استوقفني تصريح سعادة وزير التنمية الاجتماعية السيد أسامة بن أحمد خلف العصفور حول أهمية الحوكمة في تحقيق كفاءة أداء مؤسسات المجتمع المدني، لاتخاذ القرارات بالتزام عالٍ وقدرٍ كافٍ من المسؤولية والشفافية، بما يعود بالنفع على المجتمع بكافة المجالات والأصعدة، ولعل هذا التصريح يعطي إشارة واضحة لكافة مؤسسات المجتمع المدني للانتقال من العمل التقليدي أو كما نسميه –ماشي بالبركة– إلى تنظيم العمل وفق أسس الحوكمة العالمية.

ونظراً للأثر الإيجابي الذي حققه تطبيق معايير وممارسات الحوكمة في المؤسسات الاقتصادية في حماية حقوق المساهمين والمستثمرين، ونظراً لوجود تشابه بين نموذج العمل بين المؤسسات الاقتصادية ومنظمات القطاع غير الربحي «على الرغم من اختلاف الهدف في كلتا الحالتين»، جاءت فكرة حوكمة العمل الأهلي وبرزت أهمية تطبيقه وتطويره بما يتناسب مع خصوصية هذا القطاع.

حيث تلعب مؤسسات المجتمع المدني وخصوصاً الجمعيات الخيرية اليوم دوراً مجتمعياً لا يُستهان به، ومن أجل الاستدامة، أصبح لازماً تطوير حوكمة هذه المؤسسات الخيرية بتدريج لتكون أكثر استقراراً وفاعلية، هذا من أجل تسهيل دورها في تحفيز الحركة والتنمية في المجتمع، والوقوف بجانب المبادرات الإنسانية النبيلة التي يتحلى بها المجتمع، ويتحقق ذلك عبر الشفافية والتوجيه الذي نتحدث عنه في سياق حوكمة العمل الخيري، وذلك من خلال أطُرٍ قانونية وتشريعات مدروسة تهدف إلى تنظيم جمع وصرف الأموال.

إن القيام بهذا الدور الإنساني والحضاري يتطلب من هذه المؤسسات اعتماد إدارة رشيدة وفعّالة، بهدف تحقيق توجيهات الشرع الحنيف والقوانين السارية. يجب عليها أيضاً تحمل مسؤولية كبيرة في تحفيز استخدام موارد المجتمع بشكل مستدام، وتجنب هدر الجهود والأموال. كما ينبغي عليها الابتعاد عن تعطيل الأوقاف وضياع المال العام، مع التزامها بتلك القيم والمبادئ كخطوة ضرورية للحفاظ على ثقة المتبرعين والواقفين.

ختاماً، نود التأكيد على أن تحسين حوكمة العمل الخيري ليس مجرد إجراء إداري فقط، بل هو استثمار في بناء مستقبل أفضل وأكثر استدامة للمؤسسات التي تسعى لتحسين حياة الأفراد وتعزيز العدالة الاجتماعية.

همسة

تعتبر البحرين من أوائل دول المنطقة في تنظيم العمل الأهلي، وللحفاظ على هذه المكانة والتميز بها لابد من حوكمة العمل الأهلي للحفاظ عليه.