لكل أمة وشعب تراثه وعاداته وتقاليده الخاصة، والتي يفتخر بها ويعمل على نشرها والترويج لها، اعتزازاً بها، ومساهمة في إدامتها وتعريف العالم بها، إضافة إلى توظيفها كأحد مصادر الدخل، سواء على المستوى الفردي أو على مستوى الدولة ككل.

ولاشك أن الطعام يعد إرثاً وتراثاً وطنياً، كما أنه يمثل هوية وطنية قادرة على أن يكون أحد النوافذ التي يمكن من خلالها التواصل مع العالم وتعريفه بما لدينا من تاريخ وتراث وإمكانات سياحية. إلى جانب أهمية أن يبقى هذا التراث حاضراً في ثقافة الأجيال الجديدة، تعتز وتفتخر به، بل وتعمل على تطويره وتحديثه، وبما يتوافق مع التطورات العالمية.

وحسب هيئة البحرين للسياحة والمعارض؛ فقد استقطب مهرجان البحرين للطعام في نسخته السابعة، العام الماضي أكثر من 168 ألف زائر؛ إلى جانب عشرات المطاعم والمقاهي وشركات الضيافة المحلية والعالمية، والتي قدمت خيارات متنوعة من الطعام والشراب للزوار.

الأرقام وتفاعل الجمهور المباشر وعبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي، كلها تؤشر بشكل واضح إلى ما أصبح يمثله هذا المهرجان كأحد آليات تشجيع السياحة الوطنية، وما يمكن أن يساهم به في خطط الحكومة بتنوع مصادر الدخل الوطني، وما يمكن أن يفتحه من آفاق استثمارية جديدة للمواطن والمستثمر الأجنبي.

ومنذ نسخته الأولى، التي انطلقت في العام 2017، ضمن فعاليات المنامة عاصمة السياحة الخليجية للعام 2016، شهد المهرجان تطوراً كبيراً وملموساً، سواءً من حيث عدد المشاركين أو الزوار أو تنوع الفعاليات المصاحبة، حتى أصبح اليوم يمثل ركناً أساسياً في أجندة البحرين السياحية، ويستقطب الزوار من مواطنين ومقيمين، إلى جانب السياح من دول الخليج العربية.

اليوم؛ ومع انطلاقة النسخة الثامنة من المهرجان عمدت هيئة البحرين للسياحة والمعارض إلى إيجاد نوع أكبر من التفاعل مع الجمهور، عبر مسابقتي طهي؛ واحدة للبالغين وأخرى للأطفال، ما يعني إضفاء مزيد من المتعة لفعاليات المهرجان، وتحقيق مزيد من الانتشار محلياً وخارجياً.

اقتراحي لإدارة المهرجان أن يتم ربطه بشكل مباشر بتراث وتاريخ البحرين، عبر إقامته في منطقة تاريخية مثلاً، أو في القرية التراثية، ما يعطيه مزيداً من العبق التراثي البحريني، إلى جانب ما يمكن أن يساهم به بشكل أكبر في تشجيع السياحة، وتعريف الجمهور بهذا التراث الوطني الكبير الذي نعتز ونفتخر به على الدوام. إلى جانب تخصيص جانب منه للتعريف بالأكلات البحرينية القديمة، والتي أصبحت اليوم مرتبطة فقط بالذاكرة أو بكبار السن ولا يعرف الجيل الجديد عنها إلا اسمها، مع ركن تعليمي خاص لإعادة إحياء هذه الأكلات، يمكن أن يشارك بها كبار السن أو كلية فاتيل للضيافة..

وأخيراً؛ فإن حفظ التراث الوطني، مهما كان بسيطاً، هو حفظ للثراء والتنوع، ويعطي ثقافتنا هويتها الخاصة ومقوماتها.