عهدية احمد السيد

شهادات وجرائم مروعة، رواها 1000 سجين وسجينة إيرانيين، عاشوها في ظل سجون نظام الملالي منذ توليه السلطة عام 1979، وكان أحد أبطال هذه الجرائم هو الرئيس الإيراني الحالي، إبراهيم رئيسي، والذين طالبوا بدورهم بمحاكمته على جرائمه السابقة والحالية، بالإضافة إلى المرشد الأعلى للجمهورية علي خامنائي، وغيرهم من المسؤولين في النظام الإيراني.



واستكمالاً لما نشرته صحيفة الوطن، عن مؤتمر عقدته زعيمة المقاومة الإيرانية مريم رجوي، بحضور دولي حاشد، تنفرد الوطن اليوم بنشر شهادات لما حدث داخل السجون الإيرانية.

وروى السجناء السیاسیین من أنصار مجاهدي خلق داخل إيران قصصهم من مذبحة عام 1988 ونقلوا تجربتهم وما شاهدوه وعاشوه كعائلات الضحايا في رسائل الفيديو الخاصة بهم، فيما اضطروا لتغطية وجوههم لتجنب التعرف عليهم من قبل قوات الأمن.

وتجدر الإشارة إلى أنه في صيف عام 1988 تم إعدام أكثر من 30 ألف سجين سياسي، أكثر من 90% منهم من منظمة مجاهدي خلق، بأمر مباشر من خميني، فيما كان الرئيس الإيراني الحالي، ”إبراهيم رئيسي“ عضوًا في اللجنة المكونة من أربعة أعضاء التي أمرت بتنفيذ الإعدام.

مقبرة خافاران

وأرسل أحد السجناء السياسيين من طهران رسالة إلى المؤتمر أثناء وقوفه في مقبرة خافاران، وهي المقبرة التي دفن فيها نظام الملالي سرا آلاف السجناء من الذين أعدمهم في عام 1988 في مقابر جماعية، ولم يعرف عنها أحد منذ سنوات وهي تُعرف الآن بأنها رمز لشهداء مذبحة عام 1988.

وبدون معرفة شواهد أي من القبور، تذهب العائلات إلى هناك لرؤية أماكن دفن أبنائهم، ویتحدث في الفيديو السجین قائلاً: "ها هي مقبرة‌ خاوران، أنا من عائلات شهداء مجزرة عام 1988، لا تزال أبعاد الجريمة التي ارتكبتها النظام في عام 1988 غير مفهومة بالكامل".

وتابع: "وبعد 33 عامًا، ما زلنا غير مدركين لأماكن دفن ابنائنا، وكل ما نعرفه هو أنهم دفنوا في مجموعات مجهولة، وأنا وعائلتي من المدعين والمطالبين بالعدالة لضحايا مجزرة عام 1988، نحن المدعون والمطالبون بالعدالة لدماء أكثر من 30000 ضحية تم إعدامهم، کما نحن المدعون لدماء شهداء نوفمبر 2019".

مقبرة بهشت الزهراء

وفي ذات السياق، صورت إحدى أقارب ضحايا مجزرة عام 1988 قرب مقبرة بهشت الزهراء في طهران، وقالت: "أنا أخت أحد شهداء مجزرة عام 1988 ، كنت أنا في السجن لمدة 5 سنوات، لقد شاهدت استشهاد العديد من أصدقائي الذين تم اصطحابهم معي إلى فرق الإعدام، وأنا هنا اليوم في مقبرة بهشت الزهراء، مقبرة العديد من شهداء مجاهدي خلق، هنا المقبرة الجماعية لضحايا مجزرة شهداء عام 1988، الذين دفنوا هنا بشكل جماعي".

وتابعت: "تم دفن الضحايا في حفر، وبعد سنوات قليلة تم بناء قبور جديدة فوقها وبيعت للناس، هنا وفي هذه الأرض شهداء نائمون اختاروا الثبات على موقفهم مع اختيار اسم رجوي بختم دامائهم الطاهرة"، مختتمة حديثها بقولها: "نحن معكم حتى النهاية".

