أكره الحديث في السياسة كرهي لإبليس الرجيم، وأحاول تجنبها بقدر المستطاع، لا سيما في هذا الوقت، حيث ما إن تبدأ بالكلام في أي موضوع إلا وترى الكلام يأخذ منحى آخر تطغى عليه الصبغة السياسية لدرجة تشعرني أحياناً بأن الجميع بات محللاً سياسياً له وجهة نظر مستندة على أحد المبادئ السياسية المعروفة.

وعلى الرغم من أنني شاركت في الحصول على دبلوم في التنمية السياسية والذي كان يقدمه معهد البحرين للتنمية السياسية في وقت سابق، إلا أننى أنأى بنفسي عن التحليل السياسي المتعمق، كما أبعد نفسي عن صبغ كل المشاهد بلون سياسي.

في الأمس كنت أتحدث مع أخي الصغير وهو حاصل على بكالوريوس علوم سياسية عن أحقيتهم بالتحليل السياسي من غيرهم من هؤلاء الذين يكررون كلامهم وديباجتهم كل مرة وينعتون أنفسهم بالمحللين السياسيين، ويبتعدون كل البعد عن التحليل السياسي المستند إلى حقائق وبراهين، مما يضعف كلامهم ومواقفهم. فضحك وقال «السياسة كمفهوم هو فن وتنظيم.. وليس كلاماً فارغاً لا يستند إلى مراجع».

أصبح الكثير ممن حولنا محللين سياسيين، يقرؤون المشهد السياسي ويدلون بآرائهم وتوقعاتهم، وهم في حقيقة الأمر بالونات فارغة.. وأبواق مزعجة. ليس هذا وحسب بل إنهم تخطوا هذا الواقع الأليم لتصبح عندهم القدرة على وصم كل موقف بختم سياسي، وأصبحوا يتحدثون عن كل شيء ويدرجونه ضمن السياسة.

وعلى الرغم من أن المعنى الاصطلاحي للسياسة هو رعاية كافة شؤون الدولة الداخلية، وكافة شؤونها الخارجية، وتعرف أيضاً بأنها سياسة تقوم على توزيع النفوذ والقوة ضمن حدود مجتمع ما، كما وتعرف بأنها العلاقة بين الحكام والمحكومين في الدولة، وعرفت أيضاً بأنها طرق وإجراءات مؤدية إلى اتخاذ قرارات من أجل المجتمعات والمجموعات البشرية، وقد عرفها آخرون بأنها عبارة عن دراسة السلطة التي تقوم بتحديد المصادر المحدودة، وعرفها بعض الخبراء بأنها عبارة عن دراسة تقسيم الموارد الموجودة في المجتمع عن طريق السلطة، إلا أننا بتنا نجهل المعنى الفعلي للسياسة فأصبحت كل الأمور سياسية.. ويا ليتها سياسة نقية ونظيفة ومستندة إلى نظريات علمية. ولكنها للأسف سياسة قذرة تسعى إلى التفريق بين مكونات الشعب، أو إضعاف الثقة السياسية في مؤسسات الدول.

كل شيء أصبح يندرج تحت «السياسة»، فما إن يحدث أمر ما اجتماعياً أو فنياً أو رياضياً حتى يتم تسييسه من أجل إثارة البلبلة وخلق الفتن.. وينشط هؤلاء «المحللون» ليطلوا علينا عبر حساباتهم الإلكترونية أو بعض القنوات الفضائية ويبدؤوا بالفلسفة السياسية وخلط الأوراق ببعضها البعض.

* رأيي المتواضع:

هناك جماعات همها أن نفترق، أن نتمزق، أن نضعف وتخور قوانا، هناك جماعات همها أن نتفرق، ونتشتت، ويشكك كل منا في الآخر، هناك جماعات تتغذى على إثارة الخلافات عن طريق تسييس بعض الملفات، لكي نتنازع، ونتناحر ولكي نترك التقدم والنماء ونعيش في وهم صنعوه لنا، وهم اسمه «الاختلاف».. متناسين أن ما يجمعنا أكبر من هذا الوهم.

نحن جميعاً أبناء هذه الأرض الطيبة إخوة متحابون يجمعنا حب هذا الوطن الغالي ونحمل هدفاً واحداً هو رفع اسم هذا الوطن عالياً..

لا يهم من يصنع الإنجاز والهدف.. بقدر ما يهم أن من فعل هذا الفعل الإيجابي «بحريني».. فلنركز على هدفنا ولا نمنح أي أحد فرصة العبث بعقولنا والتأثير على وحدتنا.. ولننطلق من مبدأ المواطنة وواجبها الذي يلزمنا بإعلاء راية الوطن.. ولنجتمع تحت رايته الحاضنة لنا كلنا دونما استثناء.