يقبع الطابور الخامس خلف شاشات وأجهزة الكمبيوتر في أي دول حول العالم ليؤدي مهامه المناطة إليه في نشر الشائعات لتحقيق الفوضى في الدول

- - - - - - - -- - - - - -- - - - - - -- - - -

تحديث المصطلحات في زمن التكنولوجيا

بقلم/ د. لولوة بودلامة

وقفت لوهلة وأنا أراجع التعريف الاصطلاحي لمفهوم "الطابور الخامس" الذي ظهر أثناء الحرب الأهلية الإسبانية عام 1936، والذي يعرف الطابور الخامس بأنه "مجموعة مدربة يقيمون في إحدى الدولتين المتضادتين، وينشرون الشائعات بين أوساط الشعب ويبثون الروح الانهزامية ويقومون بأعمال التجسس، لتحقيق أهداف الدولة المعادية"

وما أن قرأت هذا التعريف حتى دار في بالي تساؤل مفاده هو هل مازال هذا التعريف قابل لتداوله في زمن التكنلوجيا ؟؟

هل مازال الطابور الخامس يعيش في دولتين متضادتين، أم أصبح بإمكانهم أن يكونوا في أي مكان في العالم ليبثوا الشائعات بين أوساط الشعوب ويبثون الروح الانهزامية؟؟!!

أيقوم الطابور الخامس حالياً بدوره "الخسيس" من أجل أهداف دولة معادية فقط، أو مجموعة دول وأحزاب وتكتلات؟؟

في زمن كالذي نعيشه حالياً أصبح "للتغريدة" أثر يشبه أثر القنبلة النووية، بات من الواجب والضروري أن نعيد كتابة المصطلحات وتطويرها للتناسب مع الواقع الذي نعيشه.

فالطابور الخامس اليوم ليس كما هو قبل سنوات، حيث لا يقبع "الطابور الخامس" كما ذكر التعريف في أحد الدولتين المتضادتين، بل يقبع الطابور الخامس خلف شاشات وأجهزة الكمبيوتر في أي دول حول العالم ليؤدي مهامه المناطة إليه في نشر الشائعات لتحقيق الفوضى في الدول.

والغريب في هذا الموضوع كما أشرت في مقالات السابقة هو ما أطلقت عليه "الطابور السادس" وهو ببساطة ذلك الطابور الذي يخدم العدو دون قصد، إما نتيجة الجهل، أو عدم إدراك معالم «الرسالة» - الهوية، والوظيفة، والهدف، أو بسبب الانبهار بالآخر. هذا الطابور الذي يعتقد أن ما يقوم به هو في سبيل إصلاح الوضع الراهن، وأنه يساهم في عملية النماء والبناء، ولكنه للأسف فهو يقوم بعكس ذلك -دون قصد منه- يقوم مثلاً بنشر أخبار أو آراء وهو يعتقد أن رأيه سيزيد من نماء ورفعة المجتمع، ولكنه للأسف يقوم بعكس ذلك حرفياً، حيث يتسبب في زيادة اللغط حول ما نشره، أو يتسبب في تكوين رأي عام «سلبي» من وراء شائعة طائشة، وقد يتسبب بسبب «جهله» في الإخلال بالأمن الوطني.

المثير في موضوع «الطابور السادس» أنه يشكل خطراً مجتمعياً لا يقل عن «الطابور الخامس»، وقد يستخدم عملاء الطابور «الخامس» أفراد الطابور «السادس» ويستغلونهم لنشر أفكارهم والترويج لها، كأن يقوم الطابور «الخامس» بترويج شائعة، يتناقلها دون قصد «الطابور السادس» كبعض الأخبار التي نسمعها يوميا وتؤثر في سير حياتنا اليومية وتؤثر على عامل "الثقة" بيننا وبين حكومتنا الموقرة.

وفي رأيي المتواضع بأنه بات من الضروري إعادة كتابة المفاهيم والمصطلحات بسبب تغير ظروف الزمان والمكان والمؤثرات مع تغير التكنولوجيا الذي أصبح من أهم متغيرات الزمن الراهن.