أسقطت مواقع التواصل الاجتماعي كثير من الأنظمة السياسية في زخم «الربيع العربي»، ورغم تصدر الفيس بوك لهذا الدور إلاَّ أن تويتر كان له دور بالغ الأهمية والخطورة أيضاً في نفس السياق. ويبدو أن «الربيع» الذي جاوز العرب أو يكاد قد وصل بقوة إلى طهران مؤخراً. ويبدو غريباً من حكام طهران إقرارهم بوجود أزمة اقتصادية في البلاد، وقراءتهم لما يدور في مواقع التواصل الاجتماعي بشأن تظاهر الناس في الشوارع جرّاء الجوع الذي أعياهم، بينما ما زالوا لا يوافقون على شرعية تلك الاحتجاجات الشعبية، ويلقون باللوم فيها على أنها من تبعات العقوبات الأمريكية على طهران، ما دعا النظام الطهراني للجوء إلى سياسة تهديد المحتجين بعدد من محافظات البلاد التي تواجه خطر المجاعة بتصريح رسمي جاء فيه «إن قوات الأمن ستواجه بحزم الاضطرابات التي يمكن أن تستغلها الولايات المتحدة وأعداء آخرون، وأن الهيئات القضائية والأمنية ستتصدى بكل حزم لكل من يريد تقويض أمن البلاد وأن إثارة التوترات جزء من الحرب النفسية الأمريكية ضد إيران»..!!!

هذا وكان مواطنون إيرانيون قد أطلقوا هاشتاغ «الشعب يريد إسقاط النظام»، وطالبوا فيه بتغيير نظام الطواغيت الحاكم، بينما الأخير على وعي تام باقتراب الاحتجاجات الشعبية، بعد اشتداد وطأة العقوبات الأمريكية، ونظراً لتقويض الحريات الشخصية والإعلامية في طهران فإننا نتوقع أن تحظر الحكومة تويتر ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى قريباً إن لم تكن قد فعلت، لاسيما وأن الهاشتاغ قد استوحي من خطاب وزير الخارجية الأمريكي بومبيو في مؤسسة هيرتاج الذي طرح فيه 12 شرطاً طالب فيه طهران بتنفيذها أو سيسقط النظام، أو حين أضاف بومبيو إن على الشعب الإيراني اختيار نوع القيادة التي يريدها بنفسه، وكأنه يقول سنساعدكم حين وصف العقوبات «أقوى عقوبات في التاريخ ضد الجمهورية الإسلامية».

تردي الحال في طهران وصل لدرجة أن نواب محافظة سيستان وبلوشستان -جنوب غرب البلاد- في البرلمان يستنجدون بالحكومة من أن سكان 4 محافظات بالبلاد يواجهون خطر المجاعة، فسكان محافظات سيستان وبلوشستان وهرمزغان وبوشهر جنوب خراسان الجنوبية، يواجهون خطر المجاعة بسبب الفقر، وهذه المحافظة «تحتل أدنى مرتبة في البلاد من حيث توزيع الدخل القومي»، جراء غياب رؤوس الأموال والجفاف المستمر منذ 18 عاماً.

* اختلاج النبض:

استنفار الأجهزة الأمنية والعسكرية لن يجدي فالهاشتاغ سيتحول إلى حجر ثم حريق ثم رصاص، ولأن طواغيت طهران لديهم من وسائل مقاومة السقوط الكثير، نخاف أن تقوم طهران كعادتها بتصدير الأزمة إلى الخاصرة الرخوة من محيطها الإقليمي وهي دول الخليج العربي. فهل أعددنا لمثل هذا اليوم بما سيحمله علينا من زخم الويلات في المستقبل المنظور قريباً؟!!