نستلم يومياً عن طريق أجهزتنا الذكية وعبر مواقع التواصل الاجتماعي العشرات من مقاطع الفيديو، وأخطرها تلك التي تروج لنهج القتلة والإرهابيين. وبدون تروٍّ وتفكير يساهم البعض في ترويج تلك المقاطع ليقدم خدمة دون وعي بنشر أفكارهم وسمومهم وسط المجتمع وبالمجان.
لكن هل فكر أحدنا يوماً من هي الجهة القائمة على إنتاج وتسويق هذه المقاطع ومن يتحمل كلفتها الباهظة؟
وربما بعضها فيه من المغامرة والمخاطر ما لا يحمد عقباه، والتي تصعب على الأشخاص العاديين وغير المدربين مسبقاً بإتقانها والتعامل مع الأجهزة ذات التقنية العالية من أرقى الكاميرات وقد لا تمتلكها دول ولا مؤسسات إعلامية عريقة لتغطي المقطع ذي الثواني والدقائق المعدودات من كل جوانبه.
إن أغلب مقاطع الفيديو الإرهابية التي تصلنا عبر الأثير اليوم هي من مناطق النزاع الساخنة وبالتحديد من العراق وسوريا، وهي إما من إنتاج الدوائر الإعلامية لتنظيم «داعش» و«القاعدة» سابقاً، أو هي من إخراج وتنفيذ الميليشيات التي تعمل بإمرة إيران وكلاهما له غاياته الخفية من ترويج تلك المقاطع الإرهابية!!
فلنبحث أولاً عمن تستهدفهم «داعش» من التعمد ببث مقاطعهم الفيديوية بين الحين والآخر، والتي أصبحت معروفة للجميع ويتمثل أغلبها في تصفية الخصوم إما بقطع الرقاب أو الإعدام حرقاً أو غرقاً أو رمياً بالرصاص مع موسيقى وأناشيد تتغنى ببطولاتهم الزائفة والإسلام ونبيه منهم براء.
والغاية منها بث الرعب في قلوب الأفراد والمؤسسات العسكرية للدول التي تتعامل مع ملف الإرهاب، مما يجعل تلك الدول تفكر ألف مرة قبل إرسال جندها أو مراسليها للتلاحم في معارك برية، والتي هي الفيصل في حسم المعركة والقضاء عليهم بل في اكتفائهم بالحرب الجوية والصواريخ عن بعد، مما يطيل من أمد المعركة ويفسح المجال لتمدد الإرهاب ومجاميعه ويفاقم آثاره!!
أما المقاطع التي تسربها الميليشيات الإيرانية وشبيحة بشار الأسد والحوثيون وأنصار «حزب الله» فلها شأن خطير جداً، فقادة تلك الميليشيات ليسوا من الغباء ليسربوا تلك المقاطع التي ربما قد تدينهم في يوم ما، بعد تخلي الحاضن الإيراني أو الدولي عنهم وتضعهم تحت طائلة القانون والملاحقة الدولية، فيتعمد منتجو تلك المقاطع التركيز على الضحية وإخفاء الجلاد وأغلب تلك الانتهاكات تحصل مع مدنيين عزل، فإما هم من علماء الدين أو من النساء أو الأطفال القصر أو ذي الشيبة.
فما الغاية إذن من بث هذه المقاطع وبهذه البشاعة؟
لقد بحثت في هذا الجانب كثيراً وتبين لي أن الهدف من وراء تسريبها فيه سر عظيم ربما غفل عنه الكثير ويتمثل في: «استثارة عاطفة شباب الأمة المتحمس الغيور على حرمة دينه ورموزه وأهله وتأجيج مشاعرهم وإيصالهم إلى حالة الغليان ثم الاستدراج إلى أرض القتال».
وهنالك ربما البسطاء من خطباء المنابر من يزيد الطين بلة ليوصلوا أولئك الشباب المتحمس دون إدراك إلى نقطة اللا عودة، فسرعان ما يتم تنظيمهم سراً بعد ذلك الشحن لتكوين مجاميع تخرج تحت جنح الظلام إما كوفود سياحية أو دينية لتحط في نهاية المطاف في مناطق قريبة من أماكن النزاع، لينخرط بعدها أولئك المساكين وتحت مسمى «الجهاد» وهم غير مؤهلين له إطلاقاً فيقعون في الفخ، فتتلقفهم هنالك مجاميع مهمتها تدريبهم على عجالة ثم زجهم في أتون المحرقة، وبذلك استطاعت تلك المقاطع الشيطانية أن تفعل فعلها في اصطياد شباب الأمة باستدراجهم ثم نحرهم.
حيث كما هو معلوم أن الحرب اليوم مع إيران هي حرب توسعية ولا تكتفي إيران بإدارتها على أرض العراق والشام واليمن وباقي شباب الأمة خارج سيطرتها، علماً بان خيرة شباب العراق وسوريا قد تم تصفيتهم أو تشريدهم أو احتواؤهم خلال العقد الماضي، والخوف القادم هو على شباب هذه الأمة، والذين هم عنوان قوتها وهذه إحدى الوسائل غير المكلفة لاستدراجهم ثم نحرهم وبأقل الجهد والكلف..
فهل وصلت الرسالة يا معشر الشباب؟
فلنكن في أقصى درجات الحذر سادتي في التعامل مع ما تلتقطه أجهزتنا الذكية ولا نكن مطية رخيصة للأعداء لنساهم في قذف شبابنا في المحرقة الإيرانية والإرهاب.