كثيراً ما تصدر الدولة قرارات، وتتخذ إجراءات قد تبدو لبعض المواطنين غير مفهومة أو لا يستطيعون قراءة ما تتضمنه من أبعاد مستقبلية أو أمور تفصيلية وشاملة، وليس ذلك لأن الدولة تريد إخفاء التفاصيل عن المواطنين، ولكن لأن القرارات تتخذ بناء على مدخلات متعددة ومتنوعة ويتم بحثها وتمحيصها بما يحقق أفضل عائد على مصالح الوطن والمواطن.

أقول هذا الكلام لأن بعض الأصوات النشاز خرجت مؤخراً لتعلق على فعل أو قول للقيادة الحكيمة، وتنساق وراء أهوائها وتصوراتها البسيطة، خاصة وأنهم غير مطلعين على ما يجري في غرف القيادة وكمّ المعلومات التي تعرض على المسؤولين وحجم المقترحات والآراء التي يبحثها المختصون للوصول في النهاية إلى اتخاذ قرار واحد في قضية قد يراها المواطن أمراً عادياً.

فعلى سبيل المثال نرى ذلك يحدث كثيراً في اجتماعات النواب مع الحكومة لبحث إحدى القضايا التي تهم المواطن، حيث يشاهد المواطن في الجلسات شيئاً، ويسمع بعد الاجتماعات شيئاً آخر، وهذا ليس انتقاصاً من أصحاب السعادة النواب الكرام أو دورهم التشريعي، ولكن في تلك الاجتماعات يتم طرح تفاصيل كافية لإقناع النواب برأي الحكومة، أو الوصول لنقاط تلاقٍ لم تكن مطروحة في الجلسات العلنية.

وهنا أضع على المواطن المسؤولية في عدم الانسياق لتيارات الأفكار والأصوات النشاز، وهي تملأ مجتمعنا وكافة المجتمعات على الكرة الأرضية، ويجد أصحاب تلك الأصوات مكسباً خفياً من وراء ما ينشرونه، فها هي مقاطع الفيديو التي ينشرونها تجد تداولاً سريعاً لدى العامة، وحينها يشعر صاحب هذا الكلام أنه رجل مهم يرى فيه الناس أنه مفكر، بينما الحقيقة التي لا يدركها هي أنه لا يفقه شيئاً، وينعق بما لا يفهم.

لقد أصبحت السوشيال ميديا مرضاً عضالاً لهؤلاء الذين أصيبوا بها، ومن أعراض هذا المرض كثرة الصياح في الاتجاه المخالف لرأي الدولة، سعياً لمكاسب وهمية، والاعتراض لمجرد الاعتراض والبحث عن موضوعات مثيرة لا تمت للحقيقة والواقع بصلة.

وأقول لإخوة الوطن نصيحة: لا تسمعوا لتلك الأصوات ولا تتداولوا منشوراتها لأنهم مرضى وأنتم تنشرون عدواهم في المجتمع، فابتعدوا عنهم وإِدُوا أصواتهم في التراب وأْداً لأنها ليست إلا تراباً.

لدينا ملك عظيم وقائد حكيم يدير أمور الدولة بحنكة وحكمة، حفظه الله ورعاه، ولدينا رئيس حكومة يعمل ليل نهار دون كلل أو ملل، حفظه الله ورعاه، لتحقيق أفضل شيء للمواطن، فيجب ألّا نجلس في مجالس الجهلاء الافتراضية، ونستمع للجاهلين، لأن القيادة لا تتكلم ولا تنشر إلا بعد دراسة كافة أبعاد ما ستقوله أمام العلن، ولذلك فهو دائماً كلام محسوبة حروفه وسكناته، وتدرسه الدول الأخرى بعناية للبناء عليه في اتخاذ قراراتها.

فما يقوله حضره صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، في محفل دولي أمام الكاميرات، يتم تسجيله وتدوينه وإرساله للخبراء والباحثين لاستخراج المعاني والملامح والمقاصد التي قصدها هذا القائد العظيم الحليم، أما أن يأتي من لا يعرف أبجديات السياسة وكواليسها ويقنعنا بأنه يعلم بواطن الأمور فتأكدوا أنه جاهل مريض بأمراض العالم الافتراضي.

* قبطان - رئيس تحرير جريدة «ديلي تربيون» الإنجليزية