سجن كتشوئي

وفي تحد آخر، صور أحد ضحايا التعذيب من مدينة فرديس كرج الإيرانية، من أمام سجن كتشوئي، وقال في الفيديو: "أنا من الأسرى المسجونين منذ سنوات طويلة في سجون نظام الملالي الملالي، والآن أتحدث إليكم بالقرب من أحد السجون التي سجنت فيها لفترة طويلة".

وأضاف: "أتذكر شهداء مجاهدي خلق مثل محسن وزين، شهريار، مهران، الأخوة إمامي، علي اوسطي والعديد من الشباب والمراهقين المجاهدين الآخرين الذين وقفوا من أجل قضية حرية إيران ونادوا بصرخة الموت للخميني، وتحيا الحرية، أو سقطوا على الأرض ملطخين بدمائهم".

وقال: "نجا أمثالي للوقوف مع مجاهدي خلق وأسر الشهداء المكلومة ولكي نطالب بالعدالة لشهداء مجزرة عام 1988 وصولاً إلى شهداء نوفمبر 2019، ونقدم الشهادات بهذا الخصوص، وللمطالبة أيضاً بمحاكمة الجلاد رئيسي ومرتكبي مجزرة عام 1988".

رحمت تبريز

ومن منطقة رحمت تبريز، روى أحد أقارب الضحايا قائلاً: "أنا من أهالي ضحايا مجزرة عام 1988، وأحد أقاربي من منظمة مجاهدي خلق، الذي سجنه الجلادين في يوليو 1988، رئيسي الجلاد الذي أصبح الآن الرئيس الذي نصبه خامنئي، أعمى وأحمق إذا كان يعتقد أن هذه الجريمة ستنسى مع مرور الوقت، وقد وقفنا وسنقف حتى النهاية".

مشهد وأمول

حتى سكان المناطق المقدسة، لم يفلتوا من مجازر النظام الإيراني، حيث روى أحد المعتقلين السابقين شهادته قائلاً: "كنت من المعتقلين السياسيين منذ عام 1981 وحتى 1984، وفي سجن وكيل أباد شاهدت صراخ وتعذيب سجناء من قبل نظام الجمهورية الإسلامية، لقد رأيت حجرًا صحيًا في ذلك السجن، هناك غرف مثل الحجر الصحي حيث يتم أخذ السجناء ليلاً، هم فقط دافعوا عن حريتهم وثبتوا على مواقفهم، تم أخذهم ليلاً للتعذيب والإعدام".

وتابع: "في عام 1982 كان هناك قاضي ديني (قاضي شرع) يدعى محمدي خرم آبادي في أمول، وأعدم في إحدى الليالي 17 شخصاً، وكنت أحد شهود العيان على تلك الحادثة".

مهري حاج نجاد

وألقت مهري‌ حاجی نجاد، وهي سجینة‌ سیاسیة‌ کلمتها خلال المؤتمر نیابة عن السجناء السیاسیین في معسكر أشرف 3، في ألبانيا، حيث قالت: "قتل النظام أربعة من إخوتي، عندما كنت في السجن، حاول المحققون إقناعنا بأننا وحدنا، أشكركم جميعًا على مناصرتكم لحركة العدالة".

وتابعت: "يوجد هنا أكثر من 1000 سجين سياسي سابق، لسوء الحظ، تم قبول عدد صغير في المحكمة السويدية التي تحاكم مجرم النظام حميد نوري، بدأت منظمة مجاهدي خلق الإيرانية حركة العدالة فور بدء مجزرة عام 1988".

وأضافت: "حذر زعيم المقاومة الإيرانية مسعود رجوي على الفور من موجة كبيرة من الإعدامات السياسية في إيران مع بدء المجزرة، ومنذ ذلك الحين أصدرت المقاومة الإيرانية آلاف البيانات وعقدت العديد من المؤتمرات ونشرت وثائق واتخذت إجراءات أخرى لمنع نسيان هذه الإبادة الجماعية".

