اندبندنت عربية

صدر قرار بإغلاق مستشفى بريطاني إثر مزاعم بارتكاب "انتهاكاتٍ منهجية" كانت قد كشفت عنها صحيفة "اندبندنت"، وسيتم إقفاله بشكلٍ دائم.

وفي هذا الإطار، أعلنت مجموعة "أكتيف كير" Active Care Group مالكة مستشفى "تابلو مانور" Taplow Manor الخاص بالصحة العقلية الذي طاولته الفضيحة، عن إلغاء خططها بإعادة فتحه، بأثرٍ فوري.



وتم إبلاغ الموظفين في وحدة ميدينهيد في بيركشير بقرار الإغلاق عن طريق البريد الإلكتروني، وقد ذرف مرضى سابقون كانوا قد شكلوا مجموعة ضغط ضد المستشفى "دموع الفرح" لدى تلقيهم النبأ.

وسيتم إغلاق المستشفى الذي كان محور مزاعم بوقوع "انتهاكاتٍ منهجية" - كانت قد كشفت عنها "اندبندنت" - بشكل دائم.

يأتي الإغلاق بعد شهورٍ من الضغط المتزايد على المجموعة، وذلك بعدما نشرت "اندبندنت" سلسلة تحقيقات كشفت عن مزاعم بحدوث إساءاتٍ واسعة النطاق تقدم بها أكثر من 50 مريضاً، وادعاءات مختلفة من مبلغين عن مخالفات بأن مستويات التوظيف كانت منخفضة للغاية إلى درجة أن المرضى قد تعرضوا لأذى خطير.

وبعد التقارير التي نشرتها "اندبندنت"، أطلقت وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية البريطانية تحقيقاً على المستوى الوطني حول سلامة جميع الخدمات للمرضى الداخليين للصحة العقلية في إنجلترا.

وتحدثت الدكتورة روزينا ألين خان وزيرة الصحة العقلية في حكومة الظل "العمالية"، "عن إخفاق في حماية سلامة المرضى"، وقالت إن الأسر ما زالت تبحث عن إجاباتٍ بعد المزاعم الفظيعة عن سوء المعاملة المتبعة في مستشفى ’تابلو مانور‘".

وأضافت أن "الحكومة ما زالت متقاعسة في وضع حد لإساءة المعاملة في مرافق الصحة العقلية" وأنه "يتعين إدراج المرضى وأسَرهم ضمن التحقيق الوطني في خدمات المرضى الداخليين".

وفي تعليقٍ على خبر الإغلاق، رأت وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية البريطانية أن مرضى الصحة العقلية يستحقون رعايةً عالية الجودة، وأشارت إلى أنها تتوخى من هيئة "الخدمات الصحية الوطنية" أن تأخذ ذلك في الاعتبار، عند تحويل مرضى إلى أي مستشفى يُجرى الاعتماد على خدماته.

وكشفت التحقيقات التي أجرتها صحيفة "اندبندنت" بشراكةٍ مع محطة "سكاي نيوز"، عن ادعاءاتٍ مفادها أن المرضى "عوملوا كالحيوانات"، وتعرضوا لإفراطٍ في العلاج، ولإصاباتٍ أثناء محاولة تقييد حركتهم في المستشفيات التي كانت تملكها سابقاً "مجموعة هانتركومب" Huntercombe Group والمملوكة الآن من مجموعة "أكتيف كير".

ويخضع "مستشفى تابلو مانور" لتحقيق تجريه الشرطة، فيما يتعرض لملاحقةٍ جنائية تقوم بها "لجنة مراقبة جودة الرعاية" Care Quality Commission (CQC)، بعد وفاة فتاة تبلغ من العمر 14 سنة، كما يخضع لتحقيقٍ آخر تقوم به الشرطة في اغتصابٍ مزعوم لطفلة تورط فيه موظفان.

وكانت "مجموعة أكتيف كير" قد أغلقت خدمة الأطفال في "مستشفى تابلو مانور" في مارس (آذار) من السنة الجارية، لكن بعد نحو شهرين تم الإعلان عن معاودة فتحه للبالغين.

وجاء في رسالة البريد الإلكتروني التي تلقاها الموظفون، أن المجموعة قد تحولت عن قرارها إعادة فتح المستشفى بسبب "نقص في إقبال المرضى"، ما جعل هذا المرفق الصحي "غير قابل للاستمرار من الناحية المالية". وأضافت الرسالة التي بعثت بها المجموعة هذا الأسبوع واطلعت عليها صحيفة "اندبندنت"، أن "تابلو مانور" سيغلق "بالكامل وبأثرٍ فوري"، ولا توجد خطط لإعادة فتح الموقع.

