بقلم - السيد د. محمد علي الحسيني:

اليوم الوطني السعودي مناسبة ليست وطنية فقط بل تاريخية، وتأسيس المملكة العربية السعودية كان وسيبقى صمام أمان في حماية الأمن القومي العربي وشوكة في عين أعداء هذه الأمة.

ثمانية عقود ونيف كافية للقول بأن المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها على يد الملك عبد العزيز آل سعود، طيب الله ثراه، مثلت وتمثل قلب هذه الأمة ونبض عروبتها وهدي دينها، تأسست لتكون أملاً مشعاً لكل عربي ومسلم، لتذود عنه وتصون مقدساته وترعى همومه، رغم كل التحديات الداخلية والخارجية التي واجهتها ولكن بفضل سواعد الملك عبد العزيز وأبنائه وأبناء هذا البلد الطيب تمكنت المملكة من أن تخطو خطوات رائدة على كل المستويات لتشكل نهضة علمية واجتماعية وثقافية رائدة، ليس هذا فحسب بل عملت منذ تأسيسها على الدفاع عن قضايا الأمة، كالقضية الفلسطينية والوقوف إلى جانب الحركات التحررية ضد الاحتلال الأجنبي للدول العربية والإسلامية، فبرزت مواقفها الجريئة على مستوى المؤتمرات والمحافل الدولية لوقوفها إلى جانب القضايا المحقة.



لقد تمكنت المملكة العربية السعودية على مدى عقود من الزمن أن تشكل صمام أمان لحماية الأمن القومي العربي من أية تهديدات تضرب عمق الدول العربية واستقرارها ووجودها، وهي ما قامت به منذ تأسيسها إلى يومنا هذا حيث بدا دورها جليا في الذود عن مملكة البحرين من خلال درع الجزيرة الذي تصدى للتدخل الايراني السافر في ضرب استقرار دولة عربية شقيقة، ورغم التحديات الخطيرة التي تعصف بالدول العربية إلا أن هذا لم يثني المملكة تحت حكم خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، عن قيادة تحالف عربي لقطع يد التوغل الإيراني في اليمن الذي عاث فيه فساداً وخراباً وتدميراً، وقادت المملكة بقيادة ولي العهد السعودي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود عاصفة الحزم لتلقن أعداء هذه الأمة درساً في الدفاع المقدس عن أمن دولنا العربية وأنها حاضرة وليست ضعيفة وأي مساس بأمن أي دولة عربية هو مساس بأمن كل الدول، لأنه جزء لا يتجزأ من منظومة شاملة، وهكذا كانت المملكة حاضرة إلى جانب الكويت والإمارات في عملياتها الأمنية للكشف عن الخلايا الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني الغاشم.

ولا أحد ينكر حجم المساعدات الإنسانية التي قدمتها المملكة العربية السعودية للدول العربية الشقيقة كلبنان ومصر والأردن واليمن والسودان، لتكون مملكة للخير وراعية للسلام، إلى جانب وقوفها إلى جانب الشعب السوري في محنته وأزمته بسبب نظام بشار الأسد الظالم الذي شرد السوريين في كل أنحاء العالم ليكونوا لاجئين مهانة كرامتهم من دون أن ننسى محاولة احتواء العراق واحتضانه من جديد وإعادته إلى الحضن العربي بعدما عاش ردحا من السنوات تحت الهيمنة الإيرانية، إلا أن العراق اكتشف حقيقة هذا الوجه الكنيف وأبى إلا أن يعود إلى مكانته العربية الأصيلة.

اليوم المملكة أثبتت بجدارة قيادتها الحكيمة أنها دولة إقليمية قوية ولها حضورها الذي يحسب له الحسابات، نتيجة دورها الاستراتيجي في أي معادلة إقليمية ودولية، من خلال الحكـمـة التي تميزت بها قيادتها الأمينة في درء كل تلك المخاطر وحفظت المملكـة وشعبها والأمن القومي العربي بكـل حذاقة واقتدار، كما برهنت على أرض الواقع على المستوى الداخلي من خلال النهضة الاقتصادية المتمثلة في رؤية المملكة 2030، أنها دولة قادرة ومقتدرة، وانتهجت منهجاً إسلامياً معتدلاً تخوض خلاله معركة محاربة التطرف والمتطرفين، أما على المستوى الخارجي فأثبتت بحكمتها أنها قادرة على إدارة الملفات الإقليمية المعقدة.

* الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان