ما يحدث من قضايا تمس سلامة وحياة وصحة وشرف الأطفال في عدد من الدول العربية مؤخراً أمر صادم للغاية أمام تكاثر أخبار حوادث الأطفال ما بين قتل وتعذيب واغتصاب وتعنيف، الأمر الذي يكشف الحاجة لإعادة ترتيب المنظومة الأخلاقية والتربوية لدينا!!

ففي لبنان كانت المشاهد الصادمة لانتشار مقطع فيديو من داخل حضانة لعاملة تعذب وتضرب الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم الثلاث سنوات فيما تظهر ضحكات لموظفة أخرى، حيث أحدث الفيديو المسرب حالة من الغضب لدى الشارع اللبناني، ولا ننسى أنه قبلها بشهور كان هناك فيديو مسرب لسيدة تعمل معلمة في جنوب لبنان تطارد طفلاً سورياً لاجئاً في أحد الشوارع في لبنان وتوجِّه إليه ركلات عنيفة بشكل همجي للغاية، حيث كانت آثار التعنيف والدماء ظاهرة على وجه الطفل وجسده مهدِّدةً عائلته بالترحيل من لبنان بحجة أنه شتم ابنها!

ثم فُجِع الرأي العام العربي بقضية الطفلة اللبنانية لين طالب التي ماتت بسبب تعرّضها لاغتصاب متكرر طيلة أسابيع من قبل أقرب الناس لها كما أظهرت التحقيقات الأولية، حيث وجهت قاضية التحقيق الاتهام إلى جدها لأمها لاشتباهه باغتصابها، وأمها التي تسترت على الجريمة! صورة لين قبل وبعد تعرّضها لهذه الجريمة البشعة بالذات، صورتها بعد الجريمة وعيناها مفزوعتان وشكلها خائف للغاية أدى إلى ردود أفعال قوية من قبل الرأي العام العربي الذين طالبوا بتنفيذ أشد العقوبات على المتهمين وإعدامهم! ثم جاءت قضية العثور على طفلة حديثة الولادة داخل كيس أسود بالقرب من مبنى البلدية في طرابس بلبنان حيث شوهد كلب يجر كيساً سُمع بداخله أنين ليتبيّن أن بداخله طفلة حديثة الولادة تعاني من جروح متفرقة في مختلف أنحاء جسدها.

وفي العراق وقعت جريمة مروعة ضحيته الطفل موسى ولاء الذي عُذب حتى الموت بالصعق بالكهرباء والخنق والضرب وإجباره على تناول كيلو من الملح وتعذيبه بالسكاكين على يد زوجة أبيه!!! كما تناقلت وسائل الإعلام إحباط عملية لشبكة للاتجار بالبشر كان ينوي أفرادها بيع طفلين مقابل 30 مليون دينار عراقي أي ما يعادل 23 ألف دولار!

واهتزت الجزائر على خبر جريمة قتل مروعة راح ضحيتها طفل في التاسعة من العمر بعد العثور عليه في كيس بلاستيكي تم وضعه بداخله بعد قتله والتنكيل به بطعنات خنجر قبل ذبحه! كما تم العثور على طفل آخر اختفى حيث وُجِدَ مقتولاً في إحدى الشقق المجاورة لمنزله، وطفل آخر مرمي كجثة هامدة بمصنع قرب منزله بعد خطفه وقتله! وكل هذه الحوادث تمت في فترات متقاربة للغاية!

أيضاً تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي خلال شهر يوليو الحالي قيام أم في مصر برمي طفلتها ذات الثلاث سنوات من الشرفة بالطابق الثاني بسبب صراخها وبكائها! إلى جانب صور لطفلة تعمل كبائعة متجولة بإحدى محطات مترو حلوان في مصر وتظهر على وجهها أعراض مرض خطير الذي كشف عن إصابتها بمرض القلب وأن الطفلة يتيمة الأم ووالدها يجبرها على العمل كبائعة كي تعالج نفسها بالمستشفى!

وكانت قبلها بعدة أشهر حادثة قيام أم بوضع رضيعها في كيس بلاستيكي وإلقائه من داخل سيارتها أمام أحد المساجد ليتصادف مرور سيارة أخرى تدهس الكيس ليلقى الطفل مصرعه في الحال، وحادثة قيام أم بذبح ابنها وطبخ جثته وأكل أجزاء منه، وكلها جرائم مروعة تعتبر وصمة عار بحق الطفولة العربية وتضر بمسائل حقوق الأطفال في الوطن العربي وتطرح بعلامة استفهام، إن كان هذا ما تم كشفه إما عن طريق الصدفة أو قيام البعض بتصوير ما تم أو افتضاح أمر الجناة فما الذي يضمن ألا تكون هناك عشرات القصص المروعة الأخرى التي لم تلتقطها عدسة كاميرا ولم تُكشف وتظهر؟ هذه الجرائم تدق ناقوس الخطر بأهمية حماية الأطفال وتكشف الحاجة الملحة لإيجاد حملات إعلامية وإلكترونية مكثفة لدعم حقوق الأطفال في الوطن العربي وكيفية التعامل مع هذا النوع من الجرائم، وإيجاد تشريعات وأنظمة تحمي الأطفال مع تغليظ العقوبات لتصل إلى الإعدام ليكون ذلك رادعاً لكل من تسول له نفسه إيذاء طفل أو تعذيبه وقتله، وتكثيف الحملات التي ترفع درجة الوعي لدى الأطفال وأولياء أمورهم وكيفية التعامل عند التعرض للعنف والتحرش والخطف والتعذيب، كما أن هناك حاجة ملحة للبحث عن جذور هذه القضايا ودراسة أسبابها وأبعادها أمام ارتفاع أعداد الجرائم وتكرار حدوثها لإيجاد حل جذري من باب الوقاية خير من العلاج.