* المنطقة مرشحة لمزيد من الاضطرابات ولم تتجاوز تأثيرات "الربيع العربي" وانخفاض أسعار النفط

* انهيار أسعار النفط ينبئ بانتهاء الدولة الريعية في الدول المصدرة والمستوردة

* اختلاف تجاوب النظم الحاكمة مع التطلعات الجماهيرية في مرحلة "الربيع العربي"



أبوظبي – صبري محمود

أكد نائب رئيس مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، ووزير الإعلام والخارجية الأسبق في المملكة الأردنية الهاشمية، د. مروان المعشر، أن ""الربيع العربي"، كان سبباً مباشراً في انهيار العقود الاجتماعية القديمة في العالم العربي"، متوقعا أن "يتسبب تراجع أسعار النفط في انتهاء الدولة الريعية في الدول المصدّرة والمستوردة للنفط".

وأوضح د. المعشر في ندوة نظمها مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في أبوظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة تحت عنوان، "انتهاء الحقبة الريعية في العالم العربي"، وحضرها لفيف من الإعلاميين والدبلوماسيين والأكاديميين، أن "الاحتجاجات التي شهدتها بعض دول المنطقة في سياق ما سمي الربيع العربي كانت ضد السلطوية، وتوقع البعض أن تؤدي إلى بداية حقبة جديدة في العالم العربي، ولكن الاحتجاجات أنتجت اضطرابات جديدة، وحروباً أهلية".

وأكد المعشر أن "المنطقة مرشحة لمزيد من الاضطرابات"، مشيراً إلى أنها "لم تتجاوز، كما يعتقد كثيرون، التأثيرات التي أنتجتها حقبة الربيع العربي، وانخفاض أسعار النفط".

وتناول المحاضر تحدي "الربيع العربي"، الذي واجه المنطقة في الأعوام القليلة الماضية، مشيراً إلى أن "تلك الأحداث كانت سبباً مباشراً في انهيار العقود الاجتماعية القديمة في العالم العربي، حيث ارتكز العقد القديم على محورين، سياسي واقتصادي، التزمت فيه الدول، على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، بتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، إضافة إلى القيام بمهمة المُشغّل الرئيسي للعمالة، في مقابل قبول المواطنين ضعف تمثيلهم السياسي. وعندما كبر حجم القطاع العام في هذه الدول، ولم تعد قادرة على تقديم النوعية نفسها من الخدمات، انهارت هذه العقود، وانهارت معها بعض الأنظمة العربية".

وتناول مروان المعشر تحدياً جديداً يواجه المنطقة اليوم، ويكمن في انهيار أسعار النفط، حيث أكد أن "هذا التطور ينبئ بانتهاء الدولة الريعية في كل من الدول المصدرة والدول المستوردة للنفط".

وأوضح المعشر أن "الدول المصدرة للنفط، وتحت ضغط انخفاض أسعاره، لم تعد قادرة على الوفاء بحزمة الرفاه الاجتماعي التي كانت تقدمها لمواطنيها، وقد أدى ذلك في بعض الحالات إلى مطالبة قطاعات شعبية متزايدة بتمثيل سياسي في عملية صنع القرار". وأضاف المعشر أن "رد فعل دول الخليج على الربيع العربي تمثل في تقديم المزيد من المساعدات للمواطنين، سواء كانت هذه المساعدات مالية، أو تحسين خدمات، أو خلق فرص عمل جديدة".

وأشار المعشر إلى أن "المنطقة في حاجة إلى عقود اجتماعية جديدة بين الدولة والمواطن في مرحلة ما بعد نهاية دور الدولة الريعية"، مؤكداً أن "المنطقة لم تطور أنظمة سياسية متوازنة تحول دون تغول سلطة على أخرى". وقال المعشر إن "الوقت قد حان لتأسيس نظم سياسية تشرك المواطن بشكل حقيقي في عملية صنع القرار، كما أن الوقت قد حان لتمكين المرأة في العالم العربي بشكل حقيقي؛ لتكون شريكاً للرجل، وعلى قدم المساواة معه في عملية التنمية بالدول العربية".

وقال المعشر إن "النظم الحاكمة في المنطقة اختلفت درجة تجاوبها مع التطلعات الجماهيرية في مرحلة ما قبل ما سمي "الربيع العربي"، والمشكلة أن الإصلاحات التي تمت رداً على هذه التطلعات كان المستفيد الأكبر منها الطبقة الريعية حول النظام الحاكم، وليس عامة الناس، ومن هنا كانت شرارة ما سمي الربيع العربي الذي أدى إلى سقوط نظم الحكم في عدد من الدول العربية".

وأوضح أن "المشكلة، في ظل انخفاض أسعار النفط، أن الحكومات لم تعد قادرة على توظيف المزيد من القوى العاملة، كما انخفضت نوعية الخدمات العامة في الكثير من الدول العربية". وأكد المعشر أنه "كان من الممكن استيعاب درس الربيع العربي عن طريق تطوير نظم متوازنة، ولكن ذلك لم يحدث إلا في تونس جزئياً، وقد عادت معظم النظم في المنطقة إلى ممارسة أساليبها نفسها، التي أدت إلى تفجُّر احتجاجات عام 2011".

وفي ختام الندوة كرم مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية د. جمال سند السويدي، د.مروان المعشر.