تتطلب المعالجة الإعلامية للظاهرة الإرهابية الاهتمام بالموضوعية، التي تفرض معالجة شاملة لجذور هذه الظاهرة وأسبابها الحقيقية، سياسياً واجتماعياً واقتصادياً ودينياً. إن تناول الأحداث الإرهابية كمجرد أخبار يومية أو ضمن مفهوم التغطية اليومية للأحداث يضعف من قدرة الرسالة على الإقناع، ويقتطع هذه الأحداث من سياقها وبيئتها الاجتماعية والثقافية، ويفرض ذلك وجود كادر إعلامي مؤهل يملك القدرة على تناول هذه الأحداث مع الاعتماد على المتخصصين في الجوانب الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية مع مشاركة مؤسسات المجتمع ذات العلاقة.

إن الاتجاه المهني العقلاني والحداثي في المعالجة العميقة عند مناقشة الخطاب الإرهابي والرد على مغالطاته ضرورة لإخراج متكآته الماضوية من الثقافة الوطنية وخطابه السياسي، وكل ما يتناثر من أفكار مغلوطة في المنظومة التربوية، ولا يمكن أن يتم ذلك من دون طاقم إعلامي قادر على التعامل مع هذه الظاهرة، وهنا تبرز الأهمية الخاصة للتدريب الإعلامي في إطار استراتيجية متكاملة. والحقيقة أن دول مجلس التعاون لديها استراتيجية أمنية لمكافحة ظاهرة التطرف المصحوب بالإرهاب "2010" حيث تظهر فيها بوضوح المنطلقات التي تعتمد عليها دول مجلس التعاون في محاربة الإرهاب وعلى رأسها اعتماد دول مجلس التعاون الشريعة الإسلامية عقيدة ومنهج حياة، والتأكيد على وحدة المصير والأهداف، وتشابه وانسجام الأوضاع السياسية والاجتماعية والسكانية، والمخاطر المشتركة، وروح الأخوة التي تجمع شمل أبناء المجلس، كما تحدد الاستراتيجية أهدافاً محددة، والوسائل والأساليب التي تضمن الوقاية والمكافحة للظاهرة عبر تحصين الفرد والمجتمع، وكذلك في المجال الأمني والمجال التربوي والتعليمي والإعلامي والدعوي، وفي مجال التعاون العربي والدولي. إلا أن إشارة الاستراتيجية إلى الآليات جاءت "مقتضبة"، وهو ما يحتاج إلى تفصيل من خلال رسم الخطط والبرامج التنفيذية، وإذا كانت هذه الاستراتيجية "أمنية" في المقام الأول فإننا بحاجة إلى استراتيجية إعلامية تعتمد وتستفيد من بنود الاستراتيجية الأمنية ليكون التكامل أكثر بروزاً في مواجهة الظاهرة الإرهابية. أما متطلبات الكادر الإعلامي المتخصص في ميدان الإرهاب فسوف نفرد له وقفة أخرى. يتبع.