العربية.نت


خلال الأيام الماضية، كانت صحيفة "تلغراف" البريطانية حديث الأوساط الدولية بعد أن نشرت تقريرا ذكرت فيه قيام جماعة حزب الله اللبناني، بتخزين صواريخ ومتفجرات إيرانية بمطار بيروت الدولي.

إثر ذلك، رد وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني علي حمية، نافيا الأمر جملة وتفصيلا، ومتحدثا عن استعداد لبنان لمقاضاة الصحيفة البريطانية.

"تلغراف" قبل 85 سنة

إلا أن هذه الحادثة أعادت للأذهان واقعة اجتياح ألمانيا للأراضي البولندية يوم 1 أيلول/سبتمبر 1939.

فبتلك الفترة، كانت صحيفة "تلغراف" أول من تحدث عن استعداد ألمانيا لغزو بولندا، وذلك اعتمادا على كلام المراسلة كلار هولينغوورث (Clare Hollingworth).

ويعود هذا لأن الصحيفة ومنذ مطلع القرن العشرين، تواجدت بشكل مكثف على الساحة الدولية، وقدمت العديد من المقالات المؤثرة سياسيا.

وفي عام 1908، أجرت "تلغراف" لقاء مع القيصر الألماني فيلهلم الثاني (Wilhelm II)، أدلى فيه بتصريحات أثارت غضب البريطانيين وتسببت في تأزم العلاقة بين بريطانيا وألمانيا بفترة عسيرة سبقت اندلاع الحرب العالمية الأولى.

وتلت ذلك تقارير للصحيفة بفضل المراسلة الإنجليزية كلار هولينغوورث خلال الفترة التي سبقت بداية الحرب العالمية الثانية، حيث عملت الأخيرة المولودة عام 1911 بمنطقة ليستر (Leicester)، كسكرتيرة بإحدى المنظمات التابعة لعصبة الأمم قبل أن تنتقل للدراسة بمدرسة الدراسات السلافية وأوروبا الشرقية بلندن.

صور

صورة لجنود بولنديين

لاحقا، توجهت نحو جامعة زغرب لدراسة اللغة الكرواتية.

ثم باشرت كلار هولينغوورث بكتابة مقالات لصالح مجلة نيو ستيتسمان (New Statesman) كما تم اختيارها من قبل حزب العمال بحلول حزيران/يونيو 1939 للمنافسة على مقعد ميلتون بالبرلمان خلال الانتخابات التي كان من المقرر أن تجرى أواخر العام 1940.

إلى أن تأجلت هذه الانتخابات بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية.

وعقب اتفاقية ميونخ سنة 1938، اتجهت كلار هولينغوورث نحو العاصمة البولندية وارسو للمشاركة بجهود مساعدة اللاجئين التشيكيين.

وبفضل كل هذه التجارب، انتدبت الأخيرة للعمل لصالح صحيفة "تلغراف".

تقرير القرن.. وبدء الحرب العالمية الثانية

عقب مضي أقل من أسبوع عن تعيينها، كلفت كلار هولينغوورث بمهمة التحقيق في تزايد حدة التوتر على الساحة الأوروبية.

وأثناء تنقلها على طول الحدود الألمانية البولندية يوم 28 آب/أغسطس 1939، لاحظت هذه الصحفية تواجد حشد هائل من القوات والدبابات والسيارات المدرعة الألمانية قرب الأراضي البولندية.

صور

صورة للقيصر الألماني فيلهلم الثاني

إثر ذلك، نشرت الأخيرة تقريرا بناء على عناوين "تلغراف" حول حشد ألمانيا لأكثر من ألف دبابة على طول الحدود الألمانية البولندية واستعدادها للغزو من خلال ضربة سريعة.

ثم وصف هذا التقرير الذي قدمته كلار هولينغوورث بـ"تقرير القرن".

وبعد أقل من 3 أيام، باشرت القوات الألمانية فعلا غزوها للأراضي البولندية معلنة بذلك اندلاع الحرب العالمية الثانية.

ويوم 1 أيلول/سبتمبر 1939، تواجدت كلار هولينغوورث بمنزل غير بعيد عن الحدود الألمانية البولندية.

ومع بداية التدخل الألماني، اتصلت الأخيرة بالسفارة البريطانية بوارسو وأطلعتهم عن بداية الهجوم الألماني.

أمام رفض عدد من المسؤولين بالسفارة تصديقها، حملت كلار هولينغوورث سماعة الهاتف ووضعتها قرب النافذة ليسمع بذلك العاملون بالسفارة البريطانية صوت الآليات الألمانية.

وبهذا مثلت شهادة كلار هولينغوورث أول تقرير رسمي حصلت عليه وزارة الخارجية البريطانية عن بداية الاجتياح الألماني لبولندا.

صور

صورة للصحفية كلار هولينغوورث

في حين تتواصل المساعي الدبلوماسية للدفع باتجاه حل سياسي يعيد الاستقرار على جانبي الحدود إلى ما قبل 7 أكتوبر تاريخ بدء "طوفان الأقصى" وإعلان حزب الله في اليوم التالي فتح الجبهة الجنوبية للمساندة والتخفيف عن غزة.

بناء على ذلك، عادت حركة الموفدين على خط تل أبيب بيروت لوقف التصعيد بين طرفي النزاع، وعدم تحويل لبنان إلى غزة أخرى كما حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

في حين تقود الولايات المتحدة الأميركية مساعي التهدئة جنوبي لبنان، وقد أرسلت الموفد الخاص للرئيس جو بايدن، آموس هوكستين إلى تل أبيب وبيروت أكثر من مرة في محاولة لوقف التصعيد وإرساء حل دبلوماسي يُمكّن سكان المناطق الحدودية في الجنوب والمستوطنين في شمال إسرائيل من العودة إلى منازلهم، إلا أن الفشل لا يزال قائماً.