وليد صبري

استشهاد 48 أسيراً فلسطينياً في سجون إسرائيل منذ 7 أكتوبر الماضي

لا سلام في المنطقة بدون إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس

الأسرى الفلسطينيون يرفعون شعار «واحد من أجل الكل.. والكل من أجل واحد»

استشهاد 48 أسيراً فلسطينياً في سجون إسرائيل منذ 7 أكتوبر الماضي

الأسرى الفلسطينيون يرفعون شعار «واحد من أجل الكل.. والكل من أجل واحد»



أكد عميد الأسرى الفلسطينيين والعرب كريم يونس أن «مبادرة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظم بعقد المؤتمر الدولي للسلام، محل تقدير واحترام، حيث تعد المبادرة انتصاراً للقضية الفلسطينية، خاصة مع زيارة جلالة الملك المعظم إلى كل من روسيا والصين عقب انعقاد القمة العربية الـ33 في مملكة البحرين والتي شهدت إعلان المبادرة البحرينية»، موضحاً أن «شعب البحرين دائماً خير داعم ومساند للقضية الفلسطينية منذ قديم الأزل»، وهذا ما لمسناه منذ القدم ومشاركة بحرينيين في حرب 1948».
وأضاف يونس في حوار مع «الوطن» على هامش زيارته الأخيرة للبحرين أن «الأسرى الفلسطينيون يرفعون شعار «واحد من أجل الكل.. والكل من أجل واحد»»، مشدداً على أن «الإجراءات الإسرائيلية التي تمارس في السجون والمعتقلات بحق الأسرى وبينها التعذيب والضرب والتنكيل لن تثنيهم عن نضالهم»، منوهاً إلى أن «الأسرى الفلسطينيين يدركون تماماً أنهم في موقع نضالي وسوف ينتقلون إلى موقع نضالي آخر، من أجل نصرة قضيتهم وبلدهم»، متحدثاً عن «استشهاد 48 أسيراً فلسطينياً في سجون إسرائيل منذ 7 أكتوبر الماضي».
وقال يونس الذي قضى في سجون ومعتقلات إسرائيل نحو 40 عاماً، حيث اعتقل في 6 يناير 1983 وأطلق سراحه في 5 يناير 2023: «لا سلام في المنطقة بدون إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس»، موضحاً أن «الفلسطينيين لن يرفعوا الراية البيضاء ويرددون دائماً «نموت في بيوتنا ولن نرحل»».
وأوضح عميد الأسرى الفلسطينيين والعرب أن «الوحدة الوطنية والجغرافية الفلسطينية ضرورية اليوم أكثر من أي وقت مضى، من أجل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس»، لافتاً إلى أن «إسرائيل تسعى لإضعاف السلطة من أجل تصفية القضية الفلسطينية».
وشن هجوماً حاداً على الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل، مؤكداً أنها «تمارس إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني سواء في غزة أو الضفة الغربية»، مشيراً إلى أن «تلك الحكومة تتعمد افتعال المشاكل والخلافات مع مصر». وإلى نص الحوار:
حدثنا عن زيارتكم الأولى للبحرين؟
- اسمح لي أن أعرب عن سعادتي بزيارتي الأولى إلى مملكة البحرين، لقد فاقت تصوري، هذا البلد الصغير مساحة وجغرافية، لكن كبير بسياساته وتعدديته والجمعيات السياسية الموجودة فيه، ومن المهم في هذا الصدد أن نشيد بمبادرة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المعظم بالدعوة إلى عقد مؤتمر دولي للسلام من أجل إيجاد حل للقضية الفلسطينية، حيث تأتي تلك الدعوة المباركة مع التعاطف القوي الذي تشهده القضية الفلسطينية والدعوة إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية خاصة مع ما يحدث في غزة منذ 7 أكتوبر الماضي وما قبل ذلك، حيث خلقت أجواء أفضل بعد «طوفان الأقصى»، حيث إن هذا المؤتمر يمثل ضغطاً دولياً على إسرائيل من أجل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
