أدار الندوة: أيمن شكل - «تصوير سهيل وزير ونايف صالح»




شخصت فعاليات وخبراء سياحة مشكلة القطاع السياحي في انعدام الخبرة لدى العاملين في هيئة البحرين للسياحة والمعارض، معددين مطالب القطاع وأبرزها الترويج والدعاية الاحترافية وعدم مخاطبة الفعاليات لذوق أهل المنطقة وعدم قدرتها على منافسة البرامج بالمنطقة واعبتروا أن إستراتيجية السياحة المعلنة يصعب تنفيذها على أرض الواقع، وخاصة هدف استقطاب 14 مليون سائح خلال 4 سنوات، فضلاً على عدم امتلاك الهيئة سلطة التنسيق في مواعيد الفعاليات بشتى أنواعها المقامة في البحرين.

وطالب المنتدون في ندوة نظمتها الوطن تحت عنوان «واقع السياحة الوطنية»، مؤكدين ضرورة أن القطاع تأثر كثيراً بما حدث في المملكة العربية السعودية خلال السنوات الأربع الماضية.

وحضر الندوة من جانب هيئة السياحة نائب الرئيس التنفيذي فاطمة الصيرفي، ومدير إدارة التراخيص سنان الجابري، ومدير المشروعات أحمد تقي، إضافة إلى الرئيس التنفيذي لـvisit Bahrain علي أمر الله، وحسين بدر من مجموعة بدر العقارية، والنائب عمار البناي والخبير السياحي عبدالحميد الحلواجي، والخبير الاقتصادي عارف خليفة.

«الوطن»: نود الاطلاع على دور هيئة السياحة الحالي ومنذ تشكيلها الأخير؟

فاطمة الصيرفي: لدينا فعاليات معلنة بدءاً من شهر مارس حتى نهاية العام ونعمل مع القطاع الخاص لتفعيل دوره في تنمية قطاع السياحة، ولدينا شركاء دوليون وإقليميون للترويج للفورمولا1، ونعمل مع تجار المنامة لإطلاق مهرجان ذهب المنامة ونعمل على تعريف السياح بسواحل وشواطئ البحرين والعديد من الفعاليات التي أعلن عنها.

لكن هناك فعاليات لا تندرج تحت هيئة السياحة والمعارض كونها المرخص والذراع الترويجي للبحرين ونحن نروج للمشروعات التي لديها فعاليات.

كما نقوم بتوقيع اتفاقيات مع مكاتب سياحة في دول وتلك تندرج ضمن برامج هيئة السياحة، وتمثل البرامج السياحية لدى البحرين مصدر جذب وتشجيع للمكاتب السياحية في الدول للتوقيع مع الهيئة، وهذه المكاتب لم تكن لتوقع معنا إلا بعدما عرضنا لهم الفرص الاستثمارية والبرامج التي يمكن أن تستقطب السياح إلى البحرين، وفي الوقت ذاته فإن هذه المكاتب عليها التزام بالوصول إلى نسبة متفق عليها من السياح حتى يحصلوا على عمولتهم بحسب العقد.

أعرض على صحيفة «الوطن» تنظيم ندوة بعد 6 أشهر لاستعراض نتائج تلك البرامج التي قمنا بها وعدد السياح الذين زاروا البحرين، وأشكر صحيفة الوطن لحرصها على إظهار الحقائق حول القطاع.

أود التوضيح أن نسبة مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي خلال 2019 بلغت 6.8%، ومن خلال الإستراتيجية التي وضعناها فإننا نطمح لأن نصل إلى 11.4% في عام 2026.

«الوطن»: كيف يمكن منافسة دول الجوار في استقطاب السياح للبحرين وخاصة مع هذا الفارق الكبير بين الفعاليات والبنية التحتية؟

فاطمة الصيرفي:
أرى أن ما يحدث في المملكة العربية السعودية هو مكمل للتطورات التي تجري حالياً في البحرين على مستوى القطاع السياحي، وعلى سبيل المثال في موضوع التسويق نحن على تواصل دائم مع هيئة السياحة في السعودية، لوضع باقات وعروض سياحية للمتواجدين في الرياض كي يأتوا إلى البحرين، وهذه الاتصالات تُجرى منذ مايو العام الماضي، وقمنا بتوقيع اتفاقيات في هذا الصدد.

