الكثير من المناسبات الكبيرة تموت عبر الكلام الكثير وعبر الشعارات الكبيرة، فمناسبة كعيد العمال التي يحاول بعضهم أن يعطوها زخماً إنشائياً دون أن يكون لديهم أيّ مشروع ينهض بالعمال فإنهم يعدون من المتاجرين بعرقهم وجهدهم، فإحياء عيد العمال لا يكون بالشعارات والخطابات ولا حتى بالمسيرات، بل هو اليوم الذي يتطلب من المعنيين الاهتمام بحقوق العامل، وبمساعدة كل فرد من أفراد المجتمع ممن يستفيدون من عرقه وجهده وتضحياته.
لا يمكن أن نوهم الناس أن عيد العمال هو اليوم الذي نحتفل فيه مطلع الأول من مايو من كل عام، أو أنه العيد المخصص لمسيرات باردة أو أنه يوم إجازة يرتاح من التعب كل العاملين في البلاد. فعيد العمال هو من أجل الوقوف على أرضية صلبة لمراجعة مستوى الحقوق العمالية وتحسين أوضاع الكثيرين منهم، إضافة إلى أنه العيد الذي يجب أن يكتمل فرحاً حين يعطى العمال كل المميزات التي يستحقونها دون منة من أحد.
عيد العمال ليس يوم تكرم فيه مجموعة بسيطة من العمال من طرف الجهات المعنية «وانتهى الموضوع»، بل هو اليوم الذي يستوقفنا بكل قوة لتثبيت حقوق ومكتسبات العاملين في هذا الوطن، والتأكيد على أن يكون العامل هو الثروة الحقيقية فيه دون سواه، فالعامل هو الرقم واحد في معادلة البناء والعطاء.
في اليوم المخصص لعيد العمال، يجب علينا الإصغاء لهمومهم ومتطلباتهم والاستماع لصوتهم من أجل أن تترجم لحياة تليق بهذه الشريحة المهمة من المجتمع، وحتى نتفاعل مع قضاياهم يجب علينا أن نشركهم في تشكيل القرارات المصيرية المتعلقة بمستقبلهم وبكل ما يتعلق بتحسين أوضاعهم، وأن نطور من عمل النقابات العمالية في مؤسسات الدولة والمؤسسات الخاصة حسب القانون الدولي في مجال العمل النقابي، فالعمال هم رأس مال كل وطن يسعى لأن يحترم يد البناء والمهندس والطبيب والموظف وكل مهنة تستحق أن تكون عنواناً لغدٍ مشرق في وطننا العزيز.
بهذه المناسبة المجيدة يكون من الواجب علينا مراجعة الكثير من التشريعات الخاصة بحقوق العامل البحريني وتطوير التشريعات الملزمة بتطوير مستوى دخله وتنظيم عمله وتأمين عرق جبينه، كما أن من الأهم مراقبة تنفيذ كل البنود والاتفاقات التي سنتها الدولة والنقابات العمالية وكل التشريعات الدولية الخاصة بالعمال من أجل تثبيت أقدامهم بكل فخر واعتزاز، بعيداً عن الخوف والقلق من المسؤول الكبير الذي يستطيع أن يقيل موظفاً بسبب شكوى أو أن يقصيه ويرميه في ذيل العمل بسبب عداوة شخصية معه. هذا الزمن يجب أن يذهب دون رجعة، فالبيئة الآمنة للعمال هي مطلب وطني وأخلاقي وقانوني يجب أن نؤكده في يوم العمال وفي كل يوم من أجل خلق شخصية عمالية قوية تحب وطنها ولا تخاف من مسؤولها المتعجرف مهما بلغ مستوى عملها المتواضع.