إرم نيوز + صحيفة يِسرائيل هيوم العبرية


أصبح بيان الناطق العسكري الإسرائيلي، الذي يسوقه كل صباح، وبعد الظهيرة، ويدلي خلاله بأسماء الضباط والجنود الذين انضموا لعشرات القتلى الإسرائيليين في غزة، روتينًا يوميًّا يعرفه الإسرائيليون، حسبما أفادت صحيفة "يِسرائيل هيوم" في تقرير لها اليوم الثلاثاء.

الصحيفة استدلت بأرقام القتلى من صفوف الجيش لتقول بيقين أن الحرب في قطاع غزة "أكثر تعقيدًا حتى من حرب لبنان الثانية في عام 2006 بين الجيش الإسرائيلي وبين ميليشيا حزب الله".

الأسماء التي يرد ذكرها في بيان الناطق العسكري، هي أسماء الضباط والجنود الذين تواصل الجيش مع عائلاتهم بالفعل قبل نشرها، ليبلغهم بأن أبنائهم قُتلوا، ما يعني أن باقي العائلات التي يخدم أبناؤها في غزة يعيشون على وقع هواجس اتصال هاتفي، قد يصلهم في السادسة صباحًا أو في الظهيرة لينقل لهم الخبر؛ ما يعني أنهم أصبحوا مرضى الخوف من المكالمات الهاتفية "رهاب الهاتف" بشكل محتمل.


ووفق "يِسرائيل هيوم" يعد يوم أمس الاثنين، نموذجًا واحدًا على هذا المشهد، ففي الصباح وردت أنباء تحمل أربعة أسماء لضباط قتِلوا في غزة، وفي الظهيرة نشرت أسماء 3 ضباط، ومن ثم هناك 7 مقاتلين سقطوا في يوم واحد، ليصبح العدد 100 انضموا إلى قائمة القتلى منذ بدء العملية البرية.

وتجدر الإشارة إلى أن الأرقام الواردة تأتي بناء على الرواية الإسرائيلية وما هو مسموح بنشره في إسرائيل، في وقت يوفر فيه التدقيق في التطورات، ومشاهد دفن القتلى من الجنود والضباط، انطباعات بأن الأعداد ربما أكبر، وفق قول الصحيفة.

الصحيفة رصدت بُعدًا آخر للأزمة التي يعيشها الإسرائيليون، ففي الأوقات العادية ومن دون حرب، لو مات جندي واحد تُنشر بياناته وسيرة حياته في الصحف ويحظى بتكريم كبير، أما الآن فالأسماء تتغير يوميًّا، ولم يعد بالإمكان معرفة من قُتل اليوم أو بالأمس، ومن سيُقتل لاحقًا، وتداخلت التفاصيل مع بعضها البعض.

وذكرت الصحيفة على لسان محللها يوآف لِيمور، أن أعداد القتلى الإسرائيليين تؤشر على طبيعة الحرب، وكيف أن تلك الأرقام كبيرة مقارنة بأيّ حرب أخرى خاضها الجيش منذ حرب لبنان الثانية، كما إنها أكثر تعقيدًا من تلك الحرب.

وتابع إن الحرب الحالية تحمل العديد من الدروس، بعضها إيجابي، مثل نجاح الدمج بين القوات المدرعة المدججة بالمعدات وقوة النيران ودقتها من كل مصادر الإطلاق، مع المنظومة الاستخبارية النوعية.

وأردف أن حقيقة عدم تسرع ميليشيا حزب الله في جنوب لبنان للدخول للحرب، ينبع من أنها تتجنب تعريض لبنان إلى كارثة، فضلًا عن المشاهد التي تراها في غزة، زاعمًا أن المنظمة اللبنانية "ترى أمامها جيشًا غير متردد بل قوات واثقة".

لكن المحلل وجد دروسًا سلبية، ربما تناقض ما تحدث عنه من استخبارات نوعية، من بينها تكرار حوادث النيران الصديقة، والتي وقعت أحيانًا من مسافات قصيرة جدًّا أو صعوبات في تحديد هوية الهدف، "ولو وُضع بالاعتبار أن العمليات تسير ببطء، لكان يتعين أن تكون تلك الحالات أقل بكثير"، على حد قوله.

وحذر أيضًا من اكتشاف عجز مقلق في كميات المعدات والأدوات القتالية، ودعا إلى التحقيق في تلك الزاوية، إذ تنم عن تقديرات ربما لا تتفق مع المنطق.

وخلص إلى أن الحرب البرية "تحمل ثمنًا فادحًا، على رأسها أعداد القتلى، والذين من بينهم قادة ميدانيون كُثُر، إضافة إلى ضباط احتياط، ومن ثم يجري الحديث هنا عن حتمية إعادة تقييم موقف القوات الاحتياطية قبل الدفع بهم إلى الحرب، لأنهم في حاجة إلى المزيد من التدريبات"، على حد تقديره.

وأوضح أن القصف الجوي لا يحسم معركة، وأن استمرار العمليات البرية في الشمال يأتي من أجل تسهيل عمل الجنود في المهمات المستقبلية في المناطق الشمالية من القطاع، على أمل أن يأتي اليوم الذي تستطيع فيه قوات مدرعة العمل بحُرية في كل نقطة شمال وادي غزة.

وختم بأن مشكلة الجيش الإسرائيلي في الجنوب تبقى قائمة، وحتى ولو استكمل المهمة في خانيونس، ستبقى رفح التي تضم مخيمات لاجئين كثيرة، لسكان وصلوا من وسط القطاع، ومن ثم رأى أنه "لا يمكن الحسم ضد حماس سوى بالتعامل مع تلك المنطقة".