الحديث عن عالم السوشيال ميديا والشهرة في الفضاء الإلكتروني، ومسمّيات البلوغر والمؤثر صار أمراً مألوفاً في حياتنا، ونشر يومياتنا في منصات التواصل الاجتماعي من وقت الاستيقاظ حتى النوم، وكأن الحياة بأكملها داخل إطار الشاشة فقط وخارجها لا شيء يذكر.
انتهى زمن البيوت أسرار وحرمة المنازل، فأصبح كل شيء مباحاً والجميع يعرف ما يدور داخل منزلك بحذافيره وزواياه، حتى لون «الكرسي» و«البلاط» الكل يعرفه، ونُعيد ونكرّر، كل إنسان حر بحياته وهو مسؤول عن تصرفاته، وحر في إظهار حياته للعالم، ولكن هل يملك الحق في انتهاك خصوصية أطفاله الذين لا يملكون الإدراك ولا حرية القرار في منع ذلك، طبعاً الكلام ليس موجهاً للجميع، ولكن فئة ليست بالقليلة تستغل أطفالها لتحقيق الشهرة و«الترند» وتقدّمهم لقمة سائغة لضعاف النفوس من مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي، وتعرّضهم للتنمر والتجريح والاستغلال.
الحديث عن هذه الظاهرة ليس بالجديد، وسبب إعادة الطرح هو انطلاق الحملة الوطنية «حماية» لمنع استغلال وابتزاز الأطفال إلكترونياً الأسبوع الماضي، وهي من أهم الحملات الوطنية لوقف هذه التصرّفات غير المسؤولة، والحَدّ من حالات انتهاك خصوصية واستغلال الأطفال في العالم الافتراضي الذي لم يرحمهم لا من قريب ولا من بعيد، واستغلت براءتهم كدعاية مجانية لتحقيق الربح والشهرة والوصول إلى «الترند».
وأستغرب من البعض يحترم حق ورغبة الطرف الثاني كـ«الزوج والزوجة» وعدم إظهاره ضمن باقة يوميات المشهور أو المؤثر، وإعلام متابعيه «الفضوليين» عن سبب ظهور «الشريك» ومشاركته المنشورات بأنه انصياع لرغبته وحقه، طيب هل تم احترام حق أبنائكم في ذلك؟
وأتمنى من القائمين على الحملة الوطنية من الجهات الرسمية النظر في مثل حالات استغلال الأطفال من قبل ذويهم وأقرب الناس إليهم في الدعايات، وانتهاك خصوصياتهم على اعتبار أنهم «باكج» ضمن العائلة «المشهورة»، ويتم إظهارهم في حسابات أولياء الأمور في جميع الحالات في السراء والضراء، وفي صحتهم ومرضهم دون مراعاة لنفسية الطفل في مثل هذه الحالات، مستغلين ضعفهم وقلة حيلتهم وعدم إدراكهم للأمور، وتقديمهم وجبة سهلة وجاهزة للمبتزين والمتحرشين إلكترونياً، فنأمل أن تشمل الحملة هذه الممارسات لحماية الأطفال من قبل ذويهم قبل الغرباء وتوعيتهم بمخاطرها.