كتبت غير ذات مرة عن الرجال العظام الذين أسسوا دولاً ناجحة وممالك زاهرة، وتوقفت كثيراً عند أهم الصفات التي تجمع هؤلاء القادة في الإدارة والحكم الرشيد، وقد أحصيت كثيراً من هذه الخصال التي تجعل القائد ذا رؤية ثاقبة إزاء المستقبل وحكمة نافذة في إدارته لأمور البلاد وبصورة ناجحة خاصة حين تجابه مسيرة بلاده عواصف هوج.
ورغم أن سيرة حضرة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر سجل مضيء يحتذى به في الإدارة وأصول الحكم الرشيد نظراً لإنجازاته الكثيرة في مجال التنمية الشاملة، وهو ما شهد به القاصي والداني من خلال الشهادات والجوائز الدولية العديدة في مجالات الحياة المختلفة كالإسكان والتنمية الحضرية والتعليم والرعاية الصحية وقضايا المرأة والشباب والرياضة ومحاربة البطالة والفقر وغيرها من مظاهر الرفاه الاجتماعي، وكل ما يدل على حنكته ونجاحه في إنجاز النهضة والتقدم لبلاده، إلا أن ما أضاف مهابة وزعامة على شخصية سموه هو هذا التوقير والمحبة الغامرة التي يحظى بها سموه على المستوى الداخلي، ففي كل مرة يعلن فيها عن فحوصات طبية لسموه تنتفض القلوب جميعاً بالدعاء لسموه بالصحة والشفاء، وترتفع الأكف جميعاً إلى المولى -عز وجل- ضارعة أن يتم على سموه نعمة العافية وطول العمر، فإذا كانت مكانة سموه -العالمية- وإنجازاته في المجال السياسي إقليمياً وخارجياً جعلته محط اهتمام دولي خاص باعتباره شخصية عالمية التأثير، فإن قلوب البحرينيين التي تتدفق محبة لسموه ما تكاد تلامسها هذه الأخبار إلا وتصبح قلباً واحداً ينبض بالضراعة
والابتهال إلى المولى عز وجل أن يحفظ سموه من كل مكروه وسوء.
ومما أذكره في هذا السياق -الموجز- ما كان من مواقف سموه الإنسانية التي لا تحصى حين تشرفت بتدشين برنامج صباح الخير يا بحرين في مارس عام 1994 حيث بدأنا في تلقي شكاوى وملاحظات المستمعين عبر إذاعة البحرين فقد كان سموه أول المبادرين لمتابعة مشكلات المواطنين والتوجيه الفوري لحلها في الحال، فالمئات والمئات من الحالات الإنسانية التي لن أنساها تم مساعدتها وشفاء جراحها بفضل من الله ثم بفضل توجيهات سموه المباشرة.. بل أذكر منها ما كان تبرعات -شخصية- من مال سموه الشخصي كحالة فتاتين مصابتين بمرض في القلب، حيث وجه سموه حينها بعلاجهما على نفقته الخاصة، ولايزال نهج سموه الإنساني يتدفق حتى اليوم في جميع المجالات الإنسانية حيث لا يوجد مواطن أو أسرة إلا وناله فيض من كرم سموه ورعايته السامية، وهكذا استحق سموه أن يكون في نظر كل مخلص لتراب هذا الوطن لقب «القلب الكبير»، حيث استحق أن يسكن قلوب المواطنين بكرمه الغامر، وعطائه الزاخر، إنه القائد حين يجمع بين الحكم الرشيد والقلب العامر بالمحبة لمواطنيه. ولعل هذا ما جعل القلوب تهفو إلى سموه إخلاصاً وتوقيراً، ومسارعة إلى الاطمئنان على سموه لحظة بلحظة، والجميع كان في ترقب للأخبار السارة عن سموه بالفرح والبهجة باعتباره «القلب الكبير» الذي يحتوي الجميع.
حفظك الله يا أبا علي، ومتعك الله بدوام الصحة والعافية في ظل قيادة حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، وصاحب السمو الملكي ولي العهد، حفظه الله ورعاه.
وحفظ الله شعب البحرين الوفي، وأدام على مملكة البحرين دوام العزة والأمن والسلام.