في السابع والعشرين من شهر يونيو من كل عام، يحتفل المجتمع الدولي باليوم العالمي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتسليط الضوء على المساهمات القيمة التي تقدمها هذه المؤسسات ودورها في تعزيز النمو الاقتصادي الشامل والمستدام، كونها تعد القوة الدافعة للإبداع والابتكار، فضلاً عن أنّ هذا اليوم يأتي في إطار مواصلة تمكين هذه المؤسسات من توسيع عملياتها بشكل أكبر، والاستثمار في البحث والتطوير، وتوفير الموارد اللازمة لها بما يصب نحو توفير المزيد من الفرص النوعية والدفع بالنمو الاقتصادي.

وإيماناً بالدور الحيوي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في دعم الاقتصاد الوطني، فأنّ حكومة مملكة البحرين تولي أهمية كبيرة لتنمية قطاع المؤسسات الناشئة والصغيرة والمتوسطة. وفي هذا الصدد، تم تشكيل مجلس تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في يونيو 2017 بعضوية كلٍ من وزارة الصناعة والتجارة، ومجلس التنمية الاقتصادية، وصندوق العمل (تمكين)، وبنك البحرين للتنمية، ومجلس المناقصات والمزايدات، بهدف تطوير قطاع ريادة الأعمال وتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

وفي هذا السياق، أكّدت نور بنت علي الخليف وزيرة التنمية المستدامة الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية أنّ مجلس تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وضع خطة عمل تهدف لرفع مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي إلى 45% بحلول العام 2026، وهو ما يعكس الدور المحوري لهذه المؤسسات في تعزيز التنويع الاقتصادي، ورفد الاستدامة الاقتصادية، فضلاً عن مساهمتها في خلق المزيد من الفرص الوظيفية في السوق المحلية.

فيما قال سعادة السيد عبد الله بن عادل فخرو وزير الصناعة والتجارة رئيس مجلس تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة: "تشكل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة حوالي 93% من المؤسسات التجارية الرئيسية في مملكة البحرين، وتعمل كحجر أساس في مساعي التنويع الاقتصادي. هذا وقد عمل مجلس تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومنذ تأسيسه على وضع خطة استراتيجية استهدفت تعزيز عملية تأسيس المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتحسين قدراتها التنافسية في الأسواق المحلية والإقليمية والعالمية، وزيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي والتصدير ومستويات توظيف العمالة الوطنية".

وتابع فخرو بأن المجلس يلتزم استناداً إلى رؤيته المستقبلية، بتطوير هذا القطاع من خلال صياغة المبادرات والبرامج التي تتماشى مع أفضل الممارسات المطبقة عالميًا، والتي نهدف من خلالها الى رفع أداء هذه المؤسسات، وتعزيز تأثيرها التنموي على الاقتصاد الوطني، ويأتي ذلك من خلال المشاركة بشكل استباقي في هذه المسيرة التحويلية بنظرة شاملة للمتغيرات والابتكارات في الأسواق الدولية التي سيكون لها تأثير واضح على هذا القطاع الهام مما يمهد الطريق للنمو المستدام والازدهار في مملكة البحرين.

وقال: "بلغت نسبة الإنجاز حتى الآن 68٪ من مبادرات الخطة الاستراتيجية لمجلس تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي ضمت 44 مبادرة من شأنها أن تدعم هذا القطاع وتعزز مكانته ونموه. ويؤكد مجلس تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التزامه بتكثيف الجهود ومراقبة التطورات ومواكبة المتغيرات، لضمان نجاح جميع المبادرات واتخاذ خطوات استباقية تعزز نمو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة واستدامتها وتحقيق المزيد من التقدم والازدهار."

وضمن إطار عمل تنفيذ الخطة الاستراتيجية للمجلس، قامت وزارة الصناعة والتجارة بالعديد من الخطوات والتي كان من أبرزها إطلاق النشاط التجاري "حاضنات ومسرعات الأعمال" في العام 2017، بهدف تقديم خدمات الدعم لرواد الأعمال وللمؤسسات والشركات الناشئة كمساحات العمل المشترك والتوجيه والإرشاد والتسويق والتخطيط التجاري والمالي والعلاقات العامة وذلك لفترة احتضان محددة، حيث بلغت نسبة إشغال الحاضنات 83.4% من إجمالي السعة حتى الربع الأول من العام الجاري. وتماشيًا مع القطاعات المستهدفة الواعدة، عمدت وزارة الصناعة والتجارة إلى توجيه الحاضنات إلى التخصص في قطاعات الأعمال وذلك للحصول على أفضل المخرجات وقصص النجاح.