ورداً على ما تطرق إليه النائب عمار البناي بشأن الترويج للفعاليات التي تجري في البحرين، أوضح أنها موجودة في موقع إلكتروني متكامل وبدأنا نعقد اتفاقات للترويج على منصات التواصل، وبدأنا الترويج بطريقة رقمية للسياح المستهدفين بالمنطقة، وهم السعودية والكويت وعمان والإمارات، ونعمل بشكل يومي على هذا الملف.

عملنا مع الحلبة وطيران الخليج بشأن الفورمولا1 لإعطاء باقات مخصصة تلامس احتياجات سياح الفورمول 1، وتم ترويجها ضمن خطتنا الإستراتيجية، وكذلك لدينا باقات لمسرح الدانة، ووقعنا مع طيران الخليج أيضاً اتفاقية.

«الوطن»: لماذا وضعت الهيئة تخفيضاً بنسبة 10% لمدة يومين فقط على أسعار تذاكر الطيران؟

فاطمة الصيرفي: التخفيض ليومين هو مرحلة أولية ونعمل مع الناقلة الوطنية، ومع المكاتب السياحية في البحرين وقدمنا لهم برنامج حوافز لهم بحيث يمنح المكتب 15 دولاراً على كل سائح يتم جلبه للبحرين لإنعاش السياحة ودعم القطاع الخاص، وبدلاً من أن تروج تلك المكاتب لدول أخرى نحاول تشجيعهم على استقطاب سياح للمملكة.

القطاع الخاص جزء مهم جداً في السياحة، وكنا دائماً حريصين على تواجد قطاع الفنادق في الرحلات الترويجية وتوقيع الاتفاقيات مع مكاتب السياحة العالمية، وذلك بهدف الترويج لهم سياحياً، ونحن نعتبرهم شركاء معنا.

أما بالنسبة للمشاريع والفعاليات التي تقام في البحرين فدور الهيئة هو الترخيص وتوفير الأدوات اللوجستية بالإضافة إلى الترويج والتسويق، ولقد كان لدينا اجتماع مؤخراً مع شركة «إدامة» أطلعونا فيه على مشاريعهم السياحية، ووضعنا معهم خطة عمل للتسويق والترويج لهذه المنشآت السياحية بحيث تشملها الفعاليات السياحية.

ورداً على النائب البناي بشأن التنسيق مع الجهات الأخرى، أود التوضيح أن كل الجهات المنظمة لفعاليات سياحية نقوم بالتنسيق معهم عبر الترويج ولسنا الجهة التنظيمية أو المعنية باستقطاب المهرجانات والفنانين.

«الوطن»: هل يتم أيضاً التنسيق في المواعيد بين السياحة والجهات الأخرى؟

فاطمة الصيرفي:
قمنا بحملات ترويجية لكل الجهات ونتواصل معهم بشكل مستمر للقيام بدورنا الترويجي وسنواصل الترويج للفعاليات المقامة حتى نهاية 2022، لكن ليس لدينا سلطة تحديد مواعيد الفعاليات في كل جهة.

ولا يقتصر عمل الهيئة على الترويج فقط، ولكن أيضاً الترخيص للمنشآت وتلك عملية كبيرة تحتاج لعمل أكبر.

عمار البناي: هناك هموم يعاني منها الشارع البحريني بشأن السياحة، وفعلاً اليوم القطاع الفندقي بات يحتضر والمطاعم العاملة في البحرين لا تحقق أرباحاً ويستثنى منها فقط مطاعم الدرجة الأولى، ونحن منذ سنوات نتحدث عن السياحة البحرينية، وما جئنا لنستعرض إستراتيجية الهيئة وإنما هموم القطاع السياحي، فتلك الإستراتيجية تبقى كلاماً وإذا لم تتمكن تلك الإستراتيجية من لمس واقع الشارع السياحي فهي والعدم سواء، وهذا هو الوضع والواقع منذ سنوات، حيث نسمع ونقرأ «كلام جرائد».

