لو استطاع كل واحد منا أن يكون مُدرباً لذاته وأهله والمحيط الذي يتعايش معه، لكنا اليوم نعيش في واحة مُستقرة آمنة تسودها السكينة والطمأنينة والنفوس التي تشتاق للخير الدائم. لابد أن يسأل كل واحد منا نفسه: هل أنت بحاجة ماسة للانخراط في بعض الدورات الإدارية والحياتية الروتينية التي تتكرر في بعض الأحيان محتواها؟ ومن هو الشخص المناسب الذي يجب أن تكون معه لتتدرب سوياً على «تمكين الإنسان والحياة»؟ نحتاج أن نصنع اليوم مفهوماً ومهارة جديدة في حياتنا، لابد أن يعيها كل فرد يحتاج للتغيير والتطوير والاستقرار والسلام النفسي والتحرر من ذلك «التعب الذهني» والأسلوب السلبي المُدمّر للنفس.

مهارة تُمكننا من الانطلاق «الحر غير المُقيد» في الحياة، وإزالة المخاوف والمعيقات الداخلية المُهلكة للنفس التي تقيد الإنسان من تحقيق النجاح الحقيقي.

نسعى للتدريب على مفهوم «التدريب الذاتي» والتدريب المجتمعي وفنون الاستماع، حتى نصنع من كل إنسان مُدرباً في مجاله، يستطيع أن يكون العنصر الفاعل في كل موطن. فعندما تنشغل «بالتدريبات الفلسفية» التي تتكرر في الدورات، فإنك حينها لن تستفيد بأية أطروحات وستضيع أوقاتك «بثقافة بالية».

أما الانشغال الحقيقي فهو أن تبدأ بتدريب «ذاتك» وتراجع تلك الأوهام المترسبة في نفسك، وتتأمل «قلبك» الذي يحرك مشاعرك تجاه الحياة، وتسأل نفسك: أين مكانتك في نفوس أهلك وأحبابك والمجتمع كله؟ هي صورة جميلة الملامح تتجدد في كل حين، أم مجرد صورة صغيرة داكنة في زاوية منسية؟ البداية لن تكون سهلة لأنك في إطار البحث عن «دفء حقيقي» لنفسك تحررها من كل الأوهام، وتبدأ انطلاقة حقيقية لإسعاد ذاتك وتغيير نظرتك للحياة، وتغيير تلك النبرات الحزينة التي تتكلم بها، وتلك الردود السلبية التي تشعر الآخرين بأنك في أزمة نفسية حقيقية لا خلاص منها!

بدايتك يجب أن تكون بقرب إيمانك بالله عز وجل، فتراجع حينها جميع صفحاتك الإيمانية في أيام حياتك، هل أخلصت فيها أما أنها مجرد إشعاعات عابرة تمر كل يوم دون أن تُلقي لها بالاً؟ ثم اختيارك لذلك المعلم القريب إلى قلبك، ذلك الصانع الماهر للتغيير وإخراج ما في نفسك حتى تُعبّر بصورة حقيقية عن كل ما يدور في نفسك، وكل ما يرهق تفكيرك.

فهو الذي سيساعدك بلا يريب بأن تكون أداة للتغيير وإشعال الطاقة الحقيقية للعطاء في حياتك. هذا هو التدريب الأمثل الذي تستطيع من خلاله أن تصل إلى أسلوب جديد في معالجة كل ترسبات الماضي وكل أخطاء الحياة. بأن تختار مُعلماً قريباً وصديقاً أحسست بأنه الأثر الكبير في حياتك، يعلمك بحب، ويقابلك بوجه مسرور، تشعر بأريحية غامرة بالحديث معه، وكأنك تتعلم للمرة الأولى في حياتك. يعرف آلامك من ملامح وجهك، ويحس بها من بعيد.

ينحني ليمسح على رأسك ويربت على كتفيك، ويحتضنك حتى تحس بالأمان الذي ترجوه، وتلقي تلك الأعباء الحياتية المُثقلة في نفسك. إحساسه المرهف يدفعه ليعلمك مهارات «القلوب» فلا يتحدث إلا بالحب، ولا يتكلم إلا بإيجابية المواقف، فيرى الجمال في كل موقف يعاصره. إنسانيته تدفعه ليصنع أثراً وإنساناً يُعلّم الخير على هذه الأرض بجمال ما في قلبه، ويأنف من التواجد في أي مكان يستنزف من طاقة النفس، بل تجده بأخلاقه النبيلة السمحة مُعلماً مُجداً يراقب أثرك في الحياة.

ثقافة وتدريب بأسلوب مُغاير عن تلك الفلسفات التدريبية المُتكررة، تستطيع من خلالها أن تكتب سيرتك بحب وتتكلم عن نفسك بكل ثقة، تُدرب وتتدرب لأنك ستصنع أجيالاً في داخل أسرتك، وستتعامل مع طاقة الكون الجميلة لتكون من خلالها خليفة لله تعالى على أرضه تنشر تعاليم الإسلام السمحة وتساعد الآخرين ليختاروا «مسير التميز».

ومضة أمل

نختار «غيث القلوب» لنصنع معه أثراً ممتداً في حياة الأجيال، وأنموذجاً فريداً في تمكين الإنسان وتحريره من عوائقه الداخلية التي تعيق إنتاجيته في الحياة. نختار ذلك «الحُب الدافىء» الذي شجُعنا حتى نكون «مُدربين لنفوسنا» وسَبحات جميلة في أروقة حياتنا. سيفهم ثقافتنا بإذن الله تعالى من عاش بمشاعره وصدقت نواياه في الخير.