إيمان عبدالعزيز




لا يختلف اثنان على أن التوافق بين الوالدين الناتج عن التفاهم المشترك وتقبل الآراء ووجهات النظر في جوانب الأمور الحياتية، يعد اللبنة الأولى لبناء صرح أسري قائم على الألفة والتواد، يسوده مناخ الاحترام المتبادل بين أفراده، ما ينعكس إيجاباً على سلوكيات الأبناء الداخلية في محيط المنزل والخارجية مع الآخرين في متسع الأرض المجتمعية.


ثم إن البيئة الأسرية التي تحيطها أجواء من الهدوء والاستقرار تساعد على نمو الشعور بالمسؤولية، فينمو الأبناء على روح التعاون والمحبة، وعلى إقامة علاقات إيجابية أساسها التفاهم والتوافق الإيجابي وهما السبيل الأمثل إلى تعلم المسؤولية.

وبما أن الحياة الاجتماعية لا تخلو من التغاير، فقد تعيش في مجتمعنا أيضاً العديد من الأسر أوضاعا نقيضة للحياة الهانئة والمستقرة، تحت وطأة الجدال بين الوالدين والمشادات الكلامية، التي تطغى على أجواء المنزل وتكسوه برداء التوتر والاضطرابات المزاجية لأفراده.

إن التعادي بين الأبوين غالباً ما يخلف العديد من المشاكل التي من شأنها أن تؤثر سلباً على سلوك الأبناء، وعادة ما تعود الأسباب إلى قلة وعي الوالدان بما يترتب على عدم الاتفاق بينهما من الأمور التي يقع في فخها الأبناء، حيث يعتبرون الضحية التي تعاني من هذه الخلافات الزوجية المتكررة، ما يصيبهم بتأثيرات نفسية واجتماعية عميقة، ومنها القلق وعدم الثقة وكره الوالدين والانطوائية والصد الاجتماعي وغيرها، من السلبيات الأخرى المترتبة على عدم اتفاق الوالدين.

لذلك، يجب على الوالدين التأني في تفسير الأمور والمواقف للأبناء وخصوصاً الأطفال، وعدم إطلاعهم على حقيقة النزاعات وأن يحاولوا عدم الشجار فيما بينهم لما في ذلك التصرف مشاعر أليمة لهم وتبعيات نفسية حالية ومستقبلية عليهم.

من الضروري أن لا يشكل خلاف الزوجين حاجزاً يقف بينهم وبين الأبناء بل عليهم العمل معاً على التنازل وتقبل الطرف الآخر من أجل استمرار الحياة الأسرية ومحاولة تبادل العاطفة، لينعكس ذلك بالإيجاب على شعور الأبناء وتكوين أحاسيس الحب والاحترام والرعاية، من خلال عدم إشعارهم بالخلافات أو الرغبة في الانفصال وإبعادهم قدر الإمكان عن المشاكل والصراعات.