بقلم: إيثان صن، الرئيس التنفيذي لشركة هواوي في البحرين

أحدثت التكنولوجيا الرقمية تحوّلات جذرية وجوهرية في مجتمعات واقتصادات الدول، بما فيها مملكة البحرين التي تتبوأ اليوم مكانة رائدة بين دول المنطقة والعالم في مجال الاعتماد على التقنيات الرقمية المتطورة لمواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية وتعزيز فرص النمو الاقتصادي ودفع عجلة الاستدامة في شتى المجالات.

ومن بين العديد من التقنيات الثورية الجديدة، يعتمد ازدهار المجتمعات اليوم بشكل كبير على قدرتنا على الاستفادة من الجيل القادم من شبكات تقنية المعلومات والاتصالات، حيث تدعم هذه التقنيات البنية التحتية وتوفر الخدمات الأساسية لجميع القطاعات الاقتصادية. وفي الوقت الحالي، تؤدي شبكات الجيل الخامس دوراً كبيراً في تمكين نماذج الأعمال الحديثة والقطاعات الأساسية في البحرين التي كانت في مقدمة الدول التي بدأت حصاد فوائد الجيل الخامس باعتبارها من الدول التي كانت سباقة في نشر هذه التقنية التي ستحمل مزيداً من القيم المضافة مستقبلاً.



ويُعتبر قطاع الطاقة مثالاً مهماً لقدرة البحرين على تحقيق قيمة جديدة بالاعتماد على مواردها الطبيعية من خلال تبني حلول الجيل الخامس التي أثبتت جدارتها على مستوى رفع الانتاجية وسلاسة وكفاءة عمليات التشغيل. وقد أطلقت هواوي حل حقول النفط والغاز الذكية والذي تم تصميمه لمساعدة شركات النفط والغاز على تحقيق التحول الرقمي. ويستهدف الحل تمكين شركات النفط والغاز من التعامل مع المخاطر بفاعلية أكبر على ضوء القدرات الكبيرة لتحليل البيانات والاستجابة لحالات الطوارئ بسرعة وبناء أنظمة متماسكة لضمان أمن المعلومات وجدوى العمليات التشغيلية. وتركز هواوي على متطلبات الأمن والكفاءة، مما يسهم في تعزيز الاحتياط والإنتاج وتحسين الكفاءة والحد من التكاليف والانبعاثات الكربونية وضمان السلامة التشغيلية.

وتسهم ابتكارات الجيل الخامس في تعزيز إيرادات مشغلي الاتصالات المحليين، حيث تلتزم هواوي بالتعاون مع المشغلين والشركاء لتوفير البنية التحتية الملائمة والنظيفة والذكية لتقنية المعلومات والاتصالات، مما يسهم بدوره في نشر المردود الإيجابي لشبكات الجيل الخامس على نطاق واسع. وبفضل هذه الجهود يمكن لمشغلي الاتصالات في الوقت الحالي توفير الخدمات المخصصة للشركات والحلول التي تعتمد على الجيل الخامس والشبكات السحابية الذكية ومراكز البيانات وقدرات الحوسبة السحابية. ونثق في هواوي بأن تعزيز الخدمات المخصصة للشركات سيسهم في دفع عجلة التحول الرقمي وتنمية الاقتصاد الرقمي في مملكة البحرين.

ونظراً للتوقعات التي تشير إلى تسارع وتيرة التحول الرقمي، لا يمكن لقطاع الاتصالات في البحرين أن يكتفي بالإنجازات التي تم تحقيقها مؤخراً فحسب، بل يجب وضع استراتيجيات جديدة لابتكار الشبكات الحديثة والمستدامة التي تضفي مزيداً من الميزات على مستوى أعمال وخدمات الأفراد والشركات. وقد أطلقت هواوي دليل تطوير الشبكات لدعم هذا النهج، وهو برنامج عمل يمكن للمشغلين اعتماده لتعزيز الاقتصاد الرقمي بالتعاون مع الأطراف الفاعلة في منظومة النظام الإيكولوجي لتقنية المعلومات والاتصالات. ويحدد الدليل المقومات الأساسية للشبكات في المستقبل والتي تشمل اتصال "جيجابت" الشامل والاعتماد على التقنيات الآلية الفائقة لمواجهة حالات عدم اليقين وتوفير الحوسبة والشبكات الذكية كخدمة وتوفير التجارب المتباينة عند الطلب وتمكين الاستدامة بالاعتماد على تقنية المعلومات والاتصالات النظيفة.