كان لدينا العديد من الفرص ومنها جسر الملك فهد، لكن اليوم ما يقدم في الرياض لا يمكن للبحرين أن تفعل مثله، ولا أعلم آلية ترويج الهيئة لفعالياتها؛ فأنا وغيري كثيرون لا يصلنا إعلانات عن تلك الفعاليات بشكل احترافي وربما تصل الإستراتيجية إلى البعض في الداخل بينما لا يأتي أحد من الخارج أو يعلم عنها شيئاً، ولا تصل حتى إلى السائح الخليجي، فاليوم حسابات وسائل التواصل الاجتماعي هي وسيلة الترويج الأولى للفعاليات وخاصة أن الفئة المستهدفة والأقرب هي دول الخليج، وعندما أبحث كسائح عن الفعاليات التي تنظمها الهيئة وأدخل إلى موقعها الإلكتروني لا أجد سوى استقبالات الرئيس التنفيذي والوزير ولقاءاتهما.

فضلاً على أن بوابة الدخول للمملكة وهو مطار البحرين كان يروج لمهرجان الرياض، وأعود لأتساءل: كيف سيعرف السائح أجندة السياحة؟ وهنا أعتقد أن هذا ضعف ما بعده ضعف.

كما أتساءل عن السبب في النسبة العالية من الفعاليات الأجنبية التي ربما لا تخاطب ذوق أهل الخليج، ولا يجب على الهيئة أن تنسب لنفسها فعاليات تنظمها جهات أخرى في الدولة، مثل الفورمولا أو أي مستثمر يستقطب فنان خليجي، وهنا أوجه السؤال مرة أخرى للهيئة ماذا فعلتم أنتم؟ ماذا فعلتم بالرسوم المستقطعة من الفنادق والمطاعم؟ وما هو المردود المباشر لتلك الفئات؟

فعلى سبيل المثال قامت وزارة السياحة في تركيا بدفع 50% من قيمة تذاكر شركات الطيران ولمجموعة كبيرة من الفنادق لتخفيض تكلفة الإقامة على السائح، في مصر تم تخفيض أسعار تذاكر الطيران أيضاً والسعودية فعلت كذلك للقادمين إلى مهرجان الرياض.

نعم، ستوقع معنا كل المكاتب السياحية للحصول على العمولة ولهم مصلحة في ذلك، ولذلك لا يعد إنجازاً أن نقوم بالتوقيع مع 50 مكتباً.

اليوم مطاعم بالعشرات أغلقت وقضايا كثيرة في المحاكم بشكل يومي على أصحاب هذا القطاع، والسبب أن السياحة لا تعمل بالطريقة الصحيحة في استقطاب السياح، واليوم ما يقارب 35% من مطاعم مجمع 338 أغلقت، وهو المجمع الذي نهض بجهود فردية من أصحاب المطاعم فيه، حتى إن كل سائح قادم من السعودية يضع مجمع 338 هدفاً لزيارته، واليوم أسأل: ماذا فعلت السياحة لهذا المجمع، وهل يعني الاستقطاب أن تأتي فرقة لتغني أو تقدم فقرة وترحل؟ بينما لا يجد الزوار مواقف لسياراتهم وهي المشكلة التي سألنا عن حل لها منذ 3 سنوات وقدمنا مقترحاً بدائياً بعمل باصات تنقل السياح من براحة الفاتح إلى المجمع، ولم يحدث أي شيء فيها حتى الآن.

وبالنسبة للأرقام التي قدمتها الهيئة بشأن نسب الإشغال يجب أن تتضمن نوعية السائح الذي زار تلك الفنادق وهل هو من داخل المملكة أم قادم من خارجها؟ حتى نستطيع الاستثمار في هذه الشريحة، وخاصة مع توقف الجسر والمطار في فترات خلال الجائحة.

والملاحظ اليوم أن جهات حكومية تقوم بتنظيم فعاليات كثيرة دون الرجوع إلى الهيئة أو حتى التنسيق معها، وعلى سبيل المثال لا الحصر، هيئة الثقافة ووزارة الشباب والرياضة، ووزارة الإعلام، وذلك منذ تشكيل مجلس الإدارة الجديد.

ورداً على ما ذكرته نائب الرئيس التنفيذي بشأن عدم تنسيق مواعيد الفعاليات، أوجه مناشدة إلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس الوزراء بمنح السياحة سلطة مطلقة لوضع البرامج والفعاليات في الدولة بصفتها الجهة المسؤولة، وهذا النظام موجود في أكثر دول العالم.