كما أطلقت الوزارة في العام 2019 النظام الإلكتروني لتسجيل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والذي يعد الأول من نوعه في المملكة حيث يهدف إلى تصنيف المؤسسات بحسب الحجم وفقًا للقرار الوزاري رقم (229) للعام 2017 بشأن تصنيف المؤسسات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، وتمكينها من الاستفادة من البرامج والمبادرات المخصصة لها عبر منحها شهادات تصنيف معتمدة من قبل الوزارة تفيد بحجمها.

وحتى تاريخه فقد تم استلام وتمرير حوالي 6,200 طلب للتصنيف عبر نظام تسجيل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ومنح حوالي 4,200 شهادة تصنيف، حيث تمكن هذه الشهادة المؤسسات الحاصلة عليها من الاستفادة من العديد من المميزات، ولعل من أبرزها الاستفادة من تخصيـص حصة نسبتها 20% من قيمة مشتريـات ومناقصات الحكومة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وكذلك من الحصول على أفضلية بنسبة 10% عند المشاركة في المناقصات الحكومية وفي مزايدات المرافق الخدمية التي تجري داخل منشآت الجهات الحكومية أيضًا. كما تتيح الشهادة لهذه المؤسسات المشاركة في المناقصات الحكومية المخصصة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتؤهلها للحصول على معدل سعر (فائدة / ربح) مخفض من تسعير التمويل من بنك البحرين للتنمية وعدد من البرامج لدى "صادرات البحرين" للوصول للأسواق العالمية، إضافة إلى خصم حصري بقيمة 7% على أسعار برنامج التأمين الصحي "نمو" مقدم من قبل شركة البحرين الوطنية للتأمين على الحياة.

ومن منطلق أهمية بناء منظومة معلوماتية دقيقة ومتكاملة لهذا القطاع بحيث تدعم تحسين عملية اتخاذ القرار وتعزيز التخطيط الاستراتيجي، قامت وزارة الصناعة والتجارة بإنشاء قاعدة بيانات للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة توفر حزمة كبيرة من البيانات المتعلقة بالمؤسسات التي تندرج تحت هذا القطاع مما يمكن صناع القرار من الاستفادة من المعلومات والبيانات المتاحة فيها وتحليلها بشكل شمولي لتعزيز نموها وازدهارها، وعليه فقد أصبح ممكناً من خلالها رصد بيانات جديدة مثل نسب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المملوكة للبحرينيين (79٪) وللمرأة (39%) وللشباب (25%)، إضافةً لبيانات أخرى مرتبطة بأنواع المؤسسات وأعمارها وتوزيعها بحسب القطاعات الرئيسية والفرعية وكذلك تقييم النمو في أحجام المؤسسات من صغيرة ومتوسطة إلى كبيرة.

كما ركزت مملكة البحرين على ضرورة الاهتمام بالمنتجات الوطنية، من خلال إطلاق علامة "صنع في البحرين" خلال العام 2020 لترويج الصناعات البحرينية في الأسواق المحلية، وتشجيع الصادرات الوطنية، حيث حصل 655 مصنعًا بحرينيًا على تلك العلامة منذ إطلاقها.

وحيث أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تعد منبعًا رئيسيًا للابتكار والتكنولوجيا الجديدة في العديد من القطاعات، فهي تتمتع بمرونة أكبر في التكيف مع التغيرات السوقية وتطوير منتجات وخدمات مبتكرة، فقد قام مجلس تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بإطلاق مركز البحرين لنقل التكنولوجيا والابتكار بالتنسيق مع جامعة البحرين عام 2022 كأول مركز من نوعه في المملكة، حيث يؤدّي المركز دورًا مهمًا في حماية مختلف أنواع الملكية الفكرية التي أنشأها الأكاديميون أو الطلاب في جامعة البحرين، كما يعمل المركز على تسهيل ترخيص وتسويق الاختراعات والمنتجات، وبالتالي توفير عائد مالي للمبتكرين والمخترعين.

وفي تصريح لسعادة المهندس جمال عبد العزيز العلوي أمين عام مجلس المناقصات والمزايدات، قال: "ارتفع عدد المناقصات والمزايدات المرساة لصالح المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بنسبة 84.8% خلال الربع الأول من العام الجاري مقارنة بالفترة نفسها من العام المنصرم".

وأضاف: "لقد أرسى مجلس المناقصات والمزايدات 86 مناقصة ومزايدة حكومية تقدّر بــــ 25 مليون ديناراً بحرينياً لصالح المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، خلال الربع الأول من العام الجاري، وهو ما يعكس الجهود الكبيرة التي يبذلها المجلس في تيسير مشاركة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في المناقصات الحكومية وتذليل المعوقات والتحديات التي تواجهها".

