أحلى ما في الحياة بساطتها، وفي الإجازات الصيفية وموسم السفر يتجرد الشخص من كافة المظاهر والمسؤوليات الاجتماعية وإن كانت لفترة مؤقتة، وينتهز الفرصة لاستكشاف منطقة جديدة خارج حدود وطنه، أو التخطيط لرحلة عائلية لكسر الروتين الجامد، ولكن الوضع مؤخراً خرج عن السيطرة والسبب بعض المؤثرين.

تحول فكرة السفر لكسر جمود الحياة اليومية، واستكشاف مناطق ووجهات سياحية جديدة، واستغلال فرصة الإجازة الصيفية لقضاء وقت ممتع مع الأهل والأصدقاء في رحلة تبقى لحظات جميلة في ملف الذكريات التي لا تنسى، وأجمل ما في السفر التجرد من المظاهر، والحياة البسيطة، فهي رحلة شفاء نفسي خارج إطار المسؤوليات اليومية، لكن في الفترة الأخيرة فقدت بريقها.

من أهم أساسيات السفر أن يكون المسافر خفيفاً لطيفاً، يجمع أهم الملابس والاحتياجات للرحلات وبحسب برنامجه الذي سيقضية خلال سفره، لكن في الواقع ومع حياة السوشيل ميديا الوضع انقلب رأساً على عقب، فأصبح السفر مقصد للتفاخر بما أملك من حقائب، ماركات، ومجوهرات فاخرة، وحجم وعدد الحقائب وحجمها المرافقة للمسافر، وكأن السفر لخزينة الملابس وليس الشخص، ويتفاخر بعض المؤثرين خلال توثيقهم لرحلتهم بهذا الكم من المظاهر والكماليات التي باتت تتعب متابعيهم التي أصاب بعضهم حالة من النفور.

وهذه السلبيات لا يتطرق لها الأشخاص العاديون فأحد المؤثرين استنكر هذه التصرفات التي يقوم بها بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، وتفاخرهم بالسفر إلى الدول الأوروبية، وتفاخرهم بامتلاكهم لحقائب وماركات عالمية، وفي الآخير هي تقليد درجة أولى من إحدى الدول الآسيوية، وهذا واحد من هذه الفئة التي امتعض من هذه التصرفات التي تدل على أن هؤلاء «محدثي نعمه» كما وصفهم المؤثر، وتطرق إلى تأثير تلك السلوكيات السلبية على متابعيهم بأي شكل من الأشكال.

أنت كمؤثر تتباهى أمام جميع الخلق بعدد المتابعين في صفحاتك في مواقع التواصل الاجتماعي فهم رصيدك في الحصول على رزقك من المعلنين فبدونهم أنت لا تملك شيئاً هذه حقيقة لا يمكن إنكارها، وتدرك مدى تأثير رسالتك على هؤلاء خاصة المراهقين منهم، لذلك أطلق عليك مسمى «مؤثر» فيجب أن تكون رسالتك إيجابية وهادفة وليس في مظاهر من ملابس ماركات أو حقائب أو سفرك لدول أوروبية وأنت تحمل أغلب ما تملك من مجوهرات واكسسوارات ثمينة.

وبعدها ترجع وتتساءل لماذا تعرضت للسرقة؟ وتنشر فيديوهات في حالة من الانهيار والبكاء المتواصل ندماً لخسارة ممتلكات تفوق آلاف الدنانير سرقت بلمح البصر، ما الهدف من تلك الرسالة؟ المتابع ماذا حقق؟ وماذا استفاد؟ غير شعوره بالنقص لأنه لا يملك ما تملك، وسعيه الدائم لامتلاك الماركات وأن كانت «كوبي ون».

أعيد وأكرر بأن هذه السلوكيات والمظاهر يرتكبها «البعض» من المؤثرين فهناك مازال البعض الآخر فيهم الخير والبركة وحريصون على الحفاظ على بساطته ونشر يومياتهم القريبة من الناس «الطبيعيين»، ولديهم رسالة هادفة وهم الأحق بمسمى «مؤثر» وعلى مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي متابعتهم أما الباقي فلا ناقة لهم فيها ولا جمل.