كمال الذيب
أرسل لي أحد الأصدقاء لقطة مصورة يظهر فيها المتسابق الإسباني دييجو مينتريجا مع زميله المتسابق البريطاني جيمس تيجيل وهما على وشك بلوغ خط الوصول. وكان البريطاني متقدماً طوال السباق، إلا أنه قبيل عدة أمتار من خط النهاية، ذهب في المدخل الخطأ، فما كان من المتسابق الإسباني إلا أن توقف حتى يتمكن البريطاني من الحصول على المركز الثالث...
مظاهرانتشار التفاهة في حياتنا عديدة، إلى درجة تحولت معها هذه التفاهة إلى بنية تطبق على حياتنا من أغلب جوانبها. ويكفي الدخول إلى أهم تطبيقات التواصل الاجتماعي، لتداهمك التفاهة والسخافة والانحطاط، ويصيبك الغثيان من كثرة التافهين الذين يقدرون بالملايين، والفيديوهات والصور الخالية من المعنى والجدوى، والتي يمكن أن تحصل على مليون...
هنالك حاجة ماسة إلى مراجعة لغة ومنهجية خطاباتنا بتجاوز المنطق الإنشائي، والشعاراتي الذي تطغى فيه اللغة على المضمون، والذهاب بدلاً من ذلك، إلى منطق الحجة والتحليل المنطقي للقضايا والموضوعات المرتبطة بحياتنا وحياة العالم، أو عندما نقارب ما تحققه الدّولة -على سبيل المثال- من منجزات وما تواجهه من تحديات وصعوبات، فنحتاج إلى...
عند مقاربة مفهوم المواطنة كمشروع مدنيّ، نجد أن أهم مضامينه وآليات تطبيقه تكريس مبدأي حريّة الانتماء والمساواة في الحقوق والواجبات، ولكن في بعض المجتمعات التي تعاني من الطائفية، قد يشهد هذا المفهوم مفارقة ازدواجية الانتماء، بحيث يغيب فيها الوطن عند أول مواجهة أو أزمة، وقد تنتهي المعركة في الغالب بهزيمة الوطن، كما هو واضح جلي...
كثيرا ما يجري الحديث عن حقوق المواطنة، وهو حديث مشروع تماما في أي دولة تحترم مواطنيها وتتولى رعاية مصالحهم؛ فالدولة من هذا المنظور عليها واجبات تجاه الجميع، ولكن المشكلة أن هذا الحديث غالبا ما ينتهي عند هذه الحدود فقط، من دون الإشارة إلى واجبات المواطنة، باعتبارها عقدا اجتماعيا يقوم على الحقوق والواجبات معا، ولا يمكن أن تستقيم...
* حكاية أولى: قبل عدة أعوام أصدرت مؤسسة الفنون والآداب الوطنية في الولايات المتحدة الأمريكية مجموعة قصائد وأغانٍ كتبها جنود أمريكان، حاربوا في أفغانستان والعراق، وتبنى البنتاغون المشروع وأرسل إلى أرض المعركة شعراء وأدباء لتعليم الجنود كيف يكتبون قصيدة أو أغنية. وقد نشر عدد من هؤلاء الجنود دواوين وقصائد مليئة بالغنائية...
لا أحد ينكر الأهمية البالغة للثورة الاتصالية ودورها في عالم اليوم، وخاصة بعد أن تغلغلت في شتى جوانب حياتنا اليومية. وباتت تشكل جانبا مهما من حياة الناس ومواقفهم وقيمهم. ومع ذلك نشعر أن وسائل التواصل الاجتماعي -وهي الجانب الأكثر تأثيرا ضمن هذه الثورة- قد أدخلت الناس في اشتباك يومي مع ثقافة التعدي وهدر القيم، فيما يشبه حالة من...
استقطب لبنان –بعد الانفجار الدراماتيكي في ميناء بيروت– اهتماماً عربياً ودولياً كبيراً، فهو الساحة العربية التي تتقاطع فيها أغلب الإشكاليات التي يعاني منها العرب، فهو فضاء التنوع والتعايش والتجاذب والصراع في ذات الوقت، ثم إنه فضاء الانهيار الاقتصادي والغضب الشعبي المتصاعد على السلطة، فضلاً عن أنه مخترق بسياسات دولية...
قليلة هي الإسهامات الفكرية التي ترتبط بتحولات الواقع، ولا نقصد هنا الإنتاج الأكاديمي التخصصي لعدد من المشتغلين في الفضاء الأكاديمي، والذي غالبا ما يقدم للحصول على ترقية وظيفية. وهو إنتاج لا ينقطع، ولكنه يبقى حبيس هذا الفضاء، وإنما نتحدث عن الإسهام الفكري في مناقشة الشأن العام السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي اليومي من...
هنالك من يكتب للوطن ومن أجله. وهنالك من يكتبون لذواتهم الفردية أو الحزبية، وهنالك من لا يكتبون إلا عن مصالحهم فحسب. وإذا كان الصنف الأول واضحاً والثاني مكشوفاً تماماً، لأنهما لا يتخفيان ولا يخافان من الإعلان عن نفسيهما، فإن الصنف الثالث هو الأخطر على الوطن والحزب والطائفة والناس أجمعين، لأنه استمرأ اللعب على الحبال، وأتقن لعبة...
تؤكد جميع الدلائل والتجارب في العالم وجود تلازم بين المواطنة والديمقراطية كثقافة وكممارسة، بل يعد هذا التلازم الضمانة الأساسية لاستقرار المجتمعات. وذلك لأن المجتمعات يسودها الاستبداد لا يمكن أن تنمو فيها قيم المواطنة الجامعة. ولذلك فإن استبعاد المواطنة كأساس للتعايش، من شأنه تكريس مصالح ضيقة، ومنع الناس من أن يكونوا أحراراً،...
الكتابة عن مشاعر مبحث مهم ومشروع تماماً، لأنه جزء أصيل ومهم من حياة الإنسان. إلا أن المدهش أن بعض الكتاب – وهم يكتبون عن هذا الموضوع– يجدون أنفسهم في خانة السخافة التي يمكن لهم نشرها في مذكراتهم الشخصية أو في خربشاتهم الخاصة، وليس في الصحف والمجلات. وذلك لأنهم لا يضيفون شيئاً على صعيد الفكرة أو اللغة أو حتى المشاعر الإنسانية....