أصبحت جامعة البحرين بدءاً من 2 يناير الحالي جامعة لا تستخدم الأوراق في كل معاملاتها ومراسلاتها داخل الحرم الجامعي، حيث استبدلتها بالوسائل التكنولوجية الرقمية، كجزء من مشروع ضخم ومتكامل تبنته في استخدام تقنية المعلومات في كل إداراتها ومفاصل العمل الإداري والأكاديمي والطلابي بها، وهو الأمر الذي أتى بفوائد كبيرة في العمل الجامعي من الناحيتين الأكاديمية والإدارية.

لقد تم توظيف تقنية المعلومات بشكل كامل في أعمال قبول الطلاب وتسجيل مقرراتهم وكافة المعلومات الخاصة بهم بجانب الربط العلمي بقواعد البيانات والمكتبات ومواقع النشر العالمية والتطبيقات الحديثة التي توظف الإنترنت مثل «إنستغرام»، و»واتساب» و»فيس بوك»، و»تويتر»، وتطوير الموقع الإلكتروني للجامعة وتوسيع حجم وسعة شبكة الإنترنت الداخلية للجامعة، بحيث يستطيع عضو هيئة التدريس والطالب والإداري داخل الجامعة توظيفها والتفاعل معها عبر حاسبه الشخصي أو جهاز تليفونه الذكي.

واستكمل هذا المشروع الضخم بداية هذا الشهر بتفعيل التقويم الإلكتروني وتبادل كافة الخطابات والرسائل داخل الجامعة عبر النظم الرقمية، دون الاعتماد على الأساليب الورقية التقليدية والأرشفة الإلكترونية والتواصل التقني مع الطلاب عبر شاشات العرض الرقمية الذكية التي انتشرت في هذا الفصل الدراسي في صالات الجامعة وممراتها.

وقد أتاح هذا التوجه الرقمي ربط كافة إدارات الجامعة وكلياتها وأقسامها العلمية ومراكزها البحثية ببعضها البعض بطرق رقمية وهو ما يتيح تتبع سير كل خطاب أو رسالة في كل مرحلة إدارية، حتى تنتهي بسرعة وأمان عال، إلى أن تصل إلى صاحبها، سواء كان طالباً أو أستاذاً أو أي فرد يتعامل مع أي إدارة داخل الجامعة، وهو ما يتيح ترابط كل أجزاء الجامعة في كيان رقمي واحد تتواصل كل أطرافه مع قمة هرمه الإداري بأسلوب سهل وميسور، وبالتالي يسهل التواصل على المستويين الأفقي والرأسي بين مكونات الجامعة.

ويتيح هذا التوجه الرقمي أيضاً الإنجاز السريع والدقيق للمعاملات وتخفيف العبء عن مطبعة الجامعة، والتي يمكن أن يوجه جزءاً من عملها في أعمال نوعية أو تجارية، هذا بجانب أنه يسهم في تقليل النفقات المالية حيث توفير عشرات الآلاف من الدنانير سنوياً والتي يمكن أن توجه في بنود استراتيجية ولوجستية كالبحوث والمرافق وكفاءة الهيئتين الأكاديمية والتدريسية بعد أن كانت تنفق في شراء الأوراق والأحبار والملفات وآلات التصوير والأرفف والخزائن والقوى البشرية اللازمة للقيام بهذه المهام التي تحتوي كماً هائلاً من الأوراق في جامعة تضم العديد من الإدارات بجانب «14» كلية متعددة الأقسام والشعب العلمية والمراكز البحثية، وتضم ما يزيد على 26 ألف طالب وطالبة في مرحلتي البكالوريوس والدراسات العليا وهو ما يتلاقى أيضاً مع التوجه الرسمي للدولة الخاص بترشيد النفقات بسبب انخفاض أسعار النفط العالمية خلال العامين الأخيرين.

ويسهم هذا التوجه في تحقيق المزيد من التواصل حيث يساعد علي تحفيز المشاريع والخطط والدراسات بشكل أكبر حين يتم تبادلها بالطرق الرقمية، بل إنه يمكن أن يستثمر مستقبلاً في التبادل العلمي والأكاديمي بين جامعة البحرين والجامعات العربية علي مستوى الطلاب والأساتذة وهو ما يقدم جامعة البحرين كجامعة رائدة في تبني مشروع عربي للتبادل العلمي والبحثي والإنتاجي بين الجامعة والجامعات الأخرى مثلما يتم بين جامعات العالم المتقدم.

إن هذا التوجه الرقمي يضع جامعة البحرين في سياق التوجه العالمي للحفاظ على البيئة، وذلك باعتبارها جامعة صديقة للبيئة عملت على زيادة رقعة المساحات الخضراء داخلها، فهي خالية من الأوراق والمخلفات والأحبار والعوادم الضارة بالبيئة خاصة، وأن الجامعة تمنع التدخين داخل أبنيتها، وهو ما يصاحبه فوائد صحية وجمالية كبيرة يستفيد منها كل منسوبي الجامعة وزائريها.

تحية لكل هذه الجهود المبذولة التي عملت على هذا التحول النوعي في جامعتنا الوطنية ذات السمعة الطيبة، والتي تسهم في تقديم القوى البشرية المؤهلة تأهيلاً علمياً سليماً والتي تضع دائماً خبراتها ومجهوداتها في بناء هذا الوطن ونهضته الشاملة، تلك الجهود التي تجعل من الجامعة جسراً للمستقبل، وهو ما سنتطرق له في الجزء الثالث من المقال.. وللحديث بقية.

* أستاذ الإعلام المساعد بجامعة البحرين