وتحرص هواوي على مشاركة علومها وخبراتها وتوفير آخر ابتكاراتها وحلولها في البحرين، وتجسد ذلك من خلال مشاركاتها بأحداث مهمة كمؤتمر تقنية المعلومات والاتصالات (Meet ICT) ومعرض البحرين الدولي للتكنولوجيا (BITEX) 2022، حيث استعرضت فيهما التقنيات المتكاملة والخدمات الشاملة التي توفرها وناقشت مع عملائها وشركائها الدور الحيوي للتقنيات المبتكرة وأحدث الحلول الرقمية على طريق دعم أعمال وخدمات القطاعات الأساسية والاقتصادية بتحقيق أهداف الخطط والاستراتيجيات والرؤى الوطنية للبحرين.

أحد أهم المحاور المرتبطة بالابتكارات الحديثة اعتمادها على المهارات التقنية التي يجب أن تتسلم زمام أمور تطويرها ونشر فوائدها. وهواوي تدعم بقوة الجهود الحكومية التي تهدف إلى تنمية مواهب تقنية المعلومات والاتصالات في البحرين وإعداد الجيل المستقبلي الذي سيقود دفة التكنولوجيا. ولذلك، وضعت هواوي خطة للمساهمة في تنمية المواهب التقنية المحلية بما يتماشى مع مبادرة "بحرين درايف" لتنمية المواهب، وتحرص على بناء جسور التعاون والعمل المشترك في هذا المجال مع كافة شركاء القطاعين العام والخاص.

في هذا الإطار، تسهم أكاديمية هواوي لتقنية المعلومات والاتصالات في تنمية النظام الإيكولوجي لمؤسسات التعليم العالي وتمكينها من تعزيز برامج التدريب على تقنية المعلومات والاتصالات بالاعتماد على برنامج أكاديمية الشبكات والمعلومات (HAINA) الذي توفره هواوي. كما عقدت هواوي البحرين اتفاقيات شراكة مع العديد من الجامعات الرائدة في المملكة لبناء أكاديمية هواوي للشبكات والتي توفر للطلاب أعلى مستويات التدريب على تقنية المعلومات والاتصالات وتسهم في إعداد المعلمين لكي يصبحوا مدربين يتمتعون بالكفاءة.

وندرك أن تزايد الاعتماد على التقنيات الرقمية الحديثة مثل الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي والجيل الخامس يؤدي إلى زيادة المخاطر والتحديات التي تواجه الأمن السيبراني. ولذلك، تدعو هواوي الشركاء في القطاع التقني إلى التعاون على وضع معايير موحدة للأمن السيبراني ومواصلة استكشاف أفضل الممارسات لتعزيز الأمن والثقة.

نتبنى في هواوي نهج التعاون المنفتح مع كافة الأطراف الفاعلة محلياً وإقليمياً وعالمياً، ونعمل بالتنسيق مع مؤسسات دولية رائدة مثل الجمعية الدولية للهاتف المحمول ومشروع شراكة الجيل الثالث والجمعية العامة لفريق الاستجابة للطوارئ الحاسوبية التابع لمنظمة التعاون الإسلامي وغيرها من الأطراف الفاعلة في القطاع التقني، من أجل التحقق من مخاطر الأمن السيبراني وتعزيز الشهادات والمعايير المستقلة مثل اختبار أمان تجهيزات الشبكات التابع للجمعية الدولية للهاتف المحمول ومشروع شراكة الجيل الثالث، وقاعدة معلومات الأمن السيبراني للجيل الخامس التي وضعتها الجمعية الدولية للهاتف المحمول. كما تشرف هواوي في الوقت الحالي على نشر إطار عمل أمان الجيل الخامس الذي طورته مجموعة العمل الأمنية التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي والذي يهدف إلى تعزيز الأمن السيبراني لمواجهة المخاطر الناجمة عن تطور التقنيات الرقمية.

تشجيع المنافسة وتعزيز دور الحكومة في تنظيم القطاع التقني لا يتعارض مطلقاً مع فتح مزيد من آفاق فرص التعاون بين مختلف أطراف النظام الإيكولوجي لصناعة الاتصالات وتقنية المعلومات من القطاعين العام والخاص. وتُعتبر مملكة البحرين مثالاً مهماً لدور السياسات الحكومية والتنظيمات والمبادرات التي تثري إسهامات القطاع الخاص في ابتكار حلول تعود بالنفع على جميع الأطراف، وتدفع بالتالي عجلة التنمية الاجتماعية والاقتصادية في المملكة نحو مزيد من التقدم والإنجازات.