواتها إلى حدودها المعترف بها دولياً، ففي تلك اللحظة ستنتهي الحرب. لا أحد يهدد روسيا، لكن طالما يقرر الشعب الأوكراني القتال من أجل سيادته، فسوف ندعمهم، عسكرياً ومالياً وسياسياً. كأوروبيين، لا يمكننا قبول هذا الغزو الإمبريالي على قارتنا.
كان من الممكن أن يكون هناك حل دبلوماسي سريع إذا اتبعت جميع القوى الكبرى نفس النهج الواضح والمبدئي بشأن أوكرانيا كما أظهرته ألمانيا ومملكة البحرين.
للأسف، لم تكن هذه هي الحالة، مما دفع روسيا إلى مواصلة محاولتها لقمع جارتها أوكرانيا، وهي دولة عضو سيادي في الأمم المتحدة.
ستستضيف سويسرا يومي 15 و16 يونيو مؤتمر السلام لأوكرانيا، والذي من المتوقع أن يحدد شروط التسوية. وسيتعين علينا أن نرى ما إذا كانت روسيا مستعدة للدخول في مفاوضات جادة على هذا الأساس.
ألمانيا أيضاً سوف تستضيف مؤتمر تعافي أوكرانيا في 11 و12 من هذا الشهر وهدفه هو حشد الدعم الدولي للتعافي وإعادة الإعمار والإصلاح والتحديث في أوكرانيا.
ما هي آخر التطورات بشأن انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي؟
- رداً على الهجوم الروسي على أوكرانيا، منحت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أوكرانيا وضع مرشح للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. لقد تم اتخاذ الخطوات الأولى، ولكن هذه عملية العديد من السنوات.
وفيما يتعلق بعضوية حلف شمال الأطلسي، ففي حين تدعم أغلب الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي أوكرانيا في معركتها الدفاعية ضد روسيا، فإن العضوية لن تكون ممكنة إلا بعد الحرب.
ما تعليقكم على نتائج الانتخابات الأوروربية؟
- الانتخابات الأوروبية هي أسلوب فريد من نوعه حيث يشارك 350 مليون مواطن من 27 دولة في التصويت لصالح برلمان واحد سيسهم في توجيه مصير كتلة 500 مليون شخص وهي الاتحاد الأوروبي. إحدى الأخبار الجيدة للانتخابات الأوروبية هي أن معدل المشاركة كان أعلى من أي وقت مضى، مما يظهر أن الناس في أوروبا يقدرون أهمية البرلمان الأوروبي والاتحاد الأوروبي ويرغبون في انتخاب ممثليهم من أجل تشكيل سياسات الاتحاد الأوروبي. في ألمانيا، صوت نسبة قياسية من الناخبين بلغت 64.8%.
وبطبيعة الحال، كما هو الحال في كل انتخابات، هناك فائزون وخاسرون. وفي ألمانيا، فقدت الأحزاب التي تشكل الحكومة الائتلافية الحالية الدعم الشعبي. من ناحية أخرى، حصل حزب رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين على دعم شعبي ولا يزال القوة الأقوى في البرلمان الأوروبي.
وفي ألمانيا، كانت الهجرة وتغير المناخ والهجوم الروسي على أوكرانيا من بين الاهتمامات الرئيسة للناخبين. فقد جمعت أحزاب مثل حزب البديل من أجل ألمانيا وتحالف فاجنكنشت، الذين لديهم موقف مقيد للغاية ضد الهجرة وفي الوقت نفسه يدافعون عن المواقف المؤيدة لروسيا، حوالي 20% من الأصوات، في حين تكبد حزب الحفاظ على الطبيعة «الخضر» خسائر فادحة.