«الوطن»: قامت السعودية بعمل إعلانات في البحرين لمهرجان الرياض واستقطاب عدد لا بأس به من المواطنين والمقيمين، فهل قامت الهيئة بعمل مماثل في السعودية أو دول الخليج؟

عبدالحميد الحلواجي:
للأسف هيئة السياحة اليوم ليس لديها أي خبرة في القطاع؛ فكوادرها لم تأت من داخل قطاع السياحة، وبالأصل الهيئة تعاني من تغيير قياداتها وكوادرها بصورة مستمرة، ولا أنتقص من شخصيات الهيئة أو رئيسها التنفيذي؛ فالرئيس ونائبته جاءا مؤخراً، ولكن جل ما تعانيه الهيئة هو عدم اكتمال الفرصة لدى أحد من قبل لكي ينفذ رؤيته، وليس بالعيب أن تستعين الهيئة بأصحاب الخبرة من خارج كوادرها.

قبل سنوات بحثت الهيئة عن شركة لعمل شعار وجاءت بواحدة من بريطانيا، بينما كان هناك فريق احترافي من الكوادر الوطنية العاملة في الفنادق على استعداد لتقديم أفضل من ذلك بدون تكلفة عالية، واليوم أقترح على الهيئة الاستعانة بهذه الكوادر وتشكيل فريق وطني ذي خبرة في القطاع يعاون العاملين.

لقد وضع الرئيس التنفيذي خطته الإستراتيجية وعرضها على الفنادق وغرفة التجارة، وفي أكثر من موقع وهو عمل يطلق عليه back office، وهذا يمثل بنسبة 30% من عمل الهيئة، ويأتي الدور على الكوادر في المكاتب الأمامية لتنفيذ 70% المتبقي وهي تنفيذ ما جاء في الإستراتيجية، والمشكلة أن الخطة التي أعلنت من وجهة نظري من الصعب تنفيذها حتى عام 2026، وخاصة أن تلك الإستراتيجية وضعت هدف استقطاب 14 مليون سائح في 4 سنوات.

وحول السوق السياحي يجب أن أوضح أمراً هنا وهو أن لدينا سوقاً جاهزاً وهو المملكة العربية السعودية وجسر الملك فهد، وكانت فنادق البحرين تستفيد من الجسر قبل جائحة كورونا بنسبة إشغال تصل إلى 80% وترتفع إلى 100% في عطلة نهاية الأسبوع، لكن هذا السيناريو اختلف اليوم، فقد صارت طفرة كبيرة في السعودية وتم صرف ميزانية ضخمة لتنشيط القطاع السياحي لديها، لكن هذه الطفرة أتوقع لها أن تهدأ لتعود الأوضاع كما كانت في السابق.

وأمام هذه الميزانية الضخمة للسياحة في السعودية، نجد أن قطاع السياحة يضخ مبالغ كبيرة في تمكين ويدفع رسوماً إلى هيئة السياحة يمكن الاستفادة منها في دعم القطاع وتعزيزه، ولذلك أقترح على الهيئة أيضاً أن تركز على السائح البحريني، الذي يجد صعوبة في تنويع برامج السياحة، وأولها ندرة السواحل البحرية، فلا يجد السائح المواطن، ساحلاً مناسباً يمكن أن يقضي فيه وقت مع عائلته أو أصدقائه، ولا يتبقى له سوى بعض المجمعات التجارية التي مل من كثرة زيارتها.

عارف خليفة: من منظور اقتصادي نقوم بحساب ما ينتجه كل قطاع في الدخل الوطني، وقطاع السياحة ينتج ما بين 7% وتتوقع الخطة أن يصل إلى 11% في عام 2026، وهنا أذكر أن هذا القطاع حقق 8% في عام 2019، وهي نسبة تناهز ما تنتجه شركة ألبا في الناتج المحلي.

أرى أن لدينا أزمة التسويق ليست بقدر أزمة الفعاليات، ففي دبي قدم سمو الشيخ محمد بن راشد دعماً لقطاع الطيران، وكذلك فعلت تركيا من قبل، واختلف مع النائب عمار البناي في رأيه حول أن جميع الفعاليات المعلنة في أجندة السياحة هي لفرق أجنبية؛ لأننا يجب أن نعرف من هي الفئة المستهدفة.

