تصدّر الجدل الدائر حول مؤتمر غروزني الإسلامي المنعقد مؤخراً، بعض عناوين وسائل الإعلام وأطروحات المحللين السياسيين ونقاشاتهم المغلقة، إذ جاء هذا المؤتمر في «غروزني» بالشيشان بدوافع من موسكو التي لم تبقي فيها قبل سنوات حجراً على حجر إبان حرب الشيشان!! جاء مؤتمر غروزني -العاصمة الشيشانية- في حضور الرئيس الشيشاني قديروف ورعاية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تحت عنوان «من هم أهل السنة والجماعة؟!..!! ولعل مجمل ما دار من جدل ونقاش حول المؤتمر كان يبحث في سؤال «لماذا استثنى مؤتمر غروزني الخليجيين؟».
وفي قراءة عامة للمشهد، تشاركتها مع نخبة من السياسيين والمحللين والنخب الثقافية في مجموعة مراقبة الخليج وزملاء آخرين، يبدو أن استثناء دعوة رجال الدين من المملكة العربية السعودية خاصة ومن الخليج العربي عامة، يعود للسعي إلى سحب المرجعية السنية من السعودية. هذا من جهة، أما على الجهة الأخرى فيبدو أن هناك محاولة لتعزيز وإبراز ثقل الأزهر ومصر والسيسي وكأن لا وزن لهم إلا بهذا المؤتمر المشبوه!! ثم لا شك في أن المؤتمر على هذا النحو لم يكن يغفل العمل الدؤوب على عزل «الإسلام الخليجي» بعد وصمه بالإرهاب في السنوات الأخيرة، وهو ما يتمثل بعدد من الوصمات تعود لزمن القاعدة ثم «الداعشية» في العالم الإسلامي. كما لا ننسى الاستغلال الروسي لانشغال دول الخليج العربي بالحرب في اليمن، ودورها في سوريا وتوجسها من العراق، والموقف الروسي من ذلك الانشغال أو الدور الخليجي الجديد في المنطقة.
لقد دخلت دول الخليج العربي حرباً باردة على المكشوف مع مجموعة من الدول الكبرى ومنها روسيا مؤخراً، وعلى دول الخليج العربي أن تدير تلك الحرب بجدارة واقتدار وحكمة، ولعل من أهم السبل التي من شأنها أن تفضي إلى ذلك التوظيف الإعلامي والسياسي للعمل على فضح متديني اليوم ملاحدة الأمس «أهدافهم، وسائلهم، خططهم»، إلى جانب توحد علماء الدين في الخليج والرد على الهجوم الشرس الذي شنته أطراف مؤتمر بوتين، فالمؤتمر مؤامرة لتسويق هيكل جديد لأهل السنة والجماعة يرضى ببقاء الأسد وتمدد إيران، يؤكد ما نذهب إليه عدم الإشارة لإيران لا من قريب أو بعيد، لا داعماً للإسلام ولا خطراً على العالم الإسلامي السني، ويأتي قبالة ذلك كله تسويق الطرق الصوفية المسالمة كبديل للإسلام السني الحازم في وجه التقلبات العقائدية.
* اختلاج النبض:
لم يقتصر طموح المؤتمر على تقسيم السنة فكرياً وحسب، بل امتد للعمل على التقسيم المناطقي بضمه كل السنة إلا أهل الخليج، ورغم أهدافه التقسيمية إلا أنه وحد «الإخوان المسلمين» و»السلف» هذه المرة، وخير دليل على ذلك رفض القرضاوي له!!