وأوضح العلوي بأن المجلس قد أطلق مؤخراً عدد من المبادرات لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، منها تخصيص بعض المناقصات ‏الحكومية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى توقيع مذكرة تفاهم مع بنك البحرين للتنمية لدعم شراء الضمانات للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي سيقوم بموجبها بتقديم الدعم المالي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وفق آلية محددة لتمكينها من تقديم الضمانات اللازمة. وأكّد سعادته على مواصلة المجلس لإطلاق عدة مبادرات جديدة تهدف إلى زيادة تنافسية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في المناقصات والمزايدات الحكومية، ‏ومن ثم الاستفادة من الأفضلية المقررة للمؤسسات وصولاً للنسبة المستهدفة في قرار مجلس الوزراء الموقر.

بينما نوّهت مها عبد الحميد مفيز الرئيس التنفيذي لصندوق العمل "تمكين" بالدور المحوري الذي تساهم به المؤسسات الصغيرة والمتوسـطة في تحقيق التنمية الاقتصادية بمملكة البحرين، مؤكدة أن "تمكين" ستواصل التزامها الراسخ بدعم تأسيس ونمو هذه الفئة لزيادة مساهمتها الإيجابية في الاقتصاد الوطني من خلال برامج الدعم التي تتضمن تقديم المنح الداعمة للعمليات التشغيلية للمؤسسات، إلى جانب الحلول التمويلية والاستشارية، بالتزامن مع الدعم الذي تقدمه لتنمية الكوادر الوطنية العاملة في هذه المؤسسات من خلال برامج دعم التوظيف، ودعم التطور الوظيفي.

ومن جانبها صرحت دلال أحمد الغيص الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك البحرين للتنمية قائلةً: "خلال السنتين الماضيتين عملنا بكل جد لطرح أفضل الخدمات المصرفية لعملائنا من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ولضمان توفير أفضل تجربة عملاء ممكنة، أسفر ذلك عن إطلاق المنصة المصرفية الرقمية "تجارة" التي تعتبر المنصة الأولى في المملكة التي تختص بتقديم الخدمات المصرفية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، تلا ذلك إطلاق عدة خدمات رقمية منها تمويل "تجارة إكسبرس" والذي يتم فيه التقدم بطلب التمويل إلكترونيًا عن طريق منصة تجارة وتمنح الموافقة عليه في وقت قياسي، كذلك قمنا بإطلاق حساب "تجارة تحت الطلب" الذي يقدم معدل ربح يبلغ 3.5% على أساس سنوي، بالإضافة إلى المنتج الذي تم طرحه مؤخرًا وهو "خصم الفواتير"، والذي نطمح من خلاله إلى تيسير عملية التدفقات المالية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة". وأضافت الغيص: "في بنك البحرين للتنمية نسعى دائمًا لدعم ونشر ثقافة ريادة الأعمال، حيث قمنا حتى الآن بتقديم الدعم التمويلي لرواد الأعمال لأكثر من 16 ألف مرة حتى اللحظة. وفي العام الماضي فقط، ساهمنا في وصول أكثر من 70 مؤسسة لآفاق جديدة، حيث نمت بعض تلك المؤسسات من مؤسسات صغيرة إلى متوسطة، والبعض الآخر من متوسطة إلى كبيرة، وهو ما يمثل جوهر عملنا في البنك".

وأشارت صفاء شريف عبد الخالق الرئيس التنفيذي لصادرات البحرين إلى حرص صادرات البحرين، إحدى مبادرات المجلس، على تقديم فرص متنوعة من الدعم للمؤسسات متناهيه الصغر والصغيرة والمتوسطة وتعزيز قدراتها للوصول الى العالمية، من خلال الخدمات والحلول والمبادرات المتنوعة بالشراكة مع العديد من المؤسسات المحلية والعالمية من القطاعين العام والخاص، مضيفة:”تأتي سلسلة الإنجازات المتميزة التي حققتها صادرات البحرين تأكيدًا على التزامنا بتقديم الحلول المبتكرة والمصممة خصيصًا لخدمة قطاع المؤسسات المتناهية الصغر و الصغيرة والمتوسطة كونها جزءًا مهمًا من اقتصاد مملكة البحرين، لذا نعمل في صادرات البحرين على توفير أوجه الدعم الازم من خلال تطوير وطرح الحلول والخدمات والمبادرات الجديدة لمواجهه التحديات التي تواجهها هذه الفئة من المؤسسات والتحقق من مواءمة الدعم المقدم لتعزيز زيادة مساهمتها في الاقتصاد الوطني وتيسير وصولها إلى الأسواق العالمية ونؤكد على استمرارنا بما يصب في صالح تمكين تلك المؤسسات ودفع عجلة النمو الاقتصادي”.

أنّ مجلس تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومن خلال المبادرات والسياسات التي ينفذها، يحرص على مواصلة تعزيز نمو واستدامة هذه المؤسسات من خلال رؤية استراتيجية تهدف إلى تعزيز القدرة التنافسية لها وزيادة مساهمتها في الاقتصاد، ولأن تكون مملكة البحرين مركزاً لرفد هذا القطاع بما توفره من خدمات وتسهيلات ضمن بيئة أعمال مشجعة وداعمة.