الحركة التجارية تضاعفت والإعلانات راجت ووصفات الطبخ في كل مكان.. هذا ما نراه من حولنا خلال شهر رمضان، فما أن يهل الشهر حتى تنتعش الأسواق ونشهد الإسراف في كل التفاصيل.

السلوكيات الاستهلاكية في رمضان كان محور حديث خبير أول تعزيز صحة باليونيدو ومؤسس ورئيس إسباير أكشن إجيفمنت للاستشارات د.أمل عبدالرحمن الجودر، إذ تقول: "هو مشهد يتكرر في كل عام مع حلول هذا الشهر الفضيل ألا وهو التهافت المحموم على شراء وتخزين المواد الغذائية بالرغم من كل الدعوات باستثمار هذا الشهر للتخلص من تلك الشحوم المكدسة. حيث بلغت نسبه انتشار زيادة الوزن والسمنة بين البالغين البحرينيين بالفئة العمرية من 20 إلى 65 سنة حوالي 70%! حسب آخر مسح وطني شامل. إضافة إلى طرح كثير من كتاب الأعمدة بصحفنا المحلية ومعدي البرامج الإذاعية هذا الموضوع. إلا أنه يبدو كأننا "نؤذن في خرابة" فلا يسمعنا أحد".

وتزيد قائلة: "العجيب في الأمر أن الإسراف في الشراء لا يقتصر على الطعام فقط، بل يمتد ليشمل الملابس والأواني المنزلية والأثاث، والأدهى من ذلك عادة القرقاعون الشعبية البسيطة تطورت وأصبحت عبئاً مالياً على العائلات ووسيلة تفاخر ومظاهر لا احتفالاً شعبياً بسيطاً.. وللأمانة نقول إن المجتمع كله قد ساهم بشكل أو بآخر في تشكيل هذه الظاهرة. فما يأتي رمضان إلا ونرى الحركة التجارية لدى التجار تضاعفت، والإعلانات التجارية راجت، ووصفات الطبخ على كل القنوات التلفزيونية وصفحات الصحف، وعروض التخفيضات التي شملت كل احتياجات الفرد والأسرة إلا وتم عرضها في هذا الشهر، فلم تترك سيارة ولا هاتف ولا أثاث ولا غيره، وبغض النظر عن علاقته المباشرة برمضان أو لا. ناهيك عن عروض القروض للبنوك الإسلامية وغير الإسلامية".



الأصل في الشهر الكريم هو الزهد في كل ما هو دنيوي، هو في الأصل رجوع إلى النفس، والتركيز على الطاعة والتسابق فيها، وعن ذلك تقول د الجودر: "يعد رمضان شهراً روحياً ومعنوياً قبل أن يكون بدنياً ومادياً. وعليه يجب أن نستشعر بروح القرآن وآدابه وأن نلتزم بتعاليم الله وبسنن رسوله صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر الفضيل. تأملوا معي قول الله تعالى في الآية 29 من سورة الإسراء "ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً" فهل نحن كذلك؟".

وتواصل د.الجودر قائلة: "تأملوا القاعدة الصحية في قوله تعالى في الآية 31 من سورة الأعراف "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين " فمن منا لا يود أن يكون ممن يحبهم الله. فكيف بنا ونحن نسرف في الشراء فندخل في مجموعة ممن لا يحبهم الله والعياذ بالله من ذلك.. فإن كان الله قد أنعم عليك أفلا يجب عليك تذكر الفقراء والمحتاجين من داخل البلاد وخارجها من دول عربية وإسلامية قريبة وبعيدة، فتمد لهم يد العون والمساعدة. ولنفكر قليلاً في قول رسول الله عليه أفضل الصلوات "ما ملأ ابن آدم وعاءً شراً من بطنه. بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لا بد فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه" رواه الترمذي. أين نحن اليوم من تعاليم ديننا الحنيف كم منا من يأكل ويترك مجالاً للشرب ولمرور الهواء والتنفس".

وتختم الدكتورة أمل الجودر حديثها بقولها: "لو التزمنا بهذا الحديث فقط فعلاً وسلوكاً وأصبح نمطاً حياتياً لدينا لقلت نسبة انتشار السمنة وزيادة الوزن وأمراض السكري والقلب وارتفاع الكولسترول بلا شك.. فألا حان الوقت للوعي والتغيير؟".

***