عواصم - (وكالات): أعلن رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال أن منطقة بروكسل ستبقى في حالة تأهب مع إغلاق المدارس ومحطات المترو بسبب تهديدات «جدية ووشيكة» بحصول اعتداءات في العاصمة البلجيكية، بينما ستجري المخابرات والشرطة والأجهزة القانونية مراجعة جديدة للوضع الأمني، فيما يبحث الأمن البلجيكي عن نحو 10 مسلحين في بروكسل ومعهم متفجرات، بينما نفذت الشرطة الفرنسية 800 عملية دهم منذ هجمات باريس التي راح ضحيتها 130 شخصاً، وسط اتهامات للسلطات الفرنسية بالتقصير في درء مثل تلك الهجمات.
وأقرت خلية إدارة الأزمة في بلجيكا الإبقاء على التأهب الأمني بأعلى مستوى في بروكسل، بينما أعلنت السلطات في النمسا، أنها بصدد اتخاذ تدابير مشددة ومزيد من المراقبة ضد إرهابيين محتملين.
والاقتراح الجديد يعطي للشرطة النمساوية حق التعامل مع مثيري الشغب قبل بدء أي مباراة كرة قدم، كما يمكن فرض الإقامة الجبرية أو وضع القيود الإلكترونية للإرهابيين المحتملين.
وقد توقفت قطارات الأنفاق وأغلقت الأسواق في بروكسل، ونشرت قوات كبيرة من الشرطة والجيش بحثاً عن «عدد من المشتبه فيهم». ووسعت السلطات البلجيكية نطاق عملية البحث عن متطرفين أدى وجودهم لوضع بروكسل في أعلى حالات التأهب الأمني حيث يقول مسؤولون إن أكثر من متطرف مازالوا طلقاء في المدينة.
وتمثل بلجيكا محور التحقيقات في هجمات باًريس التي وقعت في 13 نوفمبر الحالي وأدت إلى مقتل 130 شخصا بعد اتضاح صلة المهاجمين ببروكسل وتحديداً ضاحية مولينبيك الفقيرة. وكان اثنان من انتحاريي باريس وهماً إبراهيم عبد السلام وبلال حدفي يعيشان في بلجيكا. وعاد المتطرف صلاح عبد السلام «26 عاماً» المشتبه به الهارب وشقيق إبراهيم إلى بروكسل من باريس بعد الهجمات بفترة قصيرة. ورداً على سؤال إن كان فرض أعلى مستويات التأهب في بروكسل منذ السبت الماضي له صلة بصلاح عبد السلام وحده قال وزير الداخلية جان جامبون لتلفزيون «في آر تي» «للأسف لا».
وأضاف «هذا خطر يتجاوز الشخص وحده. نبحث عن أشياء أخرى ولذلك نتخذ كل تلك الإجراءات المكثفة».
ونقل تلفزيون «أر تي بي إف» عن برنار كليرفايت رئيس بلدة ضاحية تشاربيك في بروكسل قوله إن «اثنين من الإرهابيين» موجودان في منطقة بروكسل يستعدان لتنفيذ هجمات.
وحث محمد عبد السلام - شقيق إبراهيم وصلاح - خلال مقابلة مع تلفزيون «أر تي بي إف» شقيقه صلاح على تسليم نفسه وعبر عن اعتقاده أن صلاح لا يزال على قيد الحياة لأنه غير رأيه في اللحظة الأخيرة عندما كان في باريس.
وقال مركز إدارة الأزمات في بلجيكا وهو هيئة حكومية تقدم المشورة للحكومة بشأن الأمن إن حالة التأهب في بروكسل ظلت عند المستوى الرابع وهو أعلى مستوى الأمر الذي يعني أن التهديد بوقوع هجوم «خطير ووشيك».
