* مركز محمد بن نايف للمناصحة نموذج فريد قوامه وسطية الإسلام

وليد صبري

تعتبر المملكة العربية السعودية رائدة في مجال مكافحة الإرهاب، ويمكن اعتبارها رأس الحربة في مواجهة تلك الآفة، محلياً وإقليمياً وعالمياً، إذ أسهمت بفاعلية في اللقاءات الإقليمية والدولية، التي تبحث موضوع مكافحة الإرهاب وتجريم الأعمال الإرهابية وفق أحكام الشريعة الإسلامية، التي تطبقها المملكة، وتحديث وتطوير أجهزة الأمن وجميع الأجهزة الأخرى المعنية بمكافحة الإرهاب.



وتبذل الحكومة السعودية تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، جهوداً كبيرة في التصدي لظاهرة الإرهاب، حيث تقود العالم لاستئصال شأفته، وتعد تجربة المملكة في التصدي لظاهرة الإرهاب تجربة رائدة تحظى بتقدير محلي ودولي حيث تتمتع المملكة بخبرة أمنية عالية مكنتها من دحر تنظيم القاعدة بين عامي 2003 و2006، إضافة إلى مواجهة تنظيم الدولة "داعش"، وتصنيف السعودية لمجموعة من الميليشيات والجماعات والتنظيمات الإرهابية على قائمة الإرهاب السعودية. وعزا خبراء ومحللون الدور الرائد للمملكة بسبب خبرتها التراكمية التي باتت أنموذجاً يحتذى به، ونظراً لمعالجتها الناجحة عبر جهود كبيرة مبنية على أسس علمية، بعد أن طالتها هذه الظاهرة وعانت من هجمات إرهابية في الماضي.

ومن أبرز الجهود التي تبذلها السعودية لمحاربة تلك الآفة، تحصين الحدود، وإحكام الرقابة عليها لمنع التسلل والتهريب. كما قامت وزارة الداخلية بنشر قوائم للمطلوبين أمنياً في قضايا إرهابية لتكثيف عمليات البحث عنهم وملاحقتهم مع إشراك المواطنين في محاربة الإرهاب الذي يهدد أرواحهم ومقدراتهم وأمنهم.

وأدركت المملكة في وقت مبكر أهمية تثقيف المجتمع أمنياً وفكرياً تجاه الظاهرة وخطورتها لذلك عمدت إلى تقديم برامج توعية عبر وسائل الإعلام المختلفة وتدريس مادة مكافحة الإرهاب في بعض المناهج الدراسية في الجامعات والكليات. كما دعا الإدراك المبكر بخطورة ظاهرة الإرهاب وأهمية توعية المواطنين بالفئة الضالة التي تعتنق فكره المنحرف إلى انتهاج سياسة إعلامية مبنية على الشفافية وذلك بالكشف عن هوية المطلوبين أمنياً والفئات الضالة عبر بيانات لوسائل الإعلام المختلفة.

ويمثل تأسيس مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية الذي حظيت فكرته بدعم وتأييد كبير من الراحل صاحب السمو الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله أحد النماذج الفريدة التي تعكس نوعية الرعاية والاهتمام التي تقدمها وزارة الداخلية السعودية للموقوفين والتي حظيت باهتمام لافت من قبل أجهزة الأمن في دول العالم ومسؤوليها الذين زار الكثير منهم المركز وطلبوا الاستفادة من هذا النموذج المميز. وبدأ المركز عمله عام 2006 في استيعاب المتورطين في الفكر الضال وإعادة دمجهم في المجتمع وتصحيح مفاهيمهم عن طريق الاستفادة من برامج المركز المختلفة والوصول بالمستفيدين منه لمستوى فكري آمن ومتوازن لهم ولمجتمعهم، كما تساعد برامج المركز من غرر بهم لإدراك أخطائهم والعودة لجادة الصواب، والاندماج بالمجتمع مواطنين صالحين ومنتجين لصالحهم وأسرهم ووطنهم. ويضم مركز محمد بن نايف للمناصحة مجموعة من الخبراء والمستشارين النفسيين والاجتماعيين، إضافة إلى علماء دين وشريعة، حيث يمثل برنامج المناصحة المرحلة الإجرائية الأخيرة لإطلاق سراح الموقوفين لدى الجهات الأمنية.

وعلى المستوى الخارجي، أكد خبراء أمنيون واستراتيجيون أن مبادرة العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود بإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب ودعمه مادياً جاءت في وقتها المناسب، لتسلط الضوء على العنف الإرهابي المتكرر الذي تعاني منه دول المنطقة والعديد من دول العالم، وتنبه لحجم التحديات الأمنية الخطيرة التي تواجه المنطقة، لا سيما بعد تدهور الأوضاع السياسية والأمنية في عدد من دول المنطقة، مما أدى إلى تصاعد منحنى الإرهاب من ناحية، وصعوبة مواجهته من ناحية أخرى.

وقامت السعودية بسلسلة إجراءات من اجل مكافحة الإرهاب محلياً وإقليمياً ودولياً ومن أبرز تلك الإجراءات، انضمام المملكة إلى عدد من المعاهدات الإقليمية في مجال مكافحة الإرهاب، منها معاهدة منظمة المؤتمر الإسلامي لمكافحة الإرهاب الدولي 1999، ومدونة قواعد السلوك لمكافحة الإرهاب الدولي المعتمد من منظمة المؤتمر الإسلامي في مؤتمر القمة الإسلامي السابع عام 1995، والاتفاق العربي لمكافحة الإرهاب. كما تم تشكيل التحالف العربي الإسلامي لمحاربة الإرهاب بقيادة السعودية، وإقامة مركز عمليات مشتركة في الرياض لتنسيق ودعم العمليات العسكرية لمكافحة الإرهاب ولتطوير البرامج والآليات اللازمة لدحره. وقد دشن خادم الحرمين الشريفين في 2017 بمشاركة قادة 55 دولة في العالم، المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف "اعتدال"، الذي تستضيف مدينة الرياض مقره الرئيس.

وفي فبراير 2005، استضافت السعودية المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب، بمشاركة أكثر من 50 دولة عربية وإسلامية وأجنبية إلى جانب عدد من المنظمات الدولية والإقليمية والعربية تتويجاً لجهودها في محاربة الإرهاب.

وفي أغسطس 2014، أعلنت السعودية عن دعمها للمركز الدولي لمكافحة الإرهاب التابع للأمم المتحدة ومقره نيويورك بمبلغ 100 مليون دولار، وذلك انطلاقا من رؤية المملكة بأن الإرهاب هو آفة على الجميع.