وبالنسبة للمملكة العربية السعودية التي تعتبر المصدر الأساسي للسياحة في البحرين، يجب أن تقر الهيئة بأننا لن نستطيع منافستهم في هذا القطاع أو حتى أي دولة أخرى، وذلك بسبب الميزانية المفتوحة لديهم، فما ذكر عن مهرجان الرياض يمثل أرقاماً فلكية لا تستطيع البحرين أن تجاريها.

أمر آخر في معضلة السياحة، وهو وجود تخمة في المعروض، وهو ما حدث في «الفود تراك»، حيث أعلن عن تجاوز العدد 600 عربة طعام، بينما الرقم الفعلي 200 فقط، وكذلك لدينا تخمة في المعروض الفندقي، لكن دون أن تكون هناك جودة عالية، وهذه النوعية من المعروض لا يمكن أن تستقطب سياحاً من السوق العالمي، ويرجع السبب في صعود السعودية في قطاع السياحة هو قدرتها على استقطاب فنادق عالمية كبرى خلال 4 سنوات فقط.

ولقد أكدت الدولة منذ سنوات ضرورة تقديم سياحة عائلية، بينما ما يحدث الآن هو استقطاب للسياح الأفراد، ولذلك تم تأسيس فنادق كثيرة في البحرين دون دراسة جدوى، وتلك أيضاً تحتاج إلى أرقام يعتمد عليها في وضع دراسات الجدوى.

وتحاول الهيئة التركيز على السائح الداخلي، لكن هذه النظرة غير موفقة، فمن لديه أموال لن يبقى في البحرين وسيبحث عن سياحة في الخارج، ويتبقى السياح من ذوي الدخل المحدود وتلك الفئة لا تحاول الفنادق الوصول إليها ببرامج أو عروض مناسبة بالمقارنة بما يعرض في دول أخرى.

وتوضح الأرقام أن نسبة هامش الربح السنوي للفنادق تتراوح بين 30 و40%، ولذلك لا أرى ضعفاً كبيراً في هيئة السياحة أو وزارة التجارة، ولكن المسؤولية تقع على أصحاب الفنادق الذين لا يعملون على تعزيز السياحة العائلية أو الداخلية رغم التوجيهات من القيادة بشأن تلك النوعية من السياحة.

علي أمر الله: أعمل في قطاع السياحة منذ 30 سنة في كل من دبي والبحرين وكنت عضواً في هيئة السياحة بدبي كمستشار، وأود التوضيح أن كل الفنادق والمطاعم كانت تحقق أرباحاً حتى نهاية 2019، لكن جاءت الجائحة لتؤثر على الجميع دون استثناء، ويتوقع مطار دبي أن يعود إلى ما كان عليه قبل الجائحة في عام 2025، بحسب أحدث التقارير وهنا أنوه إلى أن دبي تمثل أيقونة السياحة في منطقة الخليج.

الرقم الذي ذكر في مجلس النواب بشأن إشغال الفنادق 12% ليس صحيحاً، ونحن نتحدث عن شهر فبراير الذي يعرف عالمياً بأنه أكثر الأشهر ركوداً، حيث حققت الفنادق الشاطئية في المملكة نسبة إشغال بلغت 49%، بينما الفنادق الأخرى في المدينة 7%. وبالفعل هناك تأثر في قطاع السياحة الوطني بما قدمته السعودية في مهرجان الرياض وضخها مبالغ كبيرة في التسويق، وأرى أن محاولة استعادة السوق السعودي أصعب بكثير من البحث عن أسواق جديدة.

وما ذكر في إستراتيجية السياحة بشأن التعاقد مع مكاتب في 19 دولة جديدة لن يحقق الهدف منه أو الوصول إلى رقم 14 مليون سائح، إلا في حالة وجود قوى عاملة كبيرة وهو أمر غير متحقق على أرض الواقع.

كنت ضمن فريق توقيع الاتفاقيات التي قامت بها الهيئة، وعملت من خلال مكتبنا الخاص على جلب سياح روسيا بمجهود شخصي خارج نطاق عمل الهيئة، وتم تجهيز برنامج للسياحة الأوكرانية لكن الحرب جمدت الاتفاقية، ولقد قدمت الهيئة دعماً كبيراً لهذا البرنامج، حيث تمت استضافة وفد أوكراني والترويج للبحرين في كييف.

