زهراء حبيب


«الوطن» تسلط الضوء على ملف حضانة الأطفال

استحالة العشرة بين بعض الأزواج تحتم عليهم اتخاذ قرار «الطلاق»، ويبقى الأطفال هم الحق المشترك بين الطرفين بعد الانفصال، وتكون الحضانة للأب أو الأم بحسب ما يتم الاتفاق عليه بين الطرفين، أو ما يقرره القضاء حفاظاً على حقوق وحماية المحضون، الذي تكون مصلحته فوق كل اعتبار، ولكن هل الجميع يصون الأمانة؟ أم أصبح هذا الحق وسيلة للانتقام وورقة للضغط، أو لتحقيق مكاسب مالية أو الهروب من التزمات مادية.


في هذا التقرير تحاول «الوطن» تسليط الضوء على ملف حضانة الأطفال والحقوق الضائعة لهم بين الأب والأم.

ومن قصص الصراع على «الحضانة»، أم لطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، تسعى لاسترجاع حضانة طفلها من طليقها، كونه بأمس الحاجة لوجوده معها بصورة دائمة، بينما الأب يطالب بحقه أيضاً في حضانة طفله الذي كان يُحرم من زيارته لفترات طويلة، فالأحقية لمن في الحضانة الأب أم الأم، وفي هذه الحالة الطفل ضائع بين خلافات الأب والأم رغم حاجته الماسة لبيئة مستقرة بين الطرفين.

وهناك حالة آخرى لأم خسرت حضانة أطفالها لصالح الأب الذي طالب بحضانتهم، ليتفادى دفع نفقاتهم الشهرية وفي المناسبات، وبعد أيام أرجعهم لحضانة الأم بيد أن في الأوراق الرسمية الأبناء بكنف والدهم لكن الواقع مغاير، وتهرب من سداد التزاماته المادية واستغرقت الأم فترات طويلة من رفع الدعوى وصدور الحكم فيها لإلزامه بسداد حقوق أبنائه. كما توجد حالات لأطفال حضانتهم ترجع إلى الجدة سواء من جهة الأب أو الأم، وذلك بعد أن يتخلى الوالدان عن مسؤوليتهما في رعايتهم ويتركوهم لأمهاتهم «الجدات». هذه القصص جزء من مشاهد القضايا المنظورة في محاكم الشرع يومياً، ويتعامل معها عدد من المحامين المتخصصين في الدعاوى الشرعية.

وترى المحامية ابتسام الصباغ بأن حضانة الأبناء في حال الخلافات بين الزوجين سواء كانت الحياة الزوجية قائمة أو تم الطلاق بينهما يجب أن تتمحور حول مصلحة المحضون باعتباره الطرف الضعيف الذي يحتاج للحماية. وأشارت إلى أنه من واقع الحال، هناك حالات مازالت تحافظ على الروابط وشيء من العلاقات بين الزوجين المطلقين من أجل تسير أمور الأبناء، ولكن للأسف هناك فئة تعتبر الأطفال وسيلة انتقام من الطرف الآخر، وتسعى بكل السبل التأثير على الأطفال بالتحريض.

وتسرد الصباغ واقعة حدثت معها مؤخراً، بعد حصولها على حكم زيارة لأحد الموكلين بصفة مستعجلة من أجل رؤية أبنائه المراهقين، وكان جوابهم أن القانون لا يجبرهم على التنفيذ، منوهة إلى وجود حالات أخرى كثيرة والمراكز الاجتماعية مليئة بهذه الحوادث.

وأكدت وجود حالات لآباء يسعون إلى كسب حضانة أبنائهم من أجل الحصول على خدمة إسكانية فقط.

وقالت إن الحقيقة سوف تظهر عاجلاً أم أجلاً، لذلك ننصح الآباء والأمهات بضبط النفس وعدم تحريض أبنائهم ضد أحد الأطراف، فسياسة التحريض لن تنفعهم في نهاية الأمر، وعدم ربط الحضانة بالخدمات الإسكانية ويكفي أن ترتبط بالمواطنة والإمكانيات المادية. ودعت إلى إبراز دور المراكز الاجتماعية في احتضان أبناء المطلقين عن طريق البرامج الصيفية مثلاً والتدريبية، والترفيهية، من أجل زرع القيم والسلوكيات الصحيحة بصورة غير مباشرة لدى هؤلاء الأطفال، وبهدف حمايتهم من الآثار النفسية والاجتماعية المترتبة على انفصال الوالدين، وكذلك تسهيل إجراءات تنفيذ الرؤية والحضانة.

وشددت على أهمية إعطاء الحضانة للطرف الذي يرتاح برفقته الطفل، ويتزاور مع الطرف الآخر، وهو أفضل بكثير من صدور حكم بالحضانة ولا يمكن تنفيذه.

من جانبها قالت المحامية فوزية جناحي «الآن هناك أمهات تتنازل عن حقها في حضانة أطفالها بسبب تقاعس الأب عن الالتزام بسداد مبالغ النفقة، أو عدم إمكانياته المادية في السداد».

وأضافت «هناك حالات يتم التنازع فيها على حضانة الأبناء سواء من الأم أو الأب ليس حباً في الأطفال بل نكاية وعناد بالطرف الثاني، دون مراعاة لنفسية الأطفال واحتياجاتهم للحب والعاطفة والاستقرار النفسي».

وأوضحت أن هناك فئة أخرى من الآباء تحارب لإسقاط حضانة الأم للأطفال، لسبب واحد وهو التهرب من سداد الالتزامات المادية المترتبة عليه في حال كانت الحضانة لدى الأم، من سداد نفقة شهرية ومرتين في السنة بمناسبة عيد الفطر والأضحى، ونفقات العودة للمدارس وكسوة الشتاء وغيرها من حقوق الطفل بالإنفاق عليه، وبعد كسب حقه بالحضانة يرجع الأبناء في اليوم الثاني من صدور الحكم للأم التي تحارب لتوفير المال لاحتياجاتهم المادية وتطرق أبواب الجمعيات الخيرية للحصول على المساعدات، بينما الأب يمضي حياته بصورة طبيعة وبلا مسؤوليات تجاه أبنائه.

وفي قانون أحكام الأسرة، فإن الحضانة تعني حفظ الولد، وتربيته، ورعايته بما لا يتعارض مع حق الولي في الولاية على النفس، ووفقاً للفقه السني تنتهي حضانة النساء ببلوغ الذكر خمس عشرة سنة وبالنسبة للأنثى حتى تتزوج ويدخل بها الزوج، وفي الفقه الجعفري تنتهي حضانة الأم عند إتمام سن السابعة للابن أو البنت، وبعد سن السابعة تكون الحضانة للأب.

ووفقاً للفقه السني إذا بلغ الذكر خمس عشرة سنة، أو بلغت الأنثى سبع عشرة سنة ولم تتزوج ولم يدخل بها الزوج، فلكل منهما الخيار في الانضمام إلى من يشاء من أبويه أو ممن له الحق في حضانته، فإن اختار أي منهما الحاضنة استمر معها دون أجر حضانة.

ووفقاً للفقه الجعفري يمنح خيار الانضمام إلى من يشاء من أبويه عند إتمام الأنثى سن التاسعة من عمرها والذكر سن الخامسة عشرة من عمره مع رشدهما.

ويشترط القانون في الحاضن، الإسلام، العقل، البلوغ، الأمانة على المحضون، والقدرة على تربية المحضون وحفظه ورعايته وتدبير مصالحه و السلامة من الأمراض المعدية والخطيرة.