كلّ عام، تُبهر المملكة العربية السعودية العالم بإمكانيّاتها الضخمة وقدراتها الفائقة على تنظيم وتوفير كافّة السُّبل الّتي تضمن الراحة والأمان لحجّاج بيت اللّه الحرام. هذا العام هو شاهدٌ جديد على هذه الجهود العظيمة، حيث تواصل المملكة، وبتوجيهات مباشرة من خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي الأمير محمّد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء، حفظهما اللّه، تقديم خدماتها المتميّزة لضيوف الرحمن؛ ساعيةً لتحقيق رسالتها النبيلة في خدمة الإسلام والمسلمين، والّتي تجلّت في كلّ خطوة من خطوات الحجّ، مُظهرةً التزام المملكة الراسخ بتقديم أفضل ما لديها لضمان أن تكون رحلة الحجّ تجربةً روحانيّةً مميّزة ومُريحة لأكثر من 1.8 مليون حاجّ.
مثل كل عام، موسم حج متميّز، مثل ما شاهدنا من التنظيم الدقيق وحسن التخطيط لإدارة هذه الحشود الضخمة، وتوظيف الذكاء الاصطناعي والتطبيقات الذكيّة في تيسير أعمال الحج وتقديم أفضل الخدمات لحجاج بيت الله الحرام، كذلك تقديم خدمات صحّيّة متنوعة ومتكاملة انتشرت في أرجاء الأماكن المقدّسة، بالإضافة إلى الخطط الأمنيّة المحكمة الّتي تعامل من خلالها رجال الأمن بإنسانيّةٍ وحزم، إنسانيّةٌ تجلّت في صورٍ عديدة من خلال التعامل الإنسانيّ والرحمة والعطف تجاه ضيوف الرحمن، فمنهم من يلطّف الجوّ ليخفّف برذاذ الماء البارد الحرارة عن أجساد الحجّاج، وآخرون يرشدون التائهين، وغيرهم يقدّمون يد المساعدة والعون، الكثير من المشاهد الرائعة الّتي تناقلتها عدسات المصورين وحسابات التواصل الاجتماعيّ. وفي نفس الوقت كان التعامل الحازم لأيّ محاولة للإخلال بالأمن، لتضع المملكة رسالتها الإنسانيّة في قالبٍ صلب مشدّدة على أنّ الحجّ شعيرةٌ لا تقبل التسييس، وأنّ أمن الحجّ وسلامة الحجّاج خطٌ أحمر لن تقبل المساس به؛ كلّ هذه الجهود عوامل ساهمت في تقديم تجربة حجّ آمنة ومريحة، ممّا يعكس التزام المملكة بتوفير أفضل الظروف لضيوف الرحمن.
إنّه لمن دواعي الفخر والامتنان والاعتزاز أنّنا –عرباً ومسلمين– نشهد هذا النجاح الباهر الّذي يعكس تفاني المملكة العربيّة السعوديّة وقيادتها في خدمة ضيوف الرحمن ليُضاف إلى سجلّ المملكة الحافل بالتميّز والإبداع في كلّ عام من أجل رعاية هذا الركن العظيم وإقامته، ولا تقتصر هذه الخدمات على توفير الراحة والحماية للحجّاج فحسب؛ بل هي رسالة للعالم أجمع عن مكانة هذه الشّعيرة لدى السعوديّة وقيادتها، رسالة تفتخر بها المملكة منذ نشأتها وحتى يومنا هذا، واجبٌ أصيل متوارث عبر الأجيال منذ عهد الدولة السعوديّة الأولى.
ففي لفتة تُجسّد مدى اهتمام القيادة السعودية بهذا الواجب، الرسالة التي بعثها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد السعودي، رئيس مجلس الوزراء، قبل أيام إلى رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني، والتي نشرت نصها وكالة الأنباء السعودية (واس)، تتعلَّق باعتذار سموه عن عدم تمكنه من المشاركة في قمة مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى (C7) المنعقدة في إيطاليا؛ بسبب انشغاله بالإشراف على موسم الحج؛ ممّا يعكس مدى الأهمّية الّتي تُوليها القيادة السعوديّة لخدمة ضيوف الرحمن؛ بل تفتخر وتُصرّح بهذه المهمة الشريفة أمام العالم أجمع.
أدام اللّه على المملكة العربيّة السعوديّة نعمة الأمن والأمان والرخاء، وجزى قيادتها ورجال أمنها وكافّة القطاعات المساهمة في نجاح هذا الموسم عنّا وعن جميع شعوب العالم الإسلاميّ خير الجزاء. ونسألهُ تعالى أن يتقبّل من ضيوف الرحمن الّذين أتوا من كلِّ فجٍ عميق لأداء هذا النُسُك العظيم.. فحجّاً مبروراً وسعياً مشكوراً وذنباً مغفوراً.