وأذكر حين أتينا بالسياح الروس إلى منطقة الجفير سمعنا انتقادات حول نوعية الفنادق، حيث قالوا إنها تتشابه جميعها؛ فهي مجرد بنايات وغرف ولا يمكن تمييز فوارق تضع أمام السائح خيارات متنوعة.

لا تنقصنا المكونات السياحية ولكن تنقصنا الخبرة، فعلى سبيل المثال أوروبا بدءاً من بريطانيا نهاية بروسيا هي سوق تضم قرابة ملياري نسمة يبحثون عن شمس وبحر ورمال، وكل تلك الأشياء موجودة في البحرين ولا تحتاج لفعاليات، ولقد كنت في دبي عام 1995 ولم يكن هناك سوى تلك المقومات الثلاثة.

«الوطن»: لكن اليوم دبي مختلفة عما قبل 25 عاماً فلماذا لم تتطور السياحة في البحرين كما حدث هناك؟

ربما لأن الهيئة تم تأسيسها في عام 2015، وتحتاج لوقت كي نستطيع أن نقيم أداءها، وهنا ألفت إلى أمر مؤسف وهو أن البحرين بلد شواطئ لكن هناك نقص كبير في هذا المكون ونقص شديد في الفنادق التي لديها شواطئ على البحر، إلا أنه يتم طرح منطقة بحرين باي اليوم لعمل شواطئ للفنادق، والعمل يسير بوتيرة سريعة خلال الأشهر الستة الماضية.

هناك إشكالية في تنظيم الفعاليات وهو أن كل جهة تعمل بمعزل عن الجهات الأخرى، فنجد مجلس التنمية الاقتصادية يعلن بمفرده والثقافة لحالها والرياضة لحالها، وأنا منذ أن عدت من دبي طالبت بتشكيل هيئة تحت مظلة السياحة تكون مهمتها إرسال رسالة موحدة عن الفعاليات حتى تكون رسالة أقوى في التسويق والإعلان، وحتى يحدث التنسيق وعدم التضارب في المواعيد.

«الوطن»: هل الرسالة الموحدة تحتاج لمتخصصين في الترويج والدعاية؟

هذا ما كنت اقترحته على السياحة في وقت سابق بأن «يعطوا الخباز خبزه» لأن هذا العمل يحتاج لخبراء ومختصين لإخراجه بأفضل صورة ولكي يحقق الهدف منه.

سنان الجابري: لدينا قطاع خاص لديه شغف بتسجيل حضوره حتى في أصعب الظروف، ولقد تم افتتاح فنادق جديدة خلال فترة كورونا، ومجمل العمل السياحي ومعدلات الأداء للقطاع لا يقاس بمعزل عن باقي المؤشرات الأخرى، فمعدل الإشغال في القطاع الفندقي مهم، لكن لا يتم الأخذ به كمؤشر فردي للقطاع بالكامل، وإنما برفقة مؤشرات عدد الليالي ومعدل الإنفاق ومدة الإقامة.

للأسف، تم تصوير القطاع بأنه «ميت إكلينيكياً» بينما ذلك يجافي الحقيقة، فمؤشرات الأداء أن القطاع الفندقي في الربع الرابع 2021 قياساً بنظيره في 2019 وقبل كورونا، وصل إلى نسبة تعافٍ بلغت 97.5%.

وبالأرقام، فإن عدد الزوار الوافدين لأغراض سياحية ارتفعت في 2021 بنسبة 89% عن العام السابق له، وارتفع عدد الليالي السياحية في 2021 بنسبة 179% عن عام 2020، وزاد متوسط الإنفاق اليومي للزائر بنسبة 11%، وإجمالاً وصلنا إلى نسبة أداء مقاربة لما كنا عليه قبل كورونا وهذا يؤكد أننا نسير في الاتجاه الصحيح للتعافي.

وخطتنا لم توضع اعتباطاً، حيث قمنا بقياس أداء المرحلة الأولى من الإستراتيجية 2016-2019 والتي حققت نسبة 6.8% وأسباب هذا الارتفاع، وكيف نصل إلى ما نطمح إليه وهو 11.4% ونحن مساءلون عن تحقيقها.

