إن التجارة الإلكترونية شهدت طفرة كبيرة في الألفية الثالثة، وأصبحت الحصان الرابح بعد انتشار وباء كورونا (كوفيد19)، وقد حالف التوفيق المشاريع التي استطاعت أن تنمي ارتباطها أكثر بالشبكة العنكبوتية، أما الشركات التي لم تكن قد استخدمت الإنترنت في الترويج لمنتجاتها، أصبح لزاماً عليها أن تغير سياستها التسويقية، لتجد لها سبيلاً حتى لا تصل إلى مرحلة الإفلاس، فقبل كورونا كانت نسبة نمو التجارة الإلكترونية تقريباً 8٪ سنوياً طبقاً لأرقام مجلس التجارة والتنمية التابع للأمم المتحدة «أونكتاد».

وما ساهم في نمو شركات التسويق الإلكترونية استمرار انتشار فيروس كورونا (كوفيد19)، وما ترتب عليه من إجراءات احترازية ووقائية ودعوات إلى التباعد الاجتماعي فاتجه الناس إلى التسوق إلكترونياً عبر التطبيقات المختلفة والالتزام بالتباعد خوفاً من كورونا، وهذا ما أكدته الأرباح الهائلة التي حصدتها تلك الشركات الكبرى مثل «أمازون» و«علي بابا»، وحتى أن بعض الشركات المتوسطة والصغيرة التي اتجهت للتسويق الإلكتروني استطاعت أن تلحق بقارب النجاة قبل أن يداهمها الإفلاس.

ولأن شعب البحرين يمتلك الوعي والمقومات للبنية التحتية للشبكة العنكبوتية، فقد ارتبط بمواقع التواصل والتسويق الإلكتروني حتى قبل ظهور الجائحة، فأهل البحرين أحد الشعوب العربية الأكثر ارتباطاً بالتكنولوجيا، والوعي والمعرفة، حتى أن العديد من الشباب لهم حسابات على بعض مواقع التواصل تنافس شركات التسويق المتمرسة، والذي جعل بعض الشركات تلجأ لهؤلاء الشباب من أجل تسويق منتجاتهم. إن استثمار نجاح هؤلاء الشباب وقدراتهم رغم بساطة إمكاناتهم تجعل من الواجب دعمهم، وتبني أفكارهم واستثمارها في افتتاح أسواق للمنتجات الوطنية لتشكل نقلة نوعية لهم والمساهمة في الترويج للمنتجات الوطنية في أسواق جديدة.

إن الخدمات والتطبيقات التي توفرها الحكومة الإلكترونية جعلت حياة الشعب البحريني أسهل، وساهمت في إظهار الوجه الحضاري للبحرين واتخاذها مثالاً يحتذى به في استغلال التكنولوجيا. وكما يوجد استخدام ناجح يوجد بعض المستغلين الذين يحاولون الاحتيال عن طريق الإنترنت، والحمد لله أن حملات التوعية من مؤسسات الدولة والمؤسسات الخاصة مثل البنوك ساهمت في نشر الوعي لتجنب الوقوع في براثن هذه الشبكات.

فالمستقبل القادم خصوصاً بعد الجائحة سيكون للتسويق الإلكتروني، فلم يكن يتخيل أحد أن بعض المنتجات مثل البقالة والخضروات سيكون لها نصيباً في التسويق الإلكتروني، وها هي الأيام تثبت أنه لا يوجد شيء لا يمكن تسويقه عبر الإنترنت، ولكن المسألة تحتاج وقتاً لاستيعاب المستهلك واعتياده على ذلك، وقد جاء هذا الوقت أسرع مما كنا نتخيل.

فلقد ساهمت الجائحة في اختزال وقت الانتشار لكل ما يتعلق بالشبكة العنكبوتية من تسويق وتعليم عن بعد، وغيره من الأمور الحياتية التي لم نكن لنتخيل أن المستقبل الذي نراه في أفلام الخيال العلمي أصبح واقعاً منظوراً، وأن التطور الهائل لاستخدامات الإنترنت يتطور أسرع مما يتخيل حتى للعاملين في هذا المجال، ولذا علينا أن نسارع الخطى حتى نستطيع أن نستثمر إنتاجنا ونسوقه بالشكل الأمثل.