ضحايا بالجملة من عائلة واحدة

سيما ميرزائي، فقدت 14 شخصاً من أفراد أسرتها في مجزرة عام 1988، على يد النظام الإيراني، وتحدثت قائلة: "اختي خديجة اعتقلت عام 1981 وتعرضت للتعذيب الوحشي لعدة أشهر، لقد ماتت تحت التعذيب".

وتابعت: "أُعدم اخوتي واختي في عام 1988 بعد قضاء سبع سنوات في السجن، قضى شقيقي حسين نصف سنواته السبع في الحبس الانفرادي، وتعرضت أختي معصومة للتعذيب أمام ابنها".

وأشارت قائلة: "قال جلاد النظام أسد الله لاجوردي حينها لوالدي إننا سنحرق جذورك لأن أبناءك من أنصار مجاهدي خلق، كان أحد إخوتي يبلغ من العمر 16 عامًا عندما تم القبض عليه، قال الجلاد لأمي أنني شخصياً أطلقت النار على رأس ابنك".

من جانبها، قالت المعتقلة السياسية الإيرانية السابقة بروين كوهي، إنه وخلال فترة وجودها في السجن، جرى إعدام أكثر من 600 شخص يومياً، ووقعت المجزرة في جميع المدن الإيرانية، ومضيفة: "في سجن داستغرد، عندما عدت من الحبس الانفرادي، فوجئت بقلة عدد السجناء الباقين. تم إعدامهم جميعاً. ألمح الحراس إلى أن جميع السجناء قد أُعدموا.".

من جهتها، قالت المعتقلة السياسية الإيرانية السابقة خديجة اشتياني: "بقيت في السجن لمدة خمس سنوات، في إيفين وغزل حصار، أنا شخصياً رأيت حميد نوري خلال فترة وجودي في السجن، النظام قتل أخي في السجن، كان يبلغ من العمر 19 عامًا فقط عند اعتقاله وإعدامه في عام 1988، تم التخطيط للمجزرة مسبقا، تم تعليق الزيارات العائلية، كما تم نقل السجناء إلى إيفين، ذات يوم، قالوا لنا أن نأخذ أشياء أخي الشخصية لقد تم إعدامه".

بدوره، وفي ذات السياق، قال د. جواد أحمدي، وهو معتقل سياسي سابق: "اعتقلت اختي أشرف أحمدي من قبل قوات الشاه الأمنية، وتعرضت للتعذيب في السجن، ثم أطلق سراحها عام 1979، واعتقلها نظام الملالي مرة أخرى عام 1981 ونقلها إلى سجن إيفين حيث تعرضت للتعذيب الوحشي، تم إعدامها مع سجناء آخرين في مذبحة عام 1988".

وأضاف: "أراد الملالي تدمير ذاكرة مجاهدي خلق بهذه المجزرة، لكن هؤلاء الشهداء منعوهم من ذلك".

أما السجين السياسي السابق نظام مير محمدي، وهو محامي حالياً، فقد قال: "قضيت 18 شهرًا في سجون النظام دون محاكمة، قبل اعتقالي، كمحامي، كنت أتابع القضايا القانونية لأعضاء منظمة مجاهدي خلق الذين اعتقلهم النظام. في سجن جوهاردشت، شاهدت تعذيبًا وحشيًا، بصفتي محاميًا، من واجبي أن أشيد بكل من فقدوا حياتهم وكل السجناء الذين ضحوا بحياتهم. وأشكر كل من يساعد في محاسبة الجناة".

أما المعتقل السياسي السابق آزاد علي حاجي لوي، فقد قال: "تم اعتقالي عام 1984 لدعمي لمنظمة مجاهدي خلق، قضيت عدة سنوات في سجني إيفين وجوهاردشت، خلال مذبحة عام 1988، تم إرسالي ذات يوم إلى لجنة الموت، ثم احتُجزت في ممر الموت، خلال هذا الوقت، قرأ حميد نوري، والذي يُحاكم الآن في السويد، أسماء ثلاثين سجينًا، بمن فيهم بعض زملائي في الزنزانة، علمت فيما بعد أنه تم إعدامهم، بقيت هناك حتى منتصف الليل ثم أعادوني إلى زنزانتي".

