* السفير أنور حبيب الله

حضر وكيل الخارجية الأمريكي السيد كيث كراش لقاء المائدة المستديرة الصحفي، الذي نظمته السفارة الأمريكية في البحرين في 24 أكتوبر، حيث أبدى التعليقات المناهضة للصين المتمثلة في تشويه سمعة شركة هواوي وغيرها من شركات التكنولوجيا المتقدمة الصينية وتقنية شبكة الجيل الخامس في الصين، إضافة إلى القيام بالضجة لتشكيل ما يسمى بـ"تحالف الدول النظيفة"، مع بث الفرقة والتقليل من شأن التعاون بين الصين والبحرين الصديقة.

لا يدخر بعض الساسة الأمريكيين جهداً لتسييس الأمن السيبراني لخدمة مصالحها الأنانية، وشن حملة الضغط والملاحقة وفرض القيود على الشركات والدول التي تتمتع بالنظام المختلف ومنظومة القيم المختلفة. وتصبح الآن عقلية الحرب الباردة القديمة هذه أكبر تهديد وتحد للأمن السيبراني بشكل متزايد. تعبر السفارة الصينية في البحرين عن استيائها ومعارضتها الشديدة لتصريحات السيد كيث كراش، وقد نشر المتحدث باسم السفارة التصريحات بشأن ذلك، وأود هنا أن أوضح المزيد من الحقائق للأصدقاء البحرينيين وجماهير المجتمع البحريني:



أولاً: حصول الحزب الشيوعي الصيني على الدعم المخلص والتأييد القوي من الشعب الصيني. إن الممارسة هي المقياس الوحيد للحقيقة، وإن الشعب يحكم على التاريخ. فكان الشعب الصيني يعرف أكثر من الآخرين عن مدى نجاح النظام الصيني. قامت مدرسة جون كينيدي للإدارة الحكومية لجامعة هارفارد بدراسة في الصين لمدة تصل 13 سنة متتالية، حيث كشفت نتائج استطلاعات الرأي عن أن 93 % من الشعب الصيني راضون عن أداء الحكومة الصينية بقيادة الحزب الشيوعي الصيني. كما أشارت عديد من استطلاعات الرأي التي أجرتها المؤسسات الدولية في السنوات الأخيرة إلى أن أكثر من 90 % من الشعب الصيني يثقون بحكومتهم. ومنذ بداية هذا العام، يتحد الشعب الصيني على قلب واحد، وفي ظل القيادة القوية للحزب الشيوعي الصيني، وقد حقق انتصاراً استراتيجياً في مكافحة الوباء. ووفقاً لاستطلاع الرأي في سنغافورة، بعد هذه المعركة ضد الوباء، وصل رضا الشعب الصيني وثقته بالحزب الشيوعي الصيني والحكومة الصينية إلى أقصى مستوى على مر التاريخ.

تصادف السنة المقبلة الذكرى السنوية الـ100 لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني. إذا استعرضنا المسيرة لعشرة عقود ماضية، وجدنا أن الشعب الصيني بقيادة الحزب الشيوعي الصيني نجح في التخلص من معاناة الاستعمار والاستبداد وتحقيق التحرير والاستقلال الوطني، وبفضل قيادة الحزب الشيوعي الصيني، اكتشفنا الطريق التنموي للاشتراكية ذات الخصائص الصينية الذي حوّل الصين من دولة فقيرة ومتخلفة للغاية إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ونجحنا في رفع نصيب الفرد لإجمالي الناتج المحلي من دون 200 دولار أمريكي قبل 40 سنة إلى أكثر من 10 آلاف دولار أمريكي اليوم، وتخليص أكثر من 800 مليون نسمة من براثن الفقر.

صنع بعض السياسيين من الولايات المتحدة الأكاذيب المختلفة للمهاجمة على الحزب الشيوعي الصيني والنظام الصيني مؤخراً، إن هذه التصرفات ستشجع الشعب الصيني على تقديم دعم أقوى للحزب الشيوعي الصيني والحكومة الصينية.

