سماهر سيف اليزل

ثمة فروق كبيرة في التعامل مع ليالي رمضان ، ولكن هذه الفروق تتفق في العشر الاواخر ، حيث يحرص اغلب الناس على قيام الليل والاعتكاف ، وختم القرأن ، وزيادة اعمال الخير طمعا في الاجر ، والاغلبية تولي الاهتمال الاكبر بالاعتكاف الذي يعتبر سيد العبادات في العشر الاواخر .

يقول محمد عادل كنت احرص على قضاء بعض اليالي في المساجد القريبة من المنزل ، واحث ابنائي على ذلك كل سنة ، ونقضي اليل في الصلاة وقرائة القرأن ، والذكر ، وكذلك بعض الدروس الدينية ، ونوينا هذه السنة بسبب الظروف المفروضة علينا ان نحيي الاعتكاف داخل المنزل ، فمن الصعب علينا التخلي عن هذه السنة التي تعتبر من اعظم العبادات في هذا الشهر الفضيل .



وتقول لبنى ابراهيم ، اعتدت وعدد من صديقاتي على تحري ليلة القدر في ايام العشر الاواخر من رمضان ، للقيام بالاعتكاف بالمسجد وغالبا ما تكون ليلتي 25 و 27 ، فنحن نعلم عظمة اجر الاعتكاف ونحرص على ان نكون من الفائزين بها ، وبسبب غلق المساجد هذه السنة سنحرم من الاعتكاف بالمساجد لكننا سنعتكف في المنزل ، بتخصيص زاوية خاصة منعزلة وبعيدة تتيح العبادة .

ويقول احمد الحدي الاعتكاف عبادة عظيمة، نص الله جلَّ وعلا عليه في كتابه الكريم، في قوله تعالى لخليله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام "وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ‏"‏ ‏( ‏ ومنها قوله تعالى "وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ في الْمَسَاجِدِوهو من سنة النبي صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه، لذلك نحرص عليها ، حيث

كان عليه الصلاة والسلام يعتكف في العشرة الأوسط من رمضان طلبًا لليلة القدر، ثم في آخر حياته صلى الله عليه وسلم "صار يعتكف في العشر الأواخر من رمضان "‏؛ لما تبين له أن ليلة القدر ترجى في العشر الأواخر، ونوينا الاعتكاف هذه السنة انا وزوجتي بالمنزل وخصصنا زاوية لذلك .

ومن جهته يقول الشيخ هشام الرميثي إن الاعتكاف في اللغة هو لزوم الشيء، أما في الشرع هو الانقطاع عن الخارج للاستزادة من أجل الإيمان، ويكون داخل المسجد أو الجامع أو دار العبادة، حتى لا يكون هناك من يشغل الذهن وفكر الإنسان بأمور الحياة، وأجد أن الاعتكاف يكون أكثر في شهر رمضان لأن الإنسان يكون قلبه منشرحا بالإيمان ومقبلا للعبادة وعلى طاعة الرحمان عز وجل، كذلك هي فترة مراجعة للانقطاع والابتعاد عن الله، ولزوم المسجد هي لتقييم الحياة لمدة عام كامل، وجاء ذكرها في القران الكريم: "وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ۖ وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ"، فأشار المولى سبحان وتعالى بأن هناك أنواعا كثيرة من البشر تؤدي أنواع كثيرة من العبادات ولكن هناك من يرغب بالاعتكاف عن الحياة الدنيوية والتفرغ لله وعبادته .

وأضاف أن الاعتكاف سنة مؤكدة ، أكد عليها الرسول (ص) ممارستها في شهر رمضان وطوال شهر رمضان و الأوجب أن تكون في العشر الأواخر ، والأحاديث النبوية الشريفة تؤكد على هذا الجانب.

وأكد على ان الاعتكاف فيه تسليم المعتكف نفسه بالكلية إلى عبادة الله تعالى طلب الزلفى ، وإبعاد النفس من شغل الدنيا التي هي مانعة عما يطلبه العبد من القربى ، وفيه استغراق المعتكف أوقاته في الصلاة إما حقيقة أو حكما ، لأن المقصد الأصلي من شرعية الاعتكاف انتظار الصلاة في الجماعات ، وتشبيه المعتكف نفسه بالملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، ويسبحون الليل والنهار لا يفترون”.

ويضيف جبر الناس على ترك المساجد ، و بقاء الناس في بيوتهم، والتزام الحجر الصحي الذي يعيشه الناس، يرجح الرأي بجواز الاعتكاف في مسجد البيت،والاجتهاد في الوقائع المستجدة يجب أن يراعي التفريق بين ما كان جبرا؛ فيخفف فيه، وبين ما كان اختيارا، فيرجع فيه إلا الأصل والعزيمة، يضاف إلى هذا ما فيه من الحث على العبادة والتقرب إلى الله تعالى، في الوقت الذي سينشغل فيه الناس في بيوتهم بالمسلسلات الرمضانية وضياع أوقاتهم في معصية الله، فكان القول بالجواز؛ أولى مراعاة للمآل، وإعمالا لمقصد الاعتكاف، على أنه يبقى حكم خاص في زمن خاص، فهو من باب الرخصة وليس العزيمة.