أصبحت قضايا المرأة تحتل مكانة متقدمة في مجال الاهتمام الدولي، باعتبار أن تمكين المرأة مفتاح لتحقيق التنمية المستدامة، فهناك تشابك واقعي بين قضايا المرأة وكافة مناحي الحياة الإنسانية بداية من الأسرة وحتى صناعة القرار، لذا فإطار معالجتها يتطلب نهجاً متكاملاً ينطلق من كون تمكينها وتحقيق المساواة بين الجنسين يشكل أساساً هاماً من الأسس الضرورية اللازمة لتحقيق التنمية المستدامة وإحلال السلام والأمن الاجتماعي والرخاء، كما أن توفير فرص متكافئة أمام النساء في الحصول على التعليم والرعاية الصحية والعمل اللائق، والتمثيل المناسب في العمليات السياسية والاقتصادية واتخاذ القرارات التي ترتبط بمجالاتها يمثل وقوداً لتحقيق التنمية المستدامة.

وقد تنبهت الأمم المتحدة لهذا الأمر منذ وقت مبكر ووضعته في المجال التطبيقي ضمن بنود تنفيذ خطة التنمية المستدامة 2030 والالتزام بتحقيق المساواة بين الجنسين، فتهيئة البيئة المواتية من خلال دعم الأطر المعيارية والقانونية والسياسية وغيرها يدعم الخطط الرامية إلى غلق الفجوة بين الجنسين والاستفادة من دور المرأة في العمل التنموي، وقد حظي مجال تمكين المرأة البحرينية بالرعاية والرؤية الملكية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، ليوفر الإطار القانوني والمؤسسي والسياسي لتحقيق تطلعات المرأة البحرينية في خدمة وطنها جنباً إلى جنب مع الرجل في كافة المجالات.

وهو ما انعكس على توجهات الحكومة من خلال البرامج والمبادرات النوعية لتحقيق التوازن بين الجنسين والقائم على استدامة تقدم المرأة ورفع مستوى تنافسيتها وإدماج احتياجاتها في التنمية الوطنية والذي لاقى قبولاً وإشادة دولية كبيرة، ولا ينفصل عن ذلك الدور الهام للمجلس الأعلى للمرأة بإشراف وتوجيهات ورئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المعظم، رئيسة المجلس الأعلى للمرأة حفظها الله، والبرامج التي أطلقها المجلس في مجال تكافؤ الفرص والتوازن بين الجنسين.

وقادت تلك السياسات والتدابير إلى إحراز تقدم ملحوظ في مرتبة المملكة ضمن مؤشرات التنمية المستدامة، وبخاصة ما يتعلق بنتائج تقرير الفجوة بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، حيث تقدمت 18 مركزاً عن العام الماضي لتصل للمركز 113 عالمياً، بتحقيق 66.6% في نسبة سد الفجوة بين الجنسين مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 68%، وقفزت لمراتب متقدمة ضمن المحاور الأربعة لمؤشر التنمية، فعلى مستوى التمكين السياسي تقدمت 38 مركزاً عن العام الماضي لتصل للمركز 99، وتقدمت 9 مراكز في مجال المشاركة الاقتصادية والفرص لتصل للمرتبة 122 عالمياً، واستطاعت غلق 87.2% من الفجوة بين الجنسين في مؤشر الأجر في الأعمال المتماثلة لتحتل المركز 23 دولياً، كما شغلت المرتبة الأولى عالمياً بالنسبة لأربع مؤشرات فرعية تتمثل في معدل الإلمام بالقراءة والكتابة، والالتحاق بالتعليم الثانوي، والالتحاق بالتعليم العالي، ومؤشر الجنس عند الولادة، ويوضح التقرير أن المملكة تحتل الترتيب الثاني خليجياً بعد دولة الإمارات العربية المتحدة، والمركز الثالث على مستوى دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتؤكد هذه القفزات أن المملكة لديها رؤية متكاملة نحو الاعتماد على المرأة كأحد أهم الركائز في تحقيق التنمية المستدامة.