ثانياً: إن ما يدعو إليه الجانب الأمريكي تحت مسمى "الشبكة النظيفة" في الحقيقة هو من أجل الحفاظ على هيمنتها في مجال التكنولوجيا. توفر شركة هواوي اليوم شبكة الخدمات لثلاثة مليارات نسمة في أكثر من 170 دولة ومنطقة من حول العالم، لم تقدم من بينهم أي دولة أو منظمة أو شركة أو فرد دليلاً ملموساً على أن منتجات الشركة الصينية تمثل أي تهديد أمني، تعتبر شركة هواوي أول شركة تتعهد علناً باستعدادها للتوقيع على اتفاق بشأن عدم وجود "أبواب خلفية" مع أي بلد وشركة الاتصالات الوحيدة التي قبلت إجراء اختبارات وإشراف من طرف ثالث. شنت الولايات المتحدة، بدون أي دليل حقيقي، حملة الضغط والملاحقة العالمية ضد شركات خاصة صينية بكافة السبل المتاحة. يكون الأمر جلياً أمام الجميع أن هدف الولايات المتحدة هو الحفاظ على احتكارها في مجال التكنولوجيا وحرمان الدول الأخرى من الحق المشروع في التنمية. إن هذه الهيمنة غير المبررة لا تقوض قواعد التجارة الدولية المنصفة فحسب، بل تضرّ بالبيئة الحرة للأسواق العالمية.

أود التأكيد مرة أخرى على براءة شركة هواوي وغيرها من الشركات الصينية الكثيرة التي تعرضت للعقوبات الأمريكية الأحادية الجانب، وأن تكنولوجياتها ومنتجاتها آمنة ولم تلحق أضراراً بأي بلد. ولكن في المقابل، تقف الولايات المتحدة وراء فضائح "بريسم" و"إكيلون" وغيرهما، وقد أصبحت تصرفاتها السيئة لتجسس ورقابة الدول الأخرى أمراً معروفاً في العالم. فليست الولايات المتحدة مؤهلة لتشكيل ما يسمى بـ"تحالف الدول النظيفة". إن ما يدعو إليه الجانب الأمريكي تحت مسمى "الشبكة النظيفة" في الحقيقة يمكن تسميتها بــ"الشبكة التمييزية"، و"الشبكة الحصرية"، و"الشبكة المسيسة".

إن ثورة العلوم والتكنولوجيا الجديدة المدفوعة بتكنولوجيا المعلومات تتزايد سرعتها. ستواصل الصين العمل مع جميع البلدان للحفاظ على بيئة أعمال عادلة ومنصفة ومنفتحة وغير تمييزية، وتعزيز التبادل والتعاون الدوليين في مجال العلوم والتكنولوجيا، بما يجعل التكنولوجيا المعلوماتية الآمنة والموثوقة والمميزة توفر قوة دافعة جديدة لإنعاش الاقتصاد العالمي وتحسين رفاهية الشعوب. نأمل من الولايات المتحدة نبذ عقليتها الضيقة والأنانية والعودة إلى المسار الصحيح للانفتاح والتعاون.

ويمكن القول إن جوهر التعاون الثنائي الصيني البحريني يتمثل في النفع المتبادل والاكتساب المشترك. تعمل شركة هواوي البحرين على المساهمة في تنمية البحرين في مجال تقنية المعلومات والاتصالات، ورفع تنافسية البحرين الاقتصادية والالتزام بالمسؤولية الاجتماعية، بما يسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية للبحرين ودفع التعاون العملي بين الصين والبحرين الصديقة، الأمر الذي نال التقدير العالي من الحكومة البحرينية والجماهير. ومنذ تأسيسها قبل ستة عشر عاماً، قد خلقت أكثر من خمسمائة وظيفة بشكل مباشر أو غير مباشر. ونثق بأن البحرين الصديقة ستواصل تعزيز بيئة منفتحة وعادلة وشفافة وغير تمييزية هنا في هذه البلاد أمام الشركات الصينية من ضمنها شركة هواوي، الأمر الذي يحقق التعاون والتنمية والاكتساب المشتركين.

ثالثا: إن التدخل في الشؤون الداخلية للصين بذريعة القضايا المتعلقة بشينجيانغ وهونغ كونغ لن يحظى بتأييد الشعوب. إن شؤون شينجيانغ وهونغ كونغ من الشؤون الداخلية للصين، وليس لأي دولة أجنبية الحق في التدخل، ولن يسمح أي بلد لبلدان أخرى بانتهاك سيادته وسلامة أراضيه بصورة تعسفية.

