خبر مؤلم وحزين بدأ به يومنا أمس، مفاده رحيل رجل وطني وقور، شيخ نكن له كل المحبة والاحترام، قيادتنا برموزها تقدره وتحبه، «ياما» زرناه في مجلسه العامر، وربطتنا بمعاليه وأبنائه الشيوخ الكرام علاقة صداقة وأخوة واحترام.

معالي الشيخ عيسى بن خليفة آل خليفة رحل لربه تاركاً لنا ذكريات جميلة، ذكريات كرمه ورفعة أخلاقه وطيبته، مثله قلما تجد، ووطنيته نموذج يضرب به المثل، وهو عهده الذي نقله لأبنائه الشيوخ كبار القامة الذين قدموا الكثير لهذا الوطن في شتى المجالات، وكسبوا حب الناس.

عظم الله أجوركم، الشيخ سلمان بن عيسى، رجل الأوقاف وسابقاً الرياضة، الإنسان صاحب القلب الطيب والابتسامة التي لا تفارقه. شقيقه الشيخ خليفة بن عيسى رجل التاريخ الحافل في مجالات البلديات واليوم يتولى شؤون الزراعة باقتدار، وأحد شقيقين لهما مكان أثير في قلوب أهل المحرق وناديها العريق، نصفه الثاني الشيخ حسام بن عيسى، الرجل المحنك الذي يبهرك بعلمه وأسلوبه وذكائه الحاد، مَن مازالت المحرق تهتف باسمه ذاكرة له بصماته المؤثرة رياضياً وكذلك عطاءه الإنساني، ورابعهم الشيخ أحمد بن عيسى، مهندس عمليات الجنسية والجوازات والإقامة، والذي ينهمك الْيَوْمَ في مهمات مضنية لتسهيل الإجراءات المعنية بدخول زوار البحرين الحاضرين سباق الفورمولا واحد، في امتداد لنجاحات حسن قيادته للعملية طوال السنين الماضية.

أستصعب تخيل رمضان القادم بدون الشيخ عيسى، أن تدخل مجلسه فلا تجده باسماً بطلته ووقاره، أمر لم نعتده إطلاقاً، رحمة الله عليك يا طيب الذكر، فقدت البحرين ابناً باراً صعب التكرار، وحسبها أنه ترك امتداداً طيباً متمثلاً بأبنائه وأحفاده، أطال الله أعمارهم، وصبرهم على فراقك.

"معارضة للبحرين" و"موالاة لإيران"

تصلنا بين الآونة والأخرى بعض المواد الإعلامية التي تعدها وتنشرها الخلايا الإعلامية التابعة للانقلابيين وخونة البحرين، ممن يتواجدون في الخارج وتصرف عليهم إيران وأنشأت لهم منصات إعلامية لتهاجم بها بلادنا.

هذه المواد وكثير منها تنشرها كيانات إعلامية إيرانية أنشئت في لندن، واحتضنت خونة البحرين هناك، هذه المواد تتحدث عن البحرين، وتحاول أن تصورها بدولة منتهكة لحقوق الإنسان والحريات، وتمارس التعذيب والتمييز المذهبي، إلى غيرها من التهم. والغريب في الأمر، بل المضحك في المسألة أن هذه الادعاءات التي يطلقونها، يعلمون تماماً بأن فيها مغالطات كبيرة، وأنهم يضيفون عليها «البهارات» المفبركة ليهولوا من نظرة المجتمع الغربي تجاه البحرين، في وقت تجد أن هذه الادعاءات هي «حقيقة مجردة» وموثقة بالأدلة وشهادات المعنيين لو طبقناها على الواقع الإيراني وسياسات نظامه، النظام الذي يمول هذه المنصات العميلة.

هؤلاء مرتزقة إيران في لندن، الذين يهاجمون البحرين بأكاذيب وفبركات، ويدعون أنهم مع حقوق الإنسان وضد التمييز، تجد في موادهم الإعلامية وتقاريرهم هجوماً على دول الخليج وعلى رأسها البحرين والسعودية، يهاجمون كل شيء «عربي» يقف في مواجهة مشروع التمدد الصفوي الإيراني، لكنهم طبعاً حالهم كحال عملاء إيران، حينما يأتي الحديث عن خامنئي «هتلر العصر الحديث» كما وصفه ولي العهد السعودي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، يصمتون ويخرسون ولا ينطقون بحرف. وإلا لو كانوا يدعون دفاعهم عن كل هذه المبادئ الحقوقية والإنسانية، فلماذا لا يتحدثون عن حقوق الشعب الإيراني التي تنتهك يومياً؟! لماذا لا يتحدثون عن قمع المعارضة الإيرانية من قبل نظام خامنئي؟! أوَليست اسمها «معارضة» كما تسمون أنفسكم؟! أم أنكم «معارضة للبحرين» و«موالاة لإيران»؟!

طيب بثكم من لندن، وأخباركم وتقاريركم منها، بالتالي هل تعرفون كم مئات آلاف الإيرانيين الموجودين في عاصمة الضباب وحدها، بخلاف عموم أوروبا؟! لماذا لا تنزلون للشوارع القريبة منكم، لماذا لا تجولون في «إيجوير رود» مكان تسكعكم أقلها أو المطاعم والمحلات وتقابلون أصحابها الإيرانيين أو القاطنين منهم وتسألونهم عن بلادهم، لماذا غادروها؟! وماذا فعل النظام بهم؟! طبعاً لن تفعلوا ذلك لأنكم تعرفون أنهم معارضة، وسيدلون بكلام وأقوال وحقائق تفضح بشكل أكبر النظام الذي يمولكم؟! ولماذا يا إعلاميون تدعون كذبا الحياد، لا تغطون المظاهرات التي تقوم بها الجاليات الإيرانية في لندن أمام السفارة الإيرانية والشعارات التي يرفعونها تنديدا بقمع نظام خامنائي وديكتاتوريته وانتهاكاته لحقوق الإنسان؟!

لو تنطبق السماء على الأرض، لن نصدق يوما أن خائناً لبلاده، بائعاً لترابه، مرتزق لنظام ديكتاتوري قمعي يصرف عليه، سيكون صاحب قضية عادلة أو أن يدافع بتجرد عن مبادئ حقوق إنسان وحرية وشفافية بشكل عام.

هؤلاء طائفيون بامتياز، انقلابيون لا تهمهم ديمقراطية أو إصلاحات أو عدالة، يهمهم تحقيق مخططهم الآثم باختطاف دول واستملاك مقدرات الشعوب، ومنالهم هذا لن يحصل في البحرين.