ها قد اقترب فبراير، هذا الشهر المميز في ذاكرة كل بحريني، هذا الشهر الذي برهن فيه شعب البحرين على التفافه حول جلالة الملك المفدى والحكومة والدولة، حيث توافدت الحشود الشعبية في هذا الشهر من عام 2001 لكي تؤكد بأغلبية ساحقة موافقتها على إقرار «ميثاق العمل الوطني»، هذه الوثيقة التي أحدثت فروقاً هائلة في وطننا الغالي على مختلف الأصعدة.

98.4 % كانت نسبة الإجماع على هذه الوثيقة الوطنية التي أحدثت فارقاً في تاريخ البحرين الحديث، ولن يستشعر الكلام الذي أقوله إلا من يض ع هذه الوثيقة تحت المجهر في دراسة علمية رصينة ويوضح ما أحدثته في عدد من المجالات. أو يقرأ بتمعن ما أفرزه هذا الميثاق الوطني.

فلو تحدثنا على سبيل المثال لا الحصر عن مبدأ الفصل بين السلطات الذي يعتبر أحد أهم الضمانات لقيام فكرة الدولة القانونية، حيث منح ميثاق العمل الوطني كل سلطة وسائل وأدوات وقنوات من أجل مراقبة أعمال السلطة الأخرى والتعاون فيما بينها، حيث يعتبر هذا المبدأ من الركائز الأساسية لضمان تفعيل وظائف الدولة واحترام القوانين وإنفاذها.

ولو تحدثنا عن استحداث «المحكمة الدستورية» التي تعد أحد مفرزات مشروع ميثاق العمل الوطني والتي تختص بالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين واللوائح، لاستوعبنا روعة هذا الميثاق في الجانب التشريعي والحقوقي ولعلي هنا أقف لأستشهد بما ذكره حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، في كلمته السامية بمناسبة افتتاح المحكمة الدستورية، حيث قال حفظه الله «كما هو معلوم فإن العديد من الدول لديها مجالس دستورية لتقديم المشورة بشأن دستورية قوانينها وقراراتها. لكننا في البحرين ذهبنا إلى أبعد من ذلك لحماية الحقوق الأساسية للمواطنين حيث يحق لكل فرد منهم الاعتراض لدى المحكمة الدستورية على أي قانون يراه غير دستوري بما يمنح المواطن الصلاحية الكاملة لحماية حقوقه كفرد حسب الإجراءات القانونية، ويكون حكم المحكمة بهذا الشأن ملزماً لكافة السلطات».

وبهذا فإن ميثاق العمل الوطني وعن طريق استحداث المحكمة الدستورية ضمن لكل «مواطن» حق الاعتراض على أي قانون يراه غير دستوري!! فما أروع هذه الوثيقة التي منحتنا هذا الحق.

ناهيكم عن العديد من الحقوق التي سأذكرها تباعاً خلال هذا الشهر الوطني المميز.

* رأيي المتواضع:

في أحيان كثيرة ننسى النعم، ليس بدواعي النكران أو الجحود، بل بداعي تعودنا على وجود هذه النعم وانغماسنا فيها. نعم كثيرة تحيط بنا تستوجب أن نستشعرها، ونستذكرها، فقلد منحنا ميثاقنا الوطني مكاسب رائعة، تستحق منا الإشارة لها بتوضيحها، والوقوف عندها بالشرح والتوضيح، وتبيان تأثيرها على الوطن والمواطن.