وعلى مر السنين، تعرضت شينجيانغ لعدة آلاف من الهجمات الإرهابية العنيفة، مما أدى إلى سقوط مئات الضحايا بين الأبرياء بمن فيهم اسكان الإيغور. إن الصين، بالتوازي مع تشديد الجهود لمكافحة الإرهاب بحزم لحماية أرواح الناس، اتخذت إجراءات وقائية لمكافحة الإرهاب وقامت باستئصال التطرف من خلال التعليم. أنشأنا مراكز التعليم والتدريب المهني في شينجيانغ وفقا للقانون، وذلك بهدف إزالة تأثير الأفكار المتطرفة. إنه تجربة مفيدة لاتخاذ خطوة مبتكرة ووقائية لمكافحة الإرهاب ونزع التطرف. وتم ضمان كل الحقوق للمتدربين في مراكز التعليم والتدريب المهني، والآن قد تخرج جميع المتدربين من المراكز واكتسبوا مهارات مهنية ولقد وجدوا جميعاً وظائف ويعيشون حياة طبيعية. قام 20 سفيراً ودبلوماسياً من سفارات دول عربية وجامعة الدول العربية، في الصين، بزيارة شينجيانغ في الأيام الأخيرة، لزيادة الفهم بشكل متعمق للاستقرار الاجتماعي، والمساواة والوحدة القومية، وتحسين معيشة الشعب والتنمية الاقتصادية في شينجيانغ. كما قام السفراء بتقييم إيجابي لإنجازات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وقضية حقوق الإنسان في شينجيانغ، معربين عن أن تجربة شينجيانغ في مكافحة الإرهاب ونبذ التطرف تستحق التعلم منها.

فيما يتعلق بقضية هونغ كونغ، منذ النصف الثاني من العام الماضي، رأى العالم الفوضى في هونغ كونغ، حيث تعرض مجلسها التشريعي للتخريب، وشُلت حركة مترو الأنفاق، وأُصيب الأبرياء، وطُعن أحد المشرعين في هجوم إرهابي. إذا استمرت الفوضى، لن يكون لهونغ كونغ مستقبل ولا يمكن أن تدوم سياسة "دولة واحدة ذات نظامين". ظلت صيانة الأمن القومي من صلاحية الحكومة المركزية، هذا الأمر معترف به في أي دولة. ووفقا لمبدأ "دولة واحدة ذات نظامين"، قامت الحكومة المركزية بالتشريع بشأن صيانة الأمن القومي الذي يتناسب مع هونغ كونغ على وجه التحديد، وبعد أن قرر المجلس الوطني لنواب الشعب، أعلى هيئة تشريعية في الصين، سد هذه الثغرة الرئيسية في النظام القانوني لهونغ كونغ، قدم ما يقرب من 3 ملايين من أهالي هونغ كونغ توقيعاتهم دعماً لذلك. فإن إصدار وتنفيذ قانون الأمن الوطني لهونغ كونغ لن يحافظ على الحقوق والحريات الأساسية لسكان هونغ كونغ فحسب، بل سيكفل أيضاً تنفيذ "دولة واحدة ذات نظامين" بطريقة أكثر استقراراً واستدامة. ومنذ تطبيق قانون الأمن الوطني لهونغ كونغ، يعتقد ما يقرب من 80 بالمئة من سكان هونغ كونغ أن المدينة تزداد أمناً واستقراراً.

قدمت حوالي 70 دولة الدعم للموقف الصيني وسياساتها تجاه القضايا المتعلقة بشينجيانغ وهونغ كونغ مؤخراً، في المناقشة العامة للجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة، في مواجهة مضايقات من دول غربية قليلة. تثبت الصوت العادل هذه مجدداً أن الناس يستطيعون تمييز الصواب من الخطأ. يعد هذا فشلاً آخر لدول غربية قليلة في محاولاتهم لتشويه سمعة الصين والمهاجمة على حقوق الإنسان في الصين بحجة القضايا المتعلقة بهونغ كونغ وشينجيانغ.

تربط بين الصين والبحرين صداقة تاريخية، ويظل يتبادل الجانبان الدعم في القضايا المتعلقة بالمصالح الحيوية والهموم الكبرى لدى الجانب الآخر، وحقق التشارك في بناء "الحزام والطريق" والتعاون العملي في أوجه المجالات، بما فيها تقنية المعلومات والاتصالات، التقدم الجديد باستمرار. ويحرص الجانب الصيني على العمل يداً بيد مع الجانب البحريني لتعزيزعلاقة الصداقة والتعاون في كافة المجالات لتلبية تطلعات البلدين والشعبين، بما يسهم في حماية الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة.

* سفير جمهورية الصين الشعبية لدى مملكة البحرين