وسوف يراجع مسؤولون في المخابرات والشرطة والقضاء حالة التأهب. ومن المتوقع أن ينعقد مجلس الأمن القومي الذي يضم كبار الوزراء لتحديد الإجراءات التي ستتخذ أو الابقاء على الوضع الحالي. ونصح رئيس الوزراء المواطنين بتوخي الحذر دون فزع لكنه قال إن بروكسل معرضة لخطر هجمات منسقة على غرار هجمات باريس.
ودعت بلجيكا المواطنين لتفادي المناطق المزدحمة في العاصمة كما أغلقت المتاحف ودور السينما ومراكز التسوق.
وقال كبير الحاخامين في بروكسل ألبرت جيجي لإذاعة الجيش الإسرائيلي إن المعابد اليهودية في المدينة أغلقت خلال مطلع الأسبوع للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية.
ويتولى جنود حراسة عدة مناطق في بروكسل التي يسكنها 1.2 مليون نسمة والتي تضم مؤسسات الاتحاد الأوروبي ومقر حلف شمال الأطلسي.
ووجهت إلى مشتبه به ثالث أُعتقل في بلجيكا تهمة الإرهاب. وقد عثر على أسلحة في منزله وليس على متفجرات.
وأخيراً، يتواصل التحقيق أيضاً في تركيا، حيث أُعتقل أيضاً بلجيكي مغربي الأصل، هو أحمد دهماني «26 عاماً» للاشتباه في مشاركته في تحديد أهداف اعتداءات باريس.
وبعد 9 أيام على اعتداءات باريس، ما زال الخوف من اعتداءات إرهابية كبيراً. فقد تم تحويل طائرة للخطوط الجوية التركية كانت متوجهة من نيويورك إلى إسطنبول وعلى متنها 256 شخصاً إلى شرق كندا بسبب إنذار بوجود قنبلة. وفي هذه الأجواء، حرص الرئيس الأمريكي باراك أوباما على أن يؤكد حضوره مؤتمر المناخ في باريس، داعياً قادة جميع البلدان إلى أن يحذوا حذوه ليؤكدوا ان العالم لا يخاف من «الارهابيين».
وقال أوباما في كوالالمبور «بالإضافة إلى تعقب الإرهابيين، وإلى المعلومات الفعالة، مع ضربات الصواريخ، وتجفيف مصادر التمويل فإن الوسيلة الفعالة المتوافرة لنا لقتال» تنظيم الدولة «هو أن نقول إننا لسنا خائفين».
وتتواصل التحقيقات في فرنسا لتحديد هويات المهاجمين في اعتداءات باريس، سواء كانوا انتحاريين أم لا، وأيضاً المتواطئين معهم وكيف تمكنوا من تنسيق تحركهم لقتل 130 شخصاً.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، يقوم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بحملة لإقناع القوى العظمى بالمشاركة في معركة فرنسا «لتدمير» التنظيم المتطرف.
وسيستقبل اليوم في الإليزيه، رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لمناقشة موضوع التصدي للإرهاب والوضع في سوريا، ثم يلتقي باراك أوباما بعد غد في واشنطن، وانغيلا ميركل الأربعاء المقبل في باريس وفلاديمير بوتين الخميس المقبل في موسكو.
وتكرم فرنسا هذا الأسبوع قتلاها. وسيتم دفن جثامين الضحايا بداية من اليوم قبل تكريم وطني الجمعة المقبل.
من ناحية أخرى، أعلن مكتب المدعي العام السويسري بدء إجراءات قضائية ضد 33 شخصاً يشتبه بأن لديهم علاقات مع الجماعات المتطرفة، لكن 3 فقط من هؤلاء قيد الاحتجاز حالياً. وصدرت الصحف في سويسرا بعناوين تعكس القلق المتزايد المنتشر في جميع أنحاء أوروبا في أعقاب اعتداءات باريس الأسبوع الماضي وعملية مكافحة الإرهاب المستمرة في بروكسل.
ودعا النائب في برلمان جنيف فنسان ماتر الشرطة إلى تلقي تدريبات على الإرهاب.