بالأمس كشف بعض نواب البرلمان عن استلامهم مذكرة لمقترح تعديل دستوري من جلالة الملك حفظه الله، يقضي بتغيير نص البند «ب» من المادة «105» بنص جديد.

النص معني بتنظيم قانون القضاء العسكري ويبين اختصاصاته في كل من قوة دفاع البحرين والحرس الوطني وقوات الأمن، والتعديل يفيد بضرورة اتخاذ الإجراءات الكفيلة لزيادة درجات الحماية والتمكين للجهات العسكرية ونطاق الأماكن الخاضعة لها، خاصة أن قوة دفاع البحرين تشارك اليوم في عمليات حفظ الأمن على مستوى دول مجلس التعاون، وفي نطاقات المملكة.

التعديل الدستوري يمنح القضاء العسكري اختصاصات تحقق له الحرص على سلامة وهيبة ومصالح كافة الأجهزة العسكرية، إضافة إلى طبيعة هذا القضاء من ناحية مرونة وسرعة التعامل مع القضايا تحقيقاً وحكماً وتنفيذاً وفي أقصر وقت، بما يحفظ للدولة أمنها وسلامتها واستقرارها.

هذا المقترح أجزم بأنه سيحظى بموافقة برلمانية سريعة وجامعة، خاصة أنه يأتي في وقت تحتاج فيه الدولة إلى تعزيز قوة منظوماتها الأمنية، لا من ناحية الاستعدادات والتجهيزات فقط، بل من ناحية صون وحماية أفرادها وضمان حقوقهم أمام القضاء، خاصة فيما يتعلق بعمليات التعرض لهم واستهدافهم.

مثلما تابعنا قبل أيام عملية الاغتيال الغادرة للشهيد البطل الضابط هشام الحمادي، وكيف أن البحرين انتفضت غضباً، وأعني هنا الناس المخلصين لبلادهم وقيادتهم، لا الانقلابيين ولا المتواطئين معهم ولا المنحازين لهم من عناصر مشتغلة بالسياسة أو إعلام أصفر مفضوح، انتفض الناس مطالبين بأن دماء هذا البطل وغيره ممن سبقوه من شهداء الواجب ألا تذهب هدراً، وأن القانون وشرع الله يجب تطبيقهما على القتلة حينما يقبض عليهم.

وفي التعديل أمر يصب في هذا الاتجاه، ويقف أمام من يحاول الدفاع عن القتلة ويسعى إلى تمطيط القضايا لسنوات طويلة في المحاكم الاعتيادية، يقف أمامهم بصرامة تطبيق القانون وبأسرع وقت، وهي مسألة تتأتى في المحاكم العسكرية.

الفارق كبير هنا، فالمحاكم العسكرية تنظر القضايا الحساسة التي تمس أمن الدول، والاعتداءات على رجال الجيش والأمن ومن يخضعون تحت مظلة الجهات العسكرية والأمنية، وحينما تصل لدينا حالات كهذه، فإنه من غير المنصف والعادل أن يتم التعامل معها بنفس آلية تعامل المحاكم العادية، وكأنك تساوي جريمة قتل عادية بأخرى، استهدف فيها رجل أمن أو فرد في الجيش، بتدبير وتنسيق من عناصر مرتبطة بعمليات مضادة للوطن، تدخل في خانة الخيانة العظمى.

فقط أقول انظروا إلى حجم تأثير تنفيذ أحكام الإعدام بحق المجرمين الذين قتلوا رجال الأمن، انظروا لارتياح أهل البحرين من إحقاق الحق وإقرار العدالة، رغم أن التنفيذ جاء بعد سنوات من الجريمة، وتدرجت فيه القضية باختلاف درجات التقاضي وبمستويات درجات المحاكم، فطالت المدة، والناس ينتظرون التنفيذ العادل.

اليوم لابد من بيان صريح وشديد لكل يدٍ آثمة تريد التطاول على أمن البحرين، وتريد التعرض لرجالها عناصر الجيش والشرطة، بأن مثل هذه الأفعال لن تطول مدة تطبيق العدالة وإنفاذ القانون بشأنها، قضاؤنا عادل ونزيه وأنتم تعرفون ذلك تماماً، وبالتالي تستفيدون من درجات التقاضي لإثارة الرأي العام خارج البحرين بالأكاذيب والتلفيقات والفبركات. لكن بالتعديل الجديد قضاؤنا العسكري معني بكل ما هو مرتبط بالتعدي على الدولة في إطار تهم الخيانة العظمى، وبكل ما هو مرتبط باستهداف رجالها البواسل من منتسبي الأجهزة العسكرية والأمنية.

هذه خطوة في الاتجاه الصحيح، خطوة تعزز من قوة أجهزتنا العسكرية والأمنية الوطنية، ومن شأنها حماية وصون حقوق منتسبيها وعوائلهم، وقبل ذلك جرس إنذار لكل من تسول له نفسه بممارسة هذه الأفعال الإجرامية، بأن دم رجال البحرين البواسل لن يذهب هدراً ولن تضيع قضيته، بل العدالة ستطبق والقانون سينفذ وشرع الله فوق الجميع، وبأسرع وقت.

شكراً لجلالة الملك على هذا المقترح بالتعديل الدستوري، والدور عليكم يا نواب للموافقة على التعديل وإقراره ليدخل حيز التنفيذ.