يأتي ذلك بعد استقالة سيلفيا تانغ الرئيسة التنفيذية السابقة لـ "مجموعة أكتيف كير" من منصبها في يونيو (حزيران) الفائت، وحلول كيث براونر مكانها.

مجموعة الحملات "فيرست دو نو هارم" First Do No Harm التي تضم أكثر من 100 مريض سابق دخلوا إلى مستشفيات "مجموعة هانتركومب" وأفراد عائلاتهم - أعربت عن "ارتياحها الشديد لإغلاق ’تابلو مانور‘ أبوابه أخيراً ولمرةٍ نهائية". وقالت: "نحن ممتنون جداً لجميع أولئك الذين دعموا حملتنا حتى الآن".

وأضافت أن "مجرد معرفة أن المكان الذي عانينا فيه من الصدمة، لا يزال قيد التشغيل، وإمكانية إعادة قبولنا كمرضى بالغين فيه، شكلا تهديداً حقيقياً وضائقةً كبيرة لنا".

وقالت المجموعة: "لدى ورود هذا الخبر ستُذرف بلا شك دموع الفرح التي ستكون ممزوجة بالحزن على الألم والخسارة التي تحملناها، والتي ستستمر في التأثير علينا في حياتنا اليومية لسنوات مقبلة. نحن الآن في حاجة للسعي إلى تحقيق العدالة وتقديم الدعم لمن يحتاجون إليه".

يُشار إلى أن التحقيقات التي أجرتها "اندبندنت" حركت نحو 30 دعوى إهمال سريري جديدة، ضد مستشفيات "مجموعة هانتر كومب"، تقدم بها مرضى سابقون يقوم بتمثيلهم فيها مكتب المحاماة "هاتشون لو" Hutcheon Law.

مع إغلاق "تابلو مانور"، سيكون "مستشفى أيفيتسي بانك" Ivetsey Bank في ستافورد، الخدمة الوحيدة المتبقية لعلاج الصحة النفسية للأطفال التابعة لـ "مجموعة أكتيف كير". ومع ذلك، فقد واجهت هذه الوحدة أيضاً مزاعم بارتكاب "انتهاكات منهجية"، وهناك تحقيق مستمرٌ للشرطة في اعتداء جنسي مزعوم على مريضة شابة. إضافةً إلى ذلك، حصل المستشفى على تصنيفٍ "غير مناسب" من جانب "لجنة مراقبة جودة الرعاية".

وعلى رغم توقف قادة "أن أتش أس" في ميدينهيد عن تحويل الأطفال إلى مستشفى "تابلو مانور"، يواصل مفوضو الهيئة في بيرمنغهام استخدام "مستشفى أيفيتسي بانك".

وتقول ناتالي غرايسن المسؤولة على المستوى الوطني في نقابة "جي أم بي" GMB (نقابة عمالية تضم أكثر من 460 ألف عضو يعملون في جميع القطاعات منها مرافق الرعايتين الصحية والاجتماعية) التي تمثل موظفي "مستشفى تابلو مانور"، إن هذا الأخير "يشكل مثالاً صارخاً على فشل نظام الرعاية الراهن، في وقتٍ سُمح فيه للإساءة المنهجية للمرضى في مجموعة ’أكتيف كير‘، والمعاملة القاسية للقوى العاملة المهاجرة (لديها)، بالاستمرار من دون وازع أو رادع".

وأفادت لارا جونسون ممثلة نقابة "جي أم بي" التي عملت مع الموظفين الراهنين أن "النقابة تشعر بالفخر لدعم الموظفين الذين حُرموا من فرصة تغيير مسار الضرر الناجم عن الفشل في توفير ما يكفي من موارد وموظفين في مستشفى ’تابلو مانور‘، منذ أن مولت "إدارة مونترو كابيتال‘ Montreux Capital Management دمج مجموعة ’أكتيف كير‘ مع ’مجموعة هانتركومب‘".

وقال متحدثٌ باسم "مجموعة أكتيف كير" إن المؤسسة "اتخذت قراراً صعباً بإغلاق مستشفى ’تابلو مانور‘ التابع لها بسبب تغيير في الاتجاه الاستراتيجي".

وأضاف: "نود أن نشكر موظفينا المتفانين على ما قدموه من رعاية ودعم للمرضى في ’تابلو مانور‘ على مر السنين. إن المجموعة تجري الآن سلسلةً من المشاورات مع موظفيها، وستبذل ما في وسعها لضمان الاحتفاظ بالعناصر المتضررين ضمن الشركة حيثما أمكن ذلك".

وأشار أخيراً إلى أن مجموعة "أكتيف كير" حرصت على المساعدة في نقل أو إخراج جميع مرضى "مستشفى تابلو مانور" بشكلٍ آمن.