هل لنا أن نتطرق إلى تجربتكم في الأسر في سجون إسرائيل على مدار 4 عقود؟
- تجربتي في سجون إسرائيل ليست سهلة، ولا يمكن تلخيصها في مقابلة واحدة، لكن الأساس أن المناضل الفلسطيني يبقى على موقفه، لقد تم اعتقالي وأسري في سجون إسرائيل في يناير 1983، وهي بالطبع لا تشبه سجون اليوم السيئة أيضاً، لكن الوضع كان صعباً جداً منذ 40 عاماً، حيث كان الازدحام أكثر، وربما كان هناك في الغرفة الواحدة نحو 20 أسيراً فلسطينياً، وكان الأسرى في الغرفة ينامون على مراحل، لكن تجربة الاعتقال والأسر على مدار نحو 40 عاماً علمتني أن الفدائي والمناضل الفلسطيني يشعر أنه في موقع نضالي وسوف ينتقل إلى موقع نضالي آخر، يمكن تهون عليه تلك الأحداث والمواقف، لأنه يعتبر نفسه أنه يناضل من أجل القضية الفلسطينية من داخل المعتقل أو السجن، ولقد حاولت إسرائيل من خلال مجموعة من الإجراءات أن تغير من نفسية ووضع الأسير الفلسطيني، حيث حاولت ترويضه وأن يكون متمرداً على أهله ومجتمعه وشعبه وبلده، وانتهجت إسرائيل إجراءات تجعل الأسير والمناضل الفلسطيني يكفر بقضيته وبمبادئه النضالية من أجل تحرير بلاده، وربما يلعن اليوم الذي دخل فيه إلى الأسر والاعتقال، ويكره اليوم الذي انتمى فيه لصفوف الثوار، وهذا ما أرادوه وهنا أتذكر ما قاله وزير الدفاع الإسرائيلي في بداية السبعينات، موشي ديان، من قبل «سنجعل من هؤلاء الذين يطلقون على أنفسهم اسم فدائيون، سنجعل منهم أدوات آدامية طيعة»، ولذلك حاولت إسرائيل أن يكون المناضلون والفدائيون والأسرى والمعتقلون بلا جدوى، لكن نحن واجهنا هذا التحدي جميعنا، ورفعنا شعار «واحد من أجل الكل.. والكل من أجل واحد»، فعندما كانوا ينفردون في أسير أو معتقل أو سجين، كانوا يعذبونه عذاباً شديداً، لكن عندما وقف الأسرى وقفة واحدة وعندما صار هناك قيادات يتعاملون بشكل جماعي تحت الشعار الذي ذكرناه، كان الأسرى يقومون بمهاجمة شرطة الأسر والاعتقال وتحدث مواجهات عنيفة داخل ساحات الأسر، حيث أصبح الوضع مختلفاً وتم إجبار السجان الإسرائيلي على السعي لإرضاء الأسير الفلسطيني، وهذا التحدي اكتشف الأسرى من خلاله أن بيدهم سلاحاً قوياً وبدؤوا يخططون من خلاله للمشاريع النضالية وعلى رأسها سلاح الإضراب عن الطعام من أجل تحسين شروط حياتهم وقد ارتقوا في أوضاعهم بشكل تدريجي إلى أن حصلوا على حياة كريمة وعزة داخل السجون والمعتقلات وكانت عملياً معقلاً للثوار وصنعنا من السجون مدارس وأكاديميات تخرج المناضلين والفدائيين.
أكثر من 18 عملية تبادل أسرى تمت بين الفصائل الفلسطينية ودول عربية، مع إسرائيل، كيف كان شعوركم وإسرائيل في كل مرة ترفض إطلاقكم على مدار 4 عقود؟
- كانت السلطة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية في كثير من عمليات التبادل تطرح اسمي، لكن إسرائيل كانت ترفض وتزعم أن «هذا يحمل جنسية إسرائيلية وليس لكم شأن فيه، فهو يخص دولة إسرائيل، وكانوا هكذا يدعون، لكن في الحقيقة كان التعامل معنا مثل باقي الأسرى الفلسطينيين شأني مثل شأن أي أسير آخر، وكان اسمي مدرجاً في عملية تبادل أسرى عام 1985، وفي آخر لحظة تم إرجاعي من «الباص»، وعلى سبيل المثال في اتفاقيات أوسلو تم إطلاق أكثر من 15 ألف أسير ولم أكن منهم، لكن هناك معايير تضعها إسرائيل وتختار من يطلق سراحه ومن يبقى في الأسر، فكانوا يحاولون الابتعاد عن أصحاب العمليات النوعية والمحكوم عليهم بالمؤبد أو ما هم أطلقوا عليهم ويزعمون أن «أياديهم ملطخة بالدماء الإسرائيلية».
