حسن الستري

أوصت لجنة شؤون الشباب بمجلس الشورى بجواز نظر الاقتراح بقانون بشأن "الحد من استهلاك مشروبات الطاقة"، ويحظر بيعها لمن دون 18 عاماً، على الرغم من تحفظ وزارتي الصحة والصناعة والتجارة والسياحة عليه.

ويهدف الاقتراح بقانون، في ضوء مذكرته الإيضاحية، إلى تحقيق رعاية النشء والشباب وحمايتهم ووقايتهم، وحفظ الصحة العامة لكل فئات المجتمع بتحقيق المنافع الصحية والاجتماعية، والتخلي عن العادات الضارة التي تؤثر على الصحة، ويكون ذلك بالحد من انتشار استهلاك مشروبات الطاقة نظراً لما تساهم به من الإصابة بعدد من الأمراض، لما تحتويه من نسب عالية من السكر والكافيين وغيرها من المواد غير الصحية، مما يستدعي العمل على وضع الأحكام المناسبة للحد من استهلاك هذه المشروبات.



من جهتها، بينت وزارة الصحة بين أن القانون رقم (34) لسنة 2018 بإصدار قانون الصحة العامة الذي صدر مؤخراً تناول مسألة الحد من استهلاك مشروبات الطاقة، وأن الوزارة حالياً بصدد إصدار القرارات التنفيذية للقانون وسيتم تضمين ما ورد في الاقتراح من خلال هذه القرارات. ومن ناحية أخرى ترى الوزارة أن تخصيص قانون منفصل ينظم موضوع الحد من استهلاك مشروبات الطاقة فقط مع وجود أغذية أخرى ضارة بالصحة مدعاة لاقتراح العديد من التشريعات لتنظيم المواد المضرة بالصحة، وهو ما لا يستقيم وحسن العملية التشريعية في أي مجتمع.

وعليه ترى الوزارة إرجاء النظر في الاقتراح بقانون لحين إصدار القرارات التنفيذية للقانون المشار إليه، علمًا بأن هذا الرد غير نهائي، وأن الرد النهائي سيتضمن في مذكرة رد الحكومة حول الاقتراح بقانون.

من جانبهم، بين ممثلو وزارة الصناعة والتجارة والسياحة، أن اللجنة الوطنية للمواصفات والمقاييس برئاسة الوزير هي الجهة المعنية باعتماد المواصفات واللوائح الفنية ومنها المتعلقة بقطاع الأغذية والزراعة، ولما كانت مشروبات الطاقة ضمن تلك الحزمة التي تصدر بشأنها لوائح فنية ملزمة، فقد اعتمدت اللجنة الوطنية للمواصفات والمقاييس اللائحة الفنية الخليجية التالية والصادرة عن هيئة التقييس لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية: (اشتراطات تداول مشروبات الطاقة رقم: GSO FDS 1926:2009) والتي تم اعتمادها وطنيًا بقرار من سعادة وزير الصناعة والتجارة والسياحة الموقر رئيس اللجنة رقم 107 لسنة 2010، كما أن هناك لائحة فنية خليجية محدثة لمشروبات الطاقة (GSO FDS 1926: 2015) وهي في طور الاعتماد.

وذكرت أن أي مواصفة أو لائحة فنية قبل اعتمادها وطنياً يتوجب على مملكة البحرين الإخطار عنها إلى منظمة التجارة العالمية بحسب اتفاقية المعوقات الفنية أمام التجارة واتفاقية تدابير الصحة والصحة النباتية بالمنظمة، وتأخذ فترة زمنية مدتها ستون يومًا منذ تاريخ تقديم الإخطار لاستلام أية ملاحظات عليها من قبل الدول الأعضاء في المنظمة، وعند اعتمادها من قبل اللجنة الوطنية للمواصفات والمقاييس تكون هناك مهلة مدتها ستة أشهر لدخولها حيز النفاذ.

ولما كانت اللائحة الفنية المذكورة أعلاه واللائحة الفنية الخليجية المحدثة (GSO FDS 1926:2015) تغطيان جانباً كبيراً من المواد المنصوص عليها في الاقتراح بقانون، فإن وزارة الصناعة والتجارة والسياحة ترى بأنه لا توجد حاجة لإصدار هذا القانون.

