أمل محمد أمين



هناك بعض السلوكيات الضارة التي تؤثر على نفسية الطفل، لذا يجب على الوالدين مراعاة كل القرارات التي يتخذانها فيما يتعلق بتربية أبنائهما، لأن هذا الأمر يؤثر بصفة مباشرة على نفسية الطفل.

وبالتأكيد، فإن تربية الأطفال أمر صعب للغاية ولا يحق لأحد أن يحكم على أسلوب الأبوة والأمومة الذي ينتهجه البعض. وللأسف على الرغم من أن كل أب وأم أكثر ما يتمنونه لأطفالهم أن يكونوا صالحين وناجحين، لكن في طريق التربية الصعب تحدث أخطاء غير مقصودة تسبّب أذى نفسياً كبيراً للطفل؛ من تلك الأخطاء إعطاء الأوامر غير المبررة، أي إعطاء أمر من غير السماح له بالنقاش أو الجدال حول الموضوع من أساسه، يترافق منه أمران، الأول شعور بالإهانة وعدم الاحترام، والثاني يكون التداخل في بناء معايير وقيم يتخذها كمقياس لسلوكه في المستقبل، وهناك أيضاً التهديد وهو يزرع شعوراً بعدم الأمان، أي التهديد بالحرمان المادي أو المعنوي، والتهديد نوعان الأول المادي وهو بالضرب أو الحرمان وهو يكون حسياً جسدياً، والثاني المعنوي الابتزاز العاطفي، مثال، لو ما عملت كذا وكذا سوف أكرهك كنوع من الابتزاز العاطفي والضغط النفسي، أيضا كثرة النصح والوعظ، وكثرة الإلحاح والزن الذي يوغل الصدور.

ويتسبب الحرمان المتكرر من الحقوق كالحرمان من المصروف وأيضاً من اللعب أو من الخروج أو الحرمان من مشاهدة ما يحب على التلفاز، يتولد عند الطفل تبلد المشاعر وسوف لا يكون لديه اهتمام في نفسه وفي الآخرين ويصبح لدينا شخصية لديها شعور بالنقص، شخصية لا تبالي في مشاعرها ومشاعر الآخرين.

أيضاً تكرار العقاب على كل كبيرة وصغيرة يولد لدينا شخصية عنيفة عدوانية وعندما يكبر هذا الطفل يكون لديه استعداد للمشاجرة مع الآخرين على كل شيء ليثبت أنه على حق وألا يستخدم الإيذاء للآخرين بالشتم أو الضرب.

وعلى الرغم من أن بعض الأولياء يرغبون في أن يكون أطفالهم ناجحين، لكنهم لا يهتمون بالطريقة التي سيحقق بها أطفالهم نجاحاتهم، في الواقع، قد يسعد الأهل بإنجازات أطفالهم لسببين: الأول هو التفاخر بهذه الإنجازات أمام الآخرين، والثاني هو أن يضمن أطفالهم الناجحون حياة أفضل لهم.

وقد يكون وضع المربي في التربية شخصية القاضي الذي يصدر الأحكام مثال أنت «غبي، فاشل، مزعج، متخلف...» وأحياناً يكون إصدار الأحكام أقسى وأشد من الضرب في كثير من الحالات لأنه يولّد لدينا شخصية محبطة ويصيبها بالمرض النفسي ويكون سهل التغلغل فيها، وإصابتها بالاكتئاب وزرع الخوف من المستقبل، مثل هذه الكلمات تغرس في الطفل إيماناً أنه فاشل أو غبي ويتردد عن الأقدام والمواجه للحياة.

أيضاً من المؤسف التركيز على السلبيات وترك المعاني الجميلة في الحياة، ومثال على ذلك، طالب ناجح في مادة دراسية بنسبة 90% ويقول له أحد والديه لماذا 10% لم تنجح بها، أي ترك الإيجابيات والتركيز على السلبيات التي تؤثر على حياة الطفل وتولّد لديه شعوراً ناقداً وناقماً لمعاني الحياة الجميلة وقتل مشاعر المبادرة، ولا يقدم ما لديه من إبداع وتميز.

وأحياناً تكون علاقة ولي الأمر مع ابنه علاقة محقق شرطي ومتهم، وهنا يكون ولي الأمر محققاً يتحقق لإثبات التهمة على ابنه، الإقرار دون إكراه هو أساس العلاقة بين أفراد المجتمع الذي يولّد التسامح ولكن أسلوب التحقيق يولّد لدينا شخصية تهرب من الواقع وتميل للكذب مع الإصرار على البراءة مع ارتكاب الأخطاء، لأنه لم يجد الأمان الداخلي ليكون سلاماً خارجياً يعترف في ذنبه ويتسامح من الآخرين.

والحذر كل الحذر من المقارنة السلبية، فالمقارنة تكون إما للتحفيز وهي المقارنة الحسنة لإخراج طاقات الطفل أو الابن للأفضل، وإما تكون لتوليد الغيرة، فالمقارنة السلبية تولد الكره ثم تولّد الغلّ ثم تولد الحقد ثم تولد الإيذاء وتصبح لدينا مخرجات شخصية حاقدة تتمنى زوال النعم من الآخرين.