وتابع: "قال لي أحد وكلاء النيابة أنه كان يجب أن أعدم وأرسلني إلى زنزانة حيث قيل لي أن أكتب وصيتي، ثم تم إرسالي إلى الحبس الانفرادي، مكثت هناك لمدة 20 يومًا، عندما فتحت الأبواب، حاول حارس السجن تخويفي وأخبرني أنه إذا لم أتخلى عن دعمي لمنظمة مجاهدي خلق، فسأبقى في الحبس الانفرادي حتى أموت. كما أرسلوا مذكرة إلى أسرتي وأخبروها بأنني قد أُعدمت".

أما المعتقل السياسي السابق أبو الفضل محزون، فقد قال: "تم اعتقالي عام 1981، وسُجنت في سجن إيفين وحُكم عليّ بالسجن عشر سنوات. في عام 1986 تم نقلي إلى سجن جوهاردشت وفي العام التالي تم إرسالي إلى قزوين، خلال مجزرة عام 1988، جاء وفد إلى السجن وبدأ في طرح الأسئلة وتفتيش متعلقاتنا، في وقت لاحق جاءوا وأخذوا عدة سجناء ونقلوهم إلى جوهاردشت. علمنا فيما بعد أنه تم اقتيادهم للإعدام".

صدمة دولية

ومن بين الحضور في المؤتمر، كانت هناك شخصيات أوروبية، أعربت عن صدمتها من شهادات المعتقلين السابقين، حيث قال رئيس وزراء بلجيكا في الفترة بين 1999 إلى 2008، غاي فيرهوفشتات: "ما زلت أشعر بالصدمة مما حدث في عام 1988 وذلك لأن الناس لم تكن لديهم فرصة لحماية أنفسهم والهروب من التعذيب، تم حبسهم وحرمانهم من الحرية، وبناءً على فتوى من خميني، تم شنقهم بعد محاكمات قصيرة من قبل لجنة الموت".

وأضاف: "استهدفت مذبحة عام 1988 جيلًا كاملًا من الشباب، من المهم للغاية معرفة أن هذا كله قد تم التخطيط له بشكل مسبق. كل ماحدث كان نتيجة لوجود هذا النظام. دائمًا ما يحاول النظام إسكات أولئك الذين يطالبون بتحسين حقوق الإنسان والحريات بشكل وحشي".

وأشار إلى أنه لم يتم التحقيق في المذبحة رسميًا من قبل الأمم المتحدة ولم يتم توجيه لائحة اتهام إلى الجناة، فلا يزال الجناة يتمتعون بالإفلات من العقاب، بل والأدهى من ذلك أن من يدير النظام اليوم، هم أولئك القتلة، مرتكبي المذبحة.

أما وزير خارجية إيطاليا في الفترة بين 2011 وحتى 2013، جوليو ماريا ترزي، قال: "لا تتعلق المذبحة بماضي هذا النظام فحسب، إنه أمر هام لحاضر ومستقبل إيران، اختار السجناء الوقوف شامخين برفضهم التخلي عن دعمهم لمنظمة مجاهدي خلق".

وتابع: "دعا الكثيرون إلى إجراء تحقيق دولي في مذبحة عام 1988، يتعين على الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إنهاء مقاربته المعتادة تجاه نظام الملالي، فعليه أن يشجع جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على المطالبة بالمساءلة عن جريمة نظام الملالي الكبرى ضد الإنسانية".

واختتم قائلاً: "هناك الآلاف من الناس الذين يتوقعون نهجًا أكثر حزمًا من قبل المجتمع الدولي، وخاصة الاتحاد الأوروبي".

أما القاضي السابق في محكمة الاتحاد الأوروبي، البروفيسور فاليريو م. تشوكا، فطالب بفتح تحقيق في مذبحة عام 1988 للسجناء السياسيين في إيران، مضيفاً: "أعتقد أن حكومة الملالي يجب أن تجيب على أي أسئلة تتعلق بالمذبحة، من يلتزم الصمت عندما يعترف المتهم بالادعاءات، حان الوقت لبدء هذه العملية، لقد حان وقت العمل الدولي".