من جانب آخر، أيدت لجنة الخدمات الشوري الاقتراح بقانون، مشيرة إلى أنه يسد الفراغ التشريعي بتنظيم عملية تصنيع واستيراد وتداول منتجات مشروبات الطاقة، ويحظر المنتجات والمشروبات غير المتوافقة منها للمواصفات القياسية المعتمدة من قبل الجهات المختصة.

ولفتت إلى أن الاقتراح بقانون يساعد في وقف انتشار مشروبات الطاقة بين أوساط الناس، وفئة الشباب بشكل خاص، خصوصاً في ظل التحذيرات الطبية بشأن أضرارها المتعددة.

وبينت أن الاقتراح بقانون يؤدي إلى نشر الوعي لدى الجميع بماهية مشروبات الطاقة، ويصحح المفاهيم الخاطئة لديهم.

ونوهت اللجنة أنه نتيجة لتكرار حالات الوفيات في عدة دول لأسباب ترتبط بهذه المشروبات، فقد أصدرت عدد من الدول قرارات تحظر من خلالها الترويج لمشروبات الطاقة أو بيعها، كالمملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ودولة الكويت، وهو ما يؤيد اتخاذ إجراءات مشابهة في مملكة البحرين، وذلك للحفاظ على صحة المواطنين والمقيمين، وذلك بما يتسق مع الفقرة (أ) من المادة الثامنة من الدستور، والتي تنص على أن "لكل مواطن الحق في الرعاية الصحية، وتعنى الدولة بالصحة العامة، وتكفل وسائل الوقاية والعلاج بإنشاء مختلف أنواع المستشفيات والمؤسسات الصحية".

ويتألف الاقتراح بقانون -فضلاً عن الديباجة- من (11) مادة، تضمنت المادة (1) تعاريف للمصطلحات الواردة بالاقتراح بقانون، حيث عرفت الوزير بأنه الوزير المعني بشؤون الصحة، كما عرفت مشروبات الطاقة، بأنها أية مشروبات يتم تسويقها أو بيعها على أنها مشروبات للطاقة، وتشمل على سبيل المثال المشروبات التي تحتوي على الكافيين والتورين والجنسينج والجوارانا، وأية مواد لها تأثير مطابق أو مشابه للمواد المذكورة. كذلك وعرفت المادة (1) المقصود بالدعاية أو الترويج أو الإعلان، وهو التعريف بمنتجات مشروبات الطاقة بما يؤدي إلى تشجيع استخدامها والاتجار فيها والسعي إلى زيادة عدد المستهلكين لها، عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، ووسائل تقنية المعلومات، وأدوات التواصل الاجتماعي سواء بطريق مباشر أو غير مباشر.

ونصت المادة (2) على حظر تصنيع أو استيراد أو تداول منتجات مشروبات الطاقة غير المتوافقة مع المواصفات القياسية المعتمدة. وقد حظرت المادة (3) بيعها لمن هو دون سن الثامنة عشرة، وألزمت بائعيها بوضع عبارة واضحة في مكان بارز تبين حظر بيعها لمن هو دون هذه السن.

في حين حظرت المادة (4) توزيع منتجات مشروبات الطاقة مجاناً. وحظرت المادة (5) بيعها في المطاعم والمقاصف في المؤسسات التعليمية والصحية. كما وقررت المادة (6) حظر الدعاية عن منتجات مشروبات الطاقة في جميع الأماكن العامة وبكافة الوسائل. وألزمت المادة (7) مصنعيها ومستورديها وموزعيها بوضع نص تحذيري عليها يحذر من آثارها الضارة على الإنسان. وتعّرضت المادة (8) للضبطية القضائية من حيث سلطة منحها، والموظفين الممنوحة لهم. في حين جاءت المادة (9) عقابية، فنصت على عقوبة الغرامة لكل من يخالف أحكام المواد (7،6،4) وتشديدها على كل من يخالف أحكام المواد (5،3،2) من نصوص القانون المقترح، ويجوز للمحكمة أن تحكم بإغلاق المحل المخالف لأحكام القانون، كما يجوز لها أن تحكم بمصادرة المنتجات المستخدمة في ارتكاب المخالفة. وأناطت المادة (10) بالوزير المعني بشؤون الصحة إصدار القرارات اللازمة لتنفيذ هذا القانون. فيما جاءت المادة (11) تنفيذية.

