يقول الله تعالى في كتابه الكريم، بسم الله الرحمن الرحيم، «المال والبنون زينة الحياة الدنيا»، صدق الله العظيم.
مما لاشك فيه أن ضرب الطفل يؤلمه، ويترك له العديد من الكدمات على جسمه، ولكن هناك شكل آخر من أشكال العنف الموجه للأطفال، والذي يسبب جروحاً لا ترى بالعين، وهو العنف اللفظي، وهو عبارة عن سلوك غير مسؤول موجه من الآباء تجاه الأبناء مثل التوبيخ أو الصراخ أو الشتم والإهانة أو الاستهزاء والسخرية، والهدف منه هو نهي الأطفال عن سلوك معين، وتوجيههم نحو سلوك آخر يراه الآباء أنه هو السلوك السليم، ولا يعي الآباء مدى خطورة العنف اللفظي عليهم.
ووفقاً للدراسة التي قامت بها منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة «اليونيسيف»، يتضح مدى خطورة العنف على مخ الطفل خاصة في مراحل النمو. ففي فترة الستة شهور الأولى يشكل 50% فقط من جهاز المخ، ثم يستمر حتى سن العاشرة. وبالنظر في التحليلات الطبية تتضح للمنظمة مدى عواقب ممارسة العنف في هذه الفترة الحرجة الخطيرة من عمر الطفل، والمعروفة بفترة التكوين والنمو، فإذا تعرض الطفل لأي نوع من أنواع العنف ينطبع أثر ذلك على فكره ومخيلته، وكيانه الذهني والنفسي، وتتشكل شخصيته حسب ما اختزنته الذاكرة بصورة لا إرادية في العقل الباطن، والطفل الذي يعاني منذ الصغر من الإساءات يكون عرضة للاكتئاب في الكبر، وبعض الأطفال قد يلجئون للعنف في الكبر.
فالعنف اللفظي يؤدي إلى انعدام ثقة الطفل بنفسه، وتعطيل طاقاته الإبداعية، بل ويمتد تأثيره السلبي على نمو الطفل جسدياً وعقلياً وروحياً ونفسياً وعاطفياً واجتماعياً وأكاديمياً، وتزداد نسبة هذا التأثير على المدى البعيد حتى عندما يتلقى الطفل الضحية صور الحب من الشخص المعتدي بالابتسامة، ولو كانت صادقة فإنه يعيش في تأهب مستمر، لأنه يعلم أنها حالة حب مؤقت، وسرعان ما ستنقلب إلى حالة اعتداء جديدة، فتنعدم ثقته في هذه الابتسامة بل وفي الحب وهذه مأساة في حد ذاتها.
فيجب هنا على الآباء العمل على:
1- تكريس وقت أكبر للطفل ومحاولة طمأنته.
2- تقبل أخطاء الطفل ومحاولة التعامل معه بهدوء وسكينة، وعند تقويم سلوكه ينتقد العمل السيئ ولا ينتقد الطفل.
3- التشجيع على مشاركة الأطفال الآخرين لتقليل التوتر.
4- إخبار الطفل دائماً أنك تحبه وتضمه وتقبله، فذلك يعزز ثقته بنفسه.
وأخيراً وليس بآخر، إن الأطفال أمانة في عنق كل أب وأم، فمن الواجب تربية الأطفال تربية سليمة، وليس الاهتمام فقط بطعام وشراب ولباس وأمور مادية فحسب، وإنما رعايتهم جسدياً وعقلياً ومعنوياً. فالعنف اللفظي ضد الأطفال من أهم الأمور التي على الآباء حماية أطفالهم منها، وإذا تعرض الطفل للعنف اللفظي فعليكم معالجته فوراً تجنباً لتراكم آثاره على المدى البعيد.