العين الأخبارية

ربما لا يوجد شخص سعيد في ألمانيا مثل وزير المالية أولف شولتز، الذي يملك فرصة لفرض حكم "إشارة المرور" على فترة ما بعد أنجيلا ميركل.

شولتز الملقب بـ"رجل السنافر" لتشابه ابتسامته بابتسامة الشخصية الكارتونية الشهيرة، هو مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي (يسار وسط) لمنصب المستشار في الانتخابات التشريعية المقبلة.

لكن ما كان ينظر إليه على أنه صعب في الأشهر الماضية، بات ممكنا في الفترة الحالية، وأصبح بإمكان الاشتراكيين الديمقراطيين صنع المفاجأة والفوز بالانتخابات المقبلة وتشكيل الحكومة.

ووفق مجلة دير شبيجل الألمانية "خاصة"، فإن قضايا الفساد التي يغرق فيها الاتحاد المسيحي الحاكم، والصعوبة التي تكتنف تسميته لمرشحه على منصب المستشار قبل 6 أشهر من الانتخابات، تضع مستقبل التكتل الأكبر في ألمانيا على المحك.

وتابعت المجلة "هنا تأتي فرصة شولتز الذي يبدو واثقا ومتأكدا بل متفائلا بقيادة حزبه إلى سدة الحكم"، مضيفة "كان الرجل متفائلا وسعيدا عندما التقيناه في مكتبه في برلين الأربعاء الماضي".

وقال شولتز في تصريحات لمجلة دير شبيجل "هذه فرصة حقيقية لنا.. نحن "أي الاشتراكيين الديمقراطيين" الوحيدون الذين يملكون مرشحا لائقا ومناسبا ومؤهلا لمنصب المستشار".

وفي أغسطس/آب الماضي، سمى الحزب الاشتراكي الديمقراطي، شولتز، مرشحا لمنصب المستشار في الانتخابات المقررة في سبتمبر أيلول المقبل، ليصبح حامل آمال الحزب للعودة لقيادة الحكومة بعد غياب دام 16 عاما.

حكومة "إشارة المرور"

ويعد شولتز (62 عاما) أكثر مرشح لخلافة ميركل، خبرة بدولاب العمل الحكومي وممارسة السياسة على المستوى الاتحادي، إذ خدم لسنوات طويلة كوزير للمالية، وهي أهم حقيبة في الحكومة، ونائب للمستشارة ميركل.

وعلقت "دير شبيجل" على ذلك قائلة "أولف الوحيد الذي يملك هذه المؤهلات، ولا يوجد خصم يحظى بمكانته، على الأقل في عينيه"، مضيفة "مشكلته أن المواطنين لا ينظرون فقط للمرشحين، بل للأحزاب قبل كل شيء".

وتابعت "ربما شولتز في وضع غير موات هنا حتى الآن، إذ يحل الحزب الاشتراكي الديمقراطي في المرتبة الثالثة في استطلاعات الرأي بـ18% من نوايا التصويت" لكن الاتحاد المسيحي "31%" يمكن أن يدخل في مرحلة سقوط حر في الفترة المقبلة، مدفوعا بأزماته في ملفي الفساد وخلافة ميركل.

وأضافت المجلة "يدفع الاتحاد المسيحي ثمن السلوك البغيض لبعض النواب الذين أرادوا الثراء من جائحة كورونا"، مضيفة أن شولتز ربما يملك فرصة في فرض ائتلاف إشارات المرور المكون من أحزاب اليسار "أحمر"، والاشتراكي الديمقراطي "أحمر" والخضر "أخضر"، على حكم ألمانيا.

"رجل السنافر"

ووفق دير شبيجل، فإن شولتز يبدو متسامحا حتى مع وصف "رجل السنافر". ففي قمة كورونا الأخيرة قبل أسابيع، حذر حاكم ولاية بافاريا ماركوس زودر، وزير المالية، من ابتسامة السنافر التي تعلو وجهه، في صدام شهير بين الرجلين في ذلك الوقت.

وعلى الرغم من أن البعض يمكن أن يشعر بالاهانة من تشبيهه بهذه الشخصيات الكرتونية الغريبة، إلا أن شولتز على العكس، سعيد بهذا الوصف، حسب المجلة ذاتها.

وأوضحت دير شبيجل "أنه سعيد حقا؛ شولتز يبتسم ويبتسم عندما يتحدث عن السنافر"، مضيفة "ربما يدفع ذلك من يجلس بقربه للقلق من تحول الرجل إلى اللون الأزرق".

ووصل الأمر إلى أن شولتز وضع دمية للسنافر أمامه على الطاولة في أحد اللقاءات الساخرة التي جرت عبر الإنترنت.

وبعيدا عن ذلك، يقول شولتز الذي كان عمدة لمدينة هامبورج المهمة لسنوات طويلة، إنه "كفؤ وذكي ومؤتمن على حكم هذا البلد، لكنه يعرف أيضا أن كثيرين ينظرون له على أنه متعجرف وبارد، وآله للحديث السياسي".

ويبدو أن الرجل رحب بتشبيه بالسنافر لأنه يكسر وجهة النظر السلبية عنه، ويجعله أكثر إنسانية وأقرب إلى الناس.

ضربات قوية

ولم يترك شولتز الحوار مع دير شبيجل دون توجيه الضربات القوية للاتحاد المسيحي، محملا ميركل ووزير الصحة المنحدر من الاتحاد، يانس شبان، مسؤولية أزمات كورونا، من تزايد الإصابات وتراجع البلاد في معدلات التطعيم ضد الفيروس.

وقال "لقد حذرت من ذلك في الاجتماعات الحكومية في وقت مبكر جدا، ووجهت التحذيرات بشكل خاص لوزير الصحة".

كما هاجم تورط نواب الاتحاد المسيحي في قضايا فساد، إذ قال "إذ كنا نريد أن ندفع الأمور للأمام في ألمانيا، فعلى الاتحاد المسيحي أن يذهب إلى المعارضة".

وأوضح "يبدو أن سياسيي الاتحاد يعتقدون أنهم مستمرون في السلطة على طول الخط، ويتصرفون وفق هذا التصور، ويذهب البعض إلى البحث عن مصالحه الشخصية وخدمة نفسه".

وخلال الأسابيع الماضية، أنهت فضائح فساد مدوية متعلقة بصفقات شراء أقنعة طبية "كمامات" الحياة السياسية لثلاثة من أبرز نواب الاتحاد المسيحي في البرلمان، أبرزهم نائب رئيس الكتلة البرلمانية، جورج نيلسن، فيما يعد ضربة قوية للتكتل الساعي للاستمرار في الحكم عقب تقاعد ميركل بنهاية الفترة التشريعية الحالية.