ورأت اللجنة أن الاقتراح بقانون يأتي تفعيلاً لما نصت عليه المادة (5) من دستور المملكة، والتي تنص على أن يتولى القانون رعاية النشء وحمايته من الاستغلال ووقايته من الإهمال الأدبي والجسماني والروحي، كما وتعنى الدولة بنمو الشباب البدني والخلقي والعقلي. كذلك ويأتي تحقيقاً لما توليه الدولة من رعاية بالصحة، وما تكفله من وسائل للوقاية من مختلف الأمراض.

ويعمل الاقتراح بقانون "بحسب اللجنة" على الحد من انتشار استهلاك مشروبات الطاقة التي أثبتت الدراسات مدى آثارها الضارة على صحة الأفراد بشكل عام، وعلى النشء والأطفال بشكل خاص، حيث تساهم هذه المشروبات في الإصابة بعدد من الأمراض، ومنها السكر والقلب وارتفاع ضغط الدم. حيث تُبين هذه الدراسات مدى التأثير السلبي لمشروبات الطاقة، باعتبارها مشروبات مُنبهة في حقيقتها، وما لها من ضرر صحي على أجهزة الجسم المختلفة، كالجهاز العصبي والهضمي والدورة الدموية، نتيجة لارتفاع نسبة العناصر الضارة المكونة لها، بالإضافة إلى ما قد تؤدي إليه من حالة الإدمان، إذا ما تم استهلاكها بصورة كبيرة، أو إذا ما تم خلطها مع مواد أخرى. الأمر الذي يتطلب تدخل المشرع لوضع الأحكام المناسبة للحد من استهلاك هذه المشروبات، بهدف المحافظة على صحة الأفراد والتشجيع على التخلي عن العادات الصحية الضارة.

ورأت اللجنة أن زيادة الإقبال على استهلاك مشروبات الطاقة من قبل فئة الناشئة والشباب، وهم الفئة المستهدفة من حملات الدعاية والإعلان، نظراً لما يتم تسويقه من أنها منتجات تمد الجسم بالقوة والطاقة والحيوية والنشاط والتركيز الذهني، يتطلب ذلك أهمية التعامل مع هذه المنتجات بما يكفل تنظيم بيعها وتوزيعها والترويج لها، وفقاً لضوابط قانونية تُساهم في الحد من انتشارها لدى هذه الشرائح العمرية المستهدفة منها.

وتؤكد اللجنة على الابتعاد عن استهلاك المنتجات الضارة، وأهمية اتباع الأنظمة الغذائية الصحية، وممارسة التمارين الرياضية المناسبة، من أجل الحصول على الطاقة بصورة آمنة وصحية. وهو ما يتطلب تكاثف الجهود لرفع الوعي تجاه المنتجات والسلوكيات المختلفة، وتمييز ما هو مفيد وصحي وما هو ضار وسلبي، عبر إجراء الدراسات العلمية الموثقة ونشرها والتوعية بها بمختلف الوسائل ولجميع فئات المجتمع.

وتوافقت اللجنة مع مقدمي الاقتراح على إجراء بعض التعديلات، بحيث تتم إضافة قانون التعليم وقانون الجمعيات والأندية وقانون الصحة العامة الجديد، إلى ديباجة الاقتراح بقانون. كذلك تعديل تعريف مشروبات الطاقة بما يتوافق مع التعريف الوارد في اللائحة التنفيذية لقانون الضريبة الانتقائية بحيث يكون تعريف مشروبات الطاقة هي "أية مشروبات يتم تسويقها أو بيعها على أنها مشروبات للطاقة قد تحتوي على مواد منبهة أو تمنح التحفيز العقلي أو البدني، وتشمل على سبيل المثال المشروبات التي تحتوي على الكافيين والتورين والجنسينج والجوارانا، وأية مواد لها تأثير مطابق أو مشابه للمواد المذكورة". بالإضافة إلى استبدال عبارة "اللوائح الفنية" بعبارة "المواصفات القياسية" الواردة في المادة (2) وذلك على اعتبار أن اللوائح الفنية هي وثيقة إلزامية تحدد خصائص المنتجات والعمليات المرتبطة بها وطرق إنتاجها، بحسب قانون المواصفات والمقاييس، بخلاف المواصفات القياسية، والتي لا يكون التقيد بها إلزامياً.