لا شكّ في أن الدبلوماسية البحرينية تؤدي دوراً هاماً على المستوى العالمي والإقليمي، لما تقوم به من أدوار متوازنة ومبادئ تنطلق من التعاون، واحترام الآخرين، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، ودعم قضايا التعايش السلمي وحفظ السلم والأمن الدوليين، إضافة إلى ما تلتزم به من أسس لدعم الأمن العربي بصفة عامة، وأمن دول مجلس التعاون بصفة خاصة، لذا فهي دائماً ما تحرص على مد جسور التعاون مع كافة الشعوب الصديقة والشقيقة، وذلك تطبيقاً للتوجيهات الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، ومؤازرة من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، كما تعد دبلوماسية القمة من الأدوات الهامة التي تستخدمها البحرين لتعزيز علاقاتها بالدول الأخرى، ودعم التفاهم والتعاون في كافة المجالات، وإزالة العقبات أمام هذا الاتجاه، وتأتي زيارة جلالة الملك إلى روسيا لتحمل في طياتها دلالات هامة، ومنها توقيت الزيارة بعد انتهاء أعمال القمة العربية في المنامة ومخرجاتها التي دعت إلى حل القضية الفلسطينية ووقف العدوان على غزة وإدخال المساعدات الإنسانية لأهالي القطاع، وحشد الجهود الدولية لذلك، حيث حرص جلالة الملك على القيام بتلك الزيارة باعتباره رئيس القمة العربية، ولدولة كبيرة مثل روسيا التي يجمعها بالبحرين تاريخ كبير من التعاون المشترك منذ خمسة وثلاثين عاماً، كما أنها تعد من الدول الكبرى التي تتمتع بالنفوذ سواء في مجلس الأمن أو على مستوى التأثير في المسرح الدولي، وتجمعها بالبحرين توجهات متوافقة وبخاصة أن روسيا من الدول التي تعيش فيها أكثر من 100 قومية في تعايش سلمي دون نزاع وهو التوجه الذي تتبناه السياسة البحرينية على المستوى الدولي والإقليمي، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أنها أول زيارة على مستوى القمة لروسيا بعد إعادة انتخاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لولاية جديدة، ومن ثم تعطي فرصة كبيرة لتنمية مجالات التعاون المشترك مع المملكة، وبخاصة أنه منذ عام 2016 تشكلت لجنة حكومية مشتركة بين البلدين لتنسيق أوجه التعاون في المجالات الاقتصادية والثقافية والتجارية والفنية وغيرها والتي تعد آلية هامة في تحسين العلاقات وتطويرها بصفة مستمرة، وهي ما تمخضت عن إنشاء مجلس الأعمال المشترك، وتجلت مخرجاتها في زيادة الاستثمارات الروسية في البحرين بمجالات التكنولوجيا والصناعات الغذائية والخفيفة، حيث تعتبر روسيا المملكة بوابة هامة للدخول للأسواق العربية، ومن المنتظر أن تساهم اتفاقيات ومذكرات التفاهم في المجال الصحي والعلمي والثقافي التي تم التوقيع عليها خلال الزيارة في دعم المصالح المشتركة ودفع جهود التعاون إلى مراحل أكثر تكاملاً.