من السمات البارزة لدينا نحن الشعب العربي الجليل عندما نبدع في التحدث والشرح ومشاركة السلبيات سواء المحيطة بنا أو البعيدة، والتي لا تمت لنا بصلة، ونحاول جاهدين أن نعيش تفاصيلها بكل جدارة وثقة، أما حلاوة الأمور وجمالها نحاول أن نخفيها بكل ما استطعنا من قوة ونعتبرها أمراً عابراً ولا يجب أن نعير له اهتماماً.
لذا؛ فمن الطبيعي أن نسهب في التكلم بأمور عدة منها؛ السياسية والتي لا نفهم منها شيئاً، الثقافية والتي لا نفقه عنها شيئاً، وأما الاجتماعية والتي هي في الأغلب تحتل قلب الأسد وتشكل لنا كل شيء، أما المواضيع التي تعنى بالشؤون البيئية فنعتبرها من تخصص فئة من الناس الخالين البال، أما المواضيع التي تدور في عالم الاقتصاد والتكنولوجيا فهي بعيدة عن الحسبان ومحصورة فقط بفئة رجال الأعمال والمفكرين، وبالرغم من كل البدائية المعلوماتية التي نمتلكها إلا أننا نعطي الأحقية والحرية لأنفسنا للخوض الحواري بها، وإن كانت أقوالنا تتعارض مع الواقع أو لا تمت له بصلة، ولكن بالنهاية نتكلم ومن دون محاذير إلا ما ندر. إنما موضوع واحد يعتبر الموضوع الشائك مع أنه الأجمل والأرقى والأحلى والأساس لنجاح أي أمر في الحياة وهو «سيرة الحب» عندما يصل حدود الكلام له يشعل الضوء الأحمر ليقلب إلى أسود في أحايين كثيرة ونعتبر أنفسنا خارج مستوى اللياقة والأدب، هذا الأمر الذي نحاول أن نواري أعيينا عنه أو نسمح لأنفسنا من مجرد التفكير فيه أو البوح به!
من يومين وخلال عودتي من العمل كنت برفقة الصوت العذب أسمع أغنية «سيرة الحب» للسيدة أم كلثوم؛ واستوقفتني جملة رددتها أكثر من مرة «يا العيب فيكم يا بحبايبكم أما الحب يا روحي عليه، في الدنيا يا مفيش أحلى، أحلى من الحب»، وإذ بي أنظر إلى التاريخ وأتذكر أن «يوم الحب» ليس ببعيد. وهذا يعني أننا على مقربة من أن نقرأ في الصحف ونسمع في المقابلات الإذاعية اعتراضاً وامتعاضاً لبعض الناس عن هذا اليوم، وأنه يوم تجاري بكل المقاييس، وما هو إلا فكرة غربية مبتدعة وللأسف متبعة من قبل العرب، باعتبار أن كل ما يدور حولنا وما نستخدمه وما نقصده هو صنيع العرب وموقع باسمهم.
وأما مشكلتنا مع الحب.. نعم الحب.. فأنا لا أتكلم عن الحب الأفلاطوني ولا عن الحب المثالي كحبنا للوطن والأرض والشجر بل عن حب الناس بعضهم بعضاً، ففي ظل هذه الضوضاء الذي يعيشها الشعب العربي والمآسي والأحزان والظلم والعدوان من أناس يعتبرون أنفسهم في الدين إخواناً ألم يحن الوقت إلى أن نستيقظ من سباتنا العميق التائه في ظلمة العشوائيات لكي نشغل أنفسنا بما هو نافع ومفيد حقاً.
فنحن يصعب علينا أن نعلن يوماً للحب بغض النظر عن التاريخ مع العلم أن نهجه لابد أن نسير عليه في كل تفاصيل حياتنا، هذا إذا كنا لانزال نعي أن:
الله سبحانه وتعالى.. محبة
الخير.. محبة
النور.. محبة
الأديان السماوية جميعاً تحض على المحبة، والرسل جميعهم كان هدفهم نشر المحبة.
لأنه ما أن وجدت المحبة وجد الأمن والسلام، أليس هذان الأمران أساس وركيزة الاستقرار على جميع المستويات!!