من تشخصينا لواقع القطاع السياحي نتوقع أن يرتفع إجمالي الإنفاق السياحي في عام 2026 حوالي ملياري دينار، وهو رقم كبير.

«الوطن»: هذه التوقعات لا يمكن الاعتماد عليها كواقع متحقق بالفعل،

هذه الأرقام وضعت بناءً على دراسات، وأصحاب الصنعة هم جزء في صياغة هذه الدراسات والإستراتيجية، ونحاول معهم تلمس مواضع الفرص، ولذلك عقدنا معهم عدة لقاءات تشاورية، وما أود قوله أيضاً إنه حتى في أسوأ الفترات كنا على اتصال مع القطاع الفندقي ونبحث معهم عن فرص لتحسين وضعهم، بجانب حزمة الدعم التي قدمتها الحكومة، ولقد حقق بعضهم عوائد كبيرة من نظام الحجر الصحي للقادمين إلى البحرين والعابرين إلى السعودية.

حسين بدر: شركتنا تملك فنادق، ومنذ سنة تقريباً افتتحنا فندقاً جديداً في الجفير خلال فترة الجائحة، وتم منح الإدارة لشركة عالمية، وقمنا بعمل دراسة جدوى للسياح الذين يأتون إلى البحرين ورأينا أن السياحة العائلية هي الأنسب، فقمنا بتعديل نظام الغرف لتناسب نوعية السياحة العائلية، ولم تقصر معنا هيئة السياحة في إنهاء التراخيص، ولولا الثقة بالهيئة وتوجه الحكومة لما تشجعنا بالإقدام على هذه الخطوة الجريئة في زمن كورونا، ونحن متفائلون بالعوائد التي ستكون تدريجية، وبدعم هيئة السياحة نرى المستقبل واعداً.

«الوطن»: هل أستطيع أن أفهم مما ذكرته أنكم لا تواجهون أي مشاكل، وهل هناك توسع قريب إذا كانت الأمور طيبة؟

بالفعل ليس لدينا مشاكل ولكن التحديات دائماً موجودة فكل مشكلة لها حل، وسنقوم بالتوسع بحيث سنغير من تصميم الفندق القادم، ولقد سمح تصميم الفندق في استقطاب سياح من الداخل في فترة الجائحة.

أحمد تقي: تعتبر إدارة المشاريع إدارة مستحدثة في هيئة السياحة وتعتمد على إسهام الهيئة في خلق البنية التحتية للسياحة في البحرين، ولقد كانت هناك عدة مشاريع موجودة في طور التنفيذ، ومع تشكيل الهيئة الجديد تم التركيز أكثر على تلك المشاريع، فخلال أزمة كورونا كان لدينا تركيز أكثر على المشاريع.

وعلى سبيل المثال، مركز المعارض بدأ وضع حجر الأساس فيه يناير عام 2020 وبدأ العمل في مايو من نفس العام، وثقتنا بالقيادة جعلتنا نبادر في الاستثمار والتمويل الذاتي في أرض المعارض، وكذلك في مشروع ساحل قلالي بدأنا أعمال الإنشاءات في أوج أزمة كورونا، وقمنا بأعمال الدفان ونمشي بخطى ثابتة لكي ننتهي من الساحل كوجهة سياحية للمواطنين والمقيمين قبل الأجانب، وهو مشروع ممتد على مسافة كيلومترين ويشتمل على ساحلين عامين.

كنا نعاني في السابق من عدم وجود شواطئ عامة، لكن اليوم نعمل على سد هذه الثغرة، ولن يكون مشروع ساحل قلالي مقتصراً على الشاطئين، وإنما هو مشروع متكامل يتضمن مطاعم ومقاهٍ وساحة طعام وملاعب داخلية وخارجية وشاطئية.

ولدينا أيضاً مشروع بحرين باي الذي يتكون من 4 شواطئ خاصة وشاطئ عام بطول 600 متر وهذا المشروع بدأت مرحلة الدفان في نوفمبر 2021، وسندعوكم لمتابعة أعمال البناء في الموقع حالياً، ونأمل في نهاية العام الجاري أن يفتتح كل من ساحل قلالي وبحرين باي أمام الجمهور.