أشدُّ على يد الإعلام الأمني في وزارة الداخلية فهي الجهة الأكثر تجاوباً وسرعة فيما يتعلق بالأمور التي تتعلق بمهام واختصاصات الوزارة، وأشكرهم على ردهم المستفيض الذي ذكروا فيه جهود القوى البحرية «خفر السواحل» الجبارة في حماية أمن البحر عندنا، بل وسأنتهز الفرصة لأذكر مرة أخرى بأن موضوع الأمن الغذائي البحري تحديداً لا تقتصر مهمة حمايته على وزارة الداخلية فحسب -وهم ذكروا ذلك في ردهم الذي نشر بالأمس- فهناك جهات تمنح الرخص، وهناك أصحاب الرخص، وغيرهم وهناك تشريعات وهناك سلطة قضائية و.. و.. و..، مما يفتح دائرة المسؤولية على العديد من مؤسسات الدولة ووزاراتها والمجلس الأعلى للبيئة وغيرهم.

ففي ردها أكدت وزارة الداخلية على تشابك الجهات المختصة بملف الأمن الغذائي البحري فقالت «ومن الضروري الإشارة إلى أن هناك تنامياً مطّرداً في عدد السفن المرخصة وعدد الصيادين وذلك لحاجة السوق الاستهلاكي، ولا يخفى عليكم، بأن العمال الذين يعملون في البحر بمختلف جنسياتهم، موظفون لدى مواطنين، يملكون رخص صيد قانونية، مثلهم مثل العاملين على أي سجل تجاري».

صحيح أن خفر السواحل يبذل قصارى جهده كإمكانيات بشرية ومعدات وصحيح أن هناك مستجدات تجري الآن على هذا الجهاز لمواجهة المهددات لأمننا الغذائي البحري وأكد عليها الرد «إن عملية التطوير في خفر السواحل مستمرة، وشهدت في الآونة الأخيرة استحداث إدارة جديدة، تُعنى بالرقابة البحرية وتشكل جانباً إسنادياً للجهات الأخرى المعنية بالرقابة البحرية وجارٍ تزويدها بأهم المعدات والتجهيزات».

إلا أنه في النهاية خفر السواحل لديه أكثر من مهمة ومسؤولية وليست حصراً على مطاردة طراريد الصيد وملاحقة مخالفاتها، فلديه مهمة مراقبة عمليات التهريب والتسلل والاختراقات والإنقاذ وملاحقة المطلوبين أمنياً وملاحقة جرائم التلوث البحري، تلك المهمات المتعددة وكون مملكة البحرين أرخبيلاً محاطاً بالمياه من كل جهة فإن «خفر السواحل» يعد من أهم القطاعات الأمنية ويحتاج أن تسخر له كافة الإمكانيات لتأدية تلك المهام المتعددة، حتى لو اضطررنا إلى مشاركة بقية المؤسسات الأمنية والعسكرية البحرية والتنسيق معها لتخفيف العبء الكبير المناط بها.

وما لم يتم التعاطي مع هذا الملف من قبل جهة مركزية واحدة تجتمع تحت مظلتها جميع الجهات الحكومية المعنية بالأمن الغذائي وتضم كذلك الجهات الأهلية المعنية بالصيد وتحظى بصلاحيات تجعلها تسود على الجميع وقراراتها ملزمة للجميع، ستبقى المشكلة موجودة في بحارنا ولن تحل المشكلة وسيتأخر تعافي البحر، والأهم سيتضاعف حجم المطلوب من خفر السواحل لملاحقة الأعداد المتزايدة بلا ضوابط ويحمل «خفر السواحل» فوق طاقته، فالحل ليس عنده فقط، ومن غير المعقول أن نكون أرخبيلاً دار ما دارنا بحر ونستورد السمك ونستزرعه كحل؟

الحل هو أن يكون تعافي البحر «مشروعاً وطنياً» مجدولاً زمنياً ضمن خطة شاملة تكلف بها جهة واحدة تنظيماً ورقابة وتنفيذاً، وتلزم صلاحياتها واختصاصاتها جميع الوزارات المعنية، وتشدد وتغلظ عقوبات المخالفات فيها، فإن نفذنا ذلك سنرى التعافي يتم تدريجياً في السنوات الخمس القادمة.

أما الوضع الحالي للبحر فمازال حافلاً بالجرائم التي مازالت تصنف على أنها «مخالفات» ترى بالعين المجردة من قبل جميع مرتادي البحر، وهنا نقول (الداد) لخفر السواحل سيلاحقون من ويتركون من؟
ملاحظة (الداد) تعني (كان الله في عونهم) وهي على فكرة كلمة عربية فصيحة.