تحدث الفرنسي موريس ليفي عن كيف تصنع الشعوب هويتها في القمة العالمية للحكومات وموريس هذا مولود في18 فبراير 1942 في مدينة «وجدة» بالمغرب رجل أعمال فرنسي يهودي من أصل مغربي، عضو المجلس المؤسس للمنتدى الاقتصادي العالمي ورئيس مجلس إدارة مجموعة بوبليسيس الإعلانية، التي تعتبر أقوى شركة إعلانية في الشرق الأوسط وثالث أكبر مجموعة إعلامية في العالم, تحدث عن دور قادة الدول في صناعة هوية الشعوب.

عدد موريس عدة عناصر تساهم في هذه الصناعة وهي التي تسوق الهوية الوطنية لأي شعب للعالم، ومن تلك العناصر تصرفات وسلوك القادة بما فيها المنتخبين منهم، وسارعت بيكي أندرسون مذيعة السي إن إن التي كانت تدير لحوار معه بفزع تسأله هل يعني ذلك أن هوية الشعب الأمريكي محددة بشخصية ترامب على سبيل المثال؟ فأجابها موريس حتماً .. فالأغلبية اختارته وذلك يعني أن نموذج ترامب مطلوب ومرغوب عند غالبية كبيرة من الشعب الأمريكي، وأضاف هذا النموذج بكل خواصه أعجبتك تلك الخواص أم لم تعجبك إلا أن لها قبولاً، بتهورها بنزقها بحماسها بأسلوب خطابها برؤيتها للآخرين بطريقة تعامله مع زوجته مع أبنائه مع موظفيه بتغريداته المثيرة للجدل هو يشكل شكلاً من أشكال الهوية الأمريكية!!

ثم عرج موريس على دولة الإمارات العربية المتحدة فقال أستطيع أن أحكم على هوية الشعب الإماراتي من خلال ما يقرره وما يفعله قادتهم في تشكيل حكومتهم مثلاً أعرف كيف ينظر الإماراتيون إلى المرأة إلى الشباب إلى الانفتاح على العالم إلى تقبل الأفكار الجديدة .... إلخ انتهى

أتفق مع موريس في الكثير مما قاله عن الشعب الإماراتي بل أزيد أننا نعرف أن سمة الوفاء والإخلاص التي يتحلى بها قادة الإمارات لآبائهم على سبيل المثال أعطت للعالم فكرة عن سمة من سمات الشعب الإماراتي، وأن قيادتهم تعمل على تعزيزها في نفوس الأجيال القادمة لتشكل عنصراً من عناصر هويتها.

فما تحدث قط أي من أبناء الشيخ زايد رحمة الله عليه سواء كان الشيخ خليفة رئيس الدولة أو الشيخ محمد أو الشيخ عبدالله أو الشيخ سيف أو الشيخ منصور أو الشيخ حمدان ما تحدثوا قط في محفل عام أو خاص إلا وحتماً ولابد أن تسمع اسم والدهم على لسانهم يتردد أكثر من مرة رغم مرور أربعة عشر عاماً على وفاته، تعرف أن الوفاء للآباء سمة من سمات الإماراتيين، كما تستطيع أن تلمس تقدير الكبير واحترامه في الشخصية الإماراتية من مشهد عبدالله بن زايد وهو يحمل نعل أخيه الكبير في المجلس، تلك عناصر تصنع الهوية وتنقلها للأجيال القادمة معها، فالناس يتأسون بكبارهم وبقادتهم والناس على دين ملوكهم اتفق عليها موريس بشكل أو بآخر.

في النهاية الهوية والشخصية الوطنية تصنعها عدة مصانع منها الأسرة ومنها التأسي بالقيادة ومنها المدرسة ومنها الإعلام ومصانع أخرى غيرها، فإن كان موريس ليفي أشار إلى دول القيادات في صنع الهويات إلا أنه أكد أن «فالهوية» ليست موروثة بالجينات ثابتة ولا تتبدل ولا تتغير، بل هي كائن حي متحرك قد ينتعش ويصح ويقوى وقد يتعرض للإصابة للضعف للوهن وقد يموت، لذلك فهذا الكائن الحي «الهوية» بحاجة دوماً لتنشيط مصانعها وتحفيزها، وتلك إشكالية كما نرى عند كل الشعوب.