لم يكن في الحسبان أن يحدث معي شخصياً واقعة أرى فيها إحدى حلقات برنامج «انت كفو» تتجسد أمامي، ولعل الله أراد من الحادثة أن يعرف الناس أن كل أهل البحرين «كفو» ولكن لم تسنح لهم الفرصة في الظهور الرمضاني.

فمنذ أيام تعرضت ابنتي وأطفالها الثلاثة لحادث في البحر بالقرب من الساحل أثناء ممارسة هواية التجديف بثلاثة قوارب صغيرة، حيث جرفتهم سرعة الرياح والمياه إلى منطقة بعيدة عن الشاطئ، ووجدوا أنفسهم لا يستطيعون السيطرة عليها للعودة، ما اضطرهم لطلب المساعدة والاستغاثة بمن حولهم من راكبي الجت سكي والقوارب، لكن محاولات بعضهم للاقتراب منهم كانت صعبة نظراً لسرعة الرياح وانعدام التحكم في القوارب الصغيرة.

وللحقيقة فإن بعض من كانوا في البحر تراجعوا خوفاً على أرواحهم، ولا يلام أحد على إنقاذ نفسه، لكن في لحظة ظنت فيها ابنتي أن أمرها وأطفالها قد أصبح في يد الله وحده، وإذا برجل يأتي إليها راكباً جت سكي ويلتقطها هي والأطفال الثلاثة ويعيدهم للبر بأمان.

ولم يكتفِ الرجل الشهم بهذا، بل عاد معها محاولاً سحب القاربين الآخرين للشاطئ بعد أن جرفتهما المياه إلى منطقة أبعد، وبالفعل قام بربط القارب وحاول سحبه، لكن الحبل انقطع وتداخل مع محرك الجت سكي ومن ثم انقلب، وفقد هذا الرجل مركبته التي جرفها التيار والرياح مع القاربين لترتطم بالصخور القريبة، ليعود هو وابنتي بصعوبة إلى الشاطئ الصخري القريب طالباً الدعم والمساعدة دون النظر في الخسارة التي تعرض لها، والتي كان يخشاها كثيرون تواجدوا في البحر آنذاك وترددوا في التدخل.

هذا الرجل هو النقيب محمد يوسف البوعينين أحد رجالات وزارة الداخلية البواسل الذين تمرسوا على التعامل مع الخطر والافتداء بأرواحهم لحماية الوطن والمواطن، وقد يجد البعض فيما فعله أنه قد أدى الواجب، وهو بالفعل كذلك، لكنه لم يتردد في أن يحاول إنقاذ القوارب الصغيرة، بينما هو يفقد مركبته، وهنا تكمن الشخصية الكفوءة التي أتحدث عنها.

يا أصحاب برنامج «انت كفو»، إن البحرين لا تخلو من الشخصيات العظيمة يوماً ولن تخلو بإذن الله حتى تقوم الساعة، ولو شئتم في تكرار البرنامج على مدار العام، فلن تنتهوا من عظماء مملكتنا الغالية.. وإليكم أحد هؤلاء الكفاءات الذي عرفته في لحظة وموقف كنت أخشى فيه من فقدان أعز ما لدي في الحياة، وأقول لهذا الإنسان بعد شهر رمضان وبعيداً عن شاشات التلفاز «انت كفو».

* قبطان - رئيس تحرير جريدة «ديلي تربيون» الإنجليزية