هل كانت هناك خصوصية في التعامل مع أسرى «عرب 48» و«فلسطينيي الداخل»؟
- لم تكن هناك أية خصوصية في التعامل معنا، ربما في البدايات، في أوائل الثمانينات، أسرى القدس والداخل، كانوا في سجن الرملة وكانت إسرائيل تحاول عزلهم عن باقي الأسرى.
كيف يمكن وصف أوضاع الأسرى الفلسطينيين في سجون إسرائيل؟
- في البداية كانت الحياة أكثر صعوبة من الآن، وأرادوا لنا أن نتغير وبشكل منهجي، على سبيل المثال، لا يوجد طعام كافٍ، بالإضافة إلى حالة الازدحام والاكتظاظ داخل غرف الأسر والاعتقال، والخروج إلى الساحة كان لا يتجاوز نصف ساعة، وكانت هناك محاولات مكثفة للاعتداء على الأسرى وترويضهم، لكن التنظيم الجيد للأسرى أدى إلى تغير الوضع بشكل مناسب، بدؤوا يحسنون من ظروف حياتهم، ومع بداية عام 2000 وصلنا إلى مرحلة أن يكون هناك جامعة داخل السجون، كما تم التعاقد مع جامعات فلسطينية مثل جامعة القدس، وجامعة القدس المفتوحة، حتى يستطيع الأسير أن يدرس ويتعلم، والكثيرون انتسبوا للجامعات وتخرجوا من داخل الأسر والاعتقال والسجن، وأنا واحد منهم.
ما أسوأ اللحظات التي مرت عليك داخل سجون إسرائيل؟
- السجن هو سجن، مهما كان، حتى وإن كنت تؤمن من داخلك أنك في موقف وموضع نضالي ولا تعد السنوات، لكن يظل الشخص في السجن، حريته مسلوبة، وإذا كانت فلسفة السجون هي سلب حرية الشخص لمدة من الزمن كي يتم تهذيب سلوكه، وهذا بشكل عام، لكن الاحتلال الإسرائيلي يضع الأسير الفلسطيني في ظروف سيئة جداً، من أجل الضغط وما يحدث اليوم لدى الأسرى يمثل كارثة كبيرة، حيث يستغلون مسألة الطوارئ، حيث تقوم السلطات في السجون بتجريدهم من كل شيء وسلب كل حقوقهم التي أنجزوها على مدار سنوات، فعلى سبيل المثال، من 7 أكتوبر الماضي، وحتى اليوم، استشهد 48 أسيراً فلسطينياً في سجون إسرائيل، خاصة بعدما كشفت قناة «سي إن إن» الأمريكية التعامل المهين من إسرائيل مع الأسرى الفلسطينيين الجدد، والذين معظمهم من غزة، زعمت إسرائيل أنها سوف تحقق في الأمر، لكنك تستغرب أنه على مدار 40 عاماً، كان الوضع سيئاً جداً لكن ربما تطور إلى الأفضل شيئاً فشيئاً، حيث كانت السجون تحكم نفسها بنفسها، وعلى سبيل المثال، عندما يتحدث طبيب إسرائيلي عن أن «القيود الحديدية التي توضع في يد الأسير الفلسطيني تسبب آلاما مبرحة له وتضغط على يديه الأمر الذي يؤدي إلى قطعها وبترها»، هذا ما ذكره ذلك الطبيب الإسرائيلي، فما بالنا بالذي لم يتم الحديث عنه والمسكوت عنه في سجون إسرائيل، وإذا كان الوضع سيئاً، فإنه في المقابل الأسرى معنوياتهم مرتفعة، وهم يردون على السجان بابتسامة تقول «سوف نتحرر قريباً غصباً عنك». وقد مرت علي في الأسر لحظات صعبة مثل وفاة الوالد ووفاة الوالدة، وعلى الجانب الآخر، تعودنا أن نقف إلى جانب أي أسير يفقد أي شخص عزيز عليه، خاصة إذا كان الوالد أو الوالدة، ولدينا طقوس داخل السجن حيث نقوم بفتح بيت عزاء، وهذا من أصعب اللحظات، أن يتلقى الأسير خبر وفاة عزيز عليه سواء والده أو والدته أو أخيه، فما بالك بالأسير عندما يفاجأ بالخبر، ويقوم الصليب الأحمر بإخبار مصلحة السجون ثم تقوم المصلحة بإخباره، فهذه لحظات صعبة جداً، لكن أيضاً هناك لحظات صعبة أخرى، وهي أن هناك أسرى معينين ممنوع عليهم الزيارة، ويبقى الأسير لمدة تصل إلى 10 سنوات لا يعلم أي شيء عن أهله، وممنوع من الزيارة، وبعد الانتفاضة الثانية صار الوضع أكثر صعوبة فيما يتعلق بزيارات الأسير، حيث كانت الزيارة محظورة بذريعة أن عليه حظر أمني، تخيل أن والدتك عمرها 80 عاماً أو ابنك الذي عمره 6 أشهر أو عام أو عامين يمنعوهم من زيارتك بذريعة أنهم خطر على أمن الدولة، وتخيل أن شخصاً ترك ابنه وعمره عام أو عامين أو ربما كانت أمه حاملاً فيه، ويكبر الولد ويتزوج ووالده في الأسر لا يعرفه، ومن أصعب اللحظات أن يلتقي أسير عمره 20 عاماً بأبيه الأسير في السجن أو المعتقل، والوالد لا يعرف ابنه، ويلتقيان لأول مرة داخل السجن، الابن ربما يتعرف على أبيه من الصور، لكن الأب لا يعرف ابنه، لأنه لم يرَه من قبل، وهذه المواقف صارت أكثر من مرة.
كيف ترون نصرة البحرين للقضية الفلسطينية؟
- القضية الفلسطينية هي قضية العرب منذ أن زرعت إسرائيل في العالم العربي كي يبقى مشتتاً، لأنهم يدركون أن وحدة الوطن العربي خطر على إسرائيل والغرب، لكن يريدون لهذا الوطن أن يكون مشتتاً وأن يكون لكل دولة مصالح خاصة، والعرب يدركون هذا الأمر، لأن إسرائيل مشروع أمريكي أوروبي، ومن هنا، يجب على العرب الإيمان بأن القدس والمسجد الأقصى ليسا للفلسطينيين وحدهم، فالقضية الفلسطينية هي قضية العرب، وبالتالي الدعم الرسمي والشعبي من العرب ضرورة من أجل حل القضية الفلسطينية، ونحن ندرك أن الكثير من الدول العربية تدعم الفلسطينيين وتدعم القضية الفلسطينية سواء سياسياً أو مادياً، لكن الضغط على الغرب، والموقف العربي في المحافل الدولية، مهم جداً، في مواجهة الدعم الأمريكي لإسرائيل.
أما فيما يتعلق بالموقف البحريني فهو موقف جدير بالاحترام والتقدير، والمبادرة البحرينية الأخيرة لجلالة الملك المعظم هي مبادرة جديرة بالاحترام لأنها تعبر عن الموقف الفلسطيني، واليوم العالم مهيأ لذلك، لأن هناك الكثير من الدول التي تعترف بالدولة الفلسطينية، وهنا لا ننسى توجه جلالة الملك المعظم إلى روسيا والصين في محاولة لترسيخ فكرة ضرورة عقد المؤتمر الدولي للسلام، ودائماً الموقف البحريني والعربي يساند القضية الفلسطينية ولذلك الموقف البحريني من القضية الفلسطينية دائماً يستحق تعظيم سلام.
كما أن الشعب البحريني شعب طيب، وقد لامست أن البحرينيين لم يكونوا فقط مع الفلسطينيين في حرب 1948، بل إنما هم دائماً يساندون القضية الفلسطينية منذ قديم الأزل.
كيف ترون الموقف العربي الموحد في قمة البحرين العربية لنصرة القضية الفلسطينية؟
- نحن بالتأكيد بحاجة لوحدة الصف والموقف العربي ومبادرة جلالة الملك المعظم تشكل وحدة للعرب لأن كل الدول العربية تساند القضية الفلسطينية وكما ذكرت أن القضية الفلسطينية استحوذت على أغلبية مناقشات اجتماعات القمة العربية وتمخض عنها هذه المبادرة الجديرة بالاحترام والتقدير فهذا يدل على إجماع العرب، والنتائج التي خرجت من قمة البحرين كانت متميزة بالنسبة للفلسطينيين، لذلك نحن نريد مزيداً من الضغط على المجتمع الدولي من أجل تنفيذ المزيد من قرارات القمة ومبادرة جلالة الملك المعظم، لذلك نريد من كل الدول العربية أن تنهج نهج جلالة الملك المعظم، كما أنه تم تشكيل لجنة من وزراء الخارجية العرب لكي يقوموا بهذا الدور وسوف يساعدون الفلسطينيين في ذلك.
أكثر من 120 ألف شهيد وجريح فلسطيني منذ 7 أكتوبر.. كيف ترى مستقبل الحرب الإسرائيلية على غزة؟
- العدوان الإسرائيلي على غزة لم يبدأ في 7 أكتوبر الماضي، فعلي سبيل المثال منذ يناير 2023 وحتى قبل 7 أكتوبر 2023، هناك نحو 585 شهيداً فلسطينياً في الضفة الغربية، لأنه كل يوم كانت القوات الإسرائيلية تقتحم جنين أو نابلس أو طولكرم أو المخيمات، لأن الهدف الإسرائيلي واحد، وهدف الحكومة اليمينية المتطرفة التي يقودها فعلياً متطرفون، مثل وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، صار خطابهم السياسي المعلن أمام المجتمع الدولي الصامت، فهؤلاء يقولون «لا نريد فلسطينيين في فلسطين»، وقبل 7 أكتوبر، كانوا يقولون «إما على الفلسطيني أن يقسم قسم الولاء لإسرائيل وإما أن يرحل لأكثر من 20 دولة عربية»، وهذا هو الوجه الحقيقي للحركة الصهيونية، وهم من يقولون أن الضفة الغربية وقطاع غزة أراضي محررة ولا يمكن التنازل عن شبر منها، ولذلك أحداث 7 أكتوبر كانت رداً على الضغط والحصار والقتل المستمر في غزة والضفة الغربية، وما حدث في 7 أكتوبر لا يمكن تجاهله لأنه يمثل أول اختراق أمني وسياسي لإسرائيل منذ 50 عاماً، منذ حرب أكتوبر 1973، بعبور قناة السويس واقتحام خط بارليف، وهذا الاختراق يجب أن يترجم بالنتائج على مستوى وطني ليس على مستوى غزة فقط ولكن يشمل كل الأراضي الفلسطينية المحتلة وإذا قلنا إن الفعل كان استراتيجياً فلابد أن تكون نتائج ما حدث استراتيجية أيضاً على مستوى وطني وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا بمقاربة سياسية وعودة غزة إلى حضن الوطن الكامل، وإلا إذا عدنا إلى المربع الأول، وغزة في حال، والضفة في حال، فلن يكون ذلك في صالح القضية الفلسطينية بل على العكس سوف يعيدها إلى المربع الأول، وإلى القاع، وإذا حقق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو هذا الهدف فلن يقف عند غزة، بل سينتقل إلى الضفة، والداخل الفلسطيني وربما ينتقل إلى لبنان وسوريا ومصر وكل الدول العربية، لأنه عندما يقف اليوم وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش ويحمل خارطة إسرائيل الكبرى ويزعم أنها من النيل إلى الفرات، فهذا يجب أن ينبه العالم لما تخطط له إسرائيل.
استخلص من حديثكم ضرورة إنهاء الانقسام الفلسطيني.. كيف يتم ذلك؟
- نحن شعب واحد، ومتعدد المشارب الفكرية والسياسية، وهذا شيء رائع، نحن إحدى الدول العربية القليلة التي صار فيها انتخابات وتمت عملية تداول سلمي للسلطة بشكل سلمي، ونحن مع التعددية، وبالتالي نحن نتحدث عن الخلاف الجغرافي، ليس هناك اليوم خلاف مع «حماس» من الناحية السياسية، ونحن ندرك تماماً إن إسرائيل تسعى إلى إضعاف السلطة الفلسطينية وإحداث الخلافات بين الضفة الغربية وغزة، وبالتالي لن تقوم لنا قائمة كشعب فلسطيني إلا بوحدتنا، وربما نختلف في السياسة لأن التعددية مطلوبة، لكن في النهاية الهدف واحد، فلسطين ثم فلسطين..، والدولة الفلسطينية، وإلا سوف نعود إلى المربع الأولى، ونخسر قضيتنا الفلسطينية، وبالتالي الوحدة الوطنية والوحدة الجغرافية اليوم ضرورية أكثر من أي وقت مضى، وإذا كانت إسرائيل دمرت غزة، فنحن نسعى إلى حل القضية الفلسطينية ومن بينها غزة، حيث يتم الإعمار من جديد، والشعب الفلسطيني لن يرفع الراية البيضاء، والفلسطينيون يرددون دائماً «نموت في بيوتنا ولن نرحل».
كيف تقيمون الخلاف بين مصر وإسرائيل؟
- هذا بسبب الحكومة اليمينية المتطرفة الموجودة في إسرائيل، والعناصر المتطرفة داخلها دائماً يقفون حجر عثرة في تنفيذ وقف إطلاق النار، وهم يريدون استمرار الحرب